- 6 نقاط أساسية حرصنا على توضيحها، خاصةً ولاية القبطي والمرأة

- حسن الظن هو أفضل السبل لعلاج تضارب التصريحات بين قيادات الجماعة

- مكتب الإرشاد لم يستأثر بالبرنامج والمكاتب الإدارية أوسع من مجلس الشورى

- لم نتعمَّد حجب البرنامج عن أحد والظروف الشخصية للبعض هي السبب

 

أجرى الحوار: عبد المعز محمد

شهدت الساحة المصرية مؤخرًا ما اعتبره البعض حرب تصريحات بين قيادات جماعة الإخوان المسلمين، خاصةً فيما يتعلق ببرنامج الحزب الذي طرحته الجماعة على عددٍ من الكُتَّاب والمثقفين كقراءةٍ أولى، إلا أنَّ بعضَ قيادات الجماعة قالوا إنهم لم يعرفوا أي شيء عن البرنامج ولم يطلعوا عليه، ومع زيادة التصريحات المتضاربة زادت مساحة الحيرة والقلق عند البعض؛ فأي التصريحاتِ نُصدِّق؟ وهل هناك خلافات مكبوتة داخل صفوف الجماعة؟ وهل هناك مَن يستأثر بصناعة القرار داخل الجماعة؟ وكيف خرج برنامج الحزب للنور؟ وهل وافق عليه مجلس شورى الجماعة؟ وهل ممكن أن تُغيِّر الجماعة من موقفها في النقاط التي أثارها المفكرون والسياسيون حول الحزب؟

 

كل هذه الأسئلة وغيرها طرحناها على الدكتور محمود عزت- الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين- والذي كانت إجاباته كافيةً لغلق كثيرٍ من الملفات التي أُثير حولها الجدل في الفترة الماضية.

 

* وفي بدايةِ الحوار سألنا الأمين العام للجماعة عن التصريحات المتضاربة التي صدرت عن عددٍ من قيادات الجماعة، خاصةً فيما يتعلق ببرنامج حزب الإخوان؟

** عندما يصدر أي تصريحٍ عن أحد قيادات الجماعة، فالأصل فينا حسن الظن ببعضنا، مهما كانت لهجة هذا التصريح، ثم علينا بتبين حقيقة ما صدر من خلال الرجوع للشخص الذي صدر عنه التصريح، خاصةً أن لدى الجماعة قواعدَ عامة متفقًا عليها في مثل هذه الأمور، فهناك قضايا متفق عليها ومحسومة في فكر الإخوان، ومنهج الجماعة فيها أنَّ لكلِّ الإخوان الحق في التحدث فيها؛ لأنَّ الرأي فيها محسومٌ ومعروف.

 

أما القضايا التي تكون محل بحثٍ فإننا نُرجِئ الحديث فيها والتحدث بشأنها حتى يصدر قرارٌ عن الجماعة فيها، فمثلاً إن كان الموضوع فكريًّا أو سياسيًّا أو في أي قضيةٍ فإن مكتب الإرشاد، وهو أعلى هيئة في الجماعة، يُحيله للجانه المختصة لبحثه ودراسته وتقديم الرأي فيه للمكتب، فإن وافق عليه المكتب اعتمده كرأيٍّ للجماعة، وهكذا..

 

* ولكن ألا يمكن أن يحدث تصادمٌ بين صلاحيات المكتب ومجلس الشورى العام مثلاً، أو حتى بين اللجان والأقسام المختلفة؟!

 

 الصورة غير متاحة

الشهيد سيد قطب

** لا يحدث مثل هذا التصادم؛ لأن أجهزة الجماعة تتشاور فيما بينها قبل اتخاذ القرار، وسأضرب لك مثلاً، ففي عام 2005م أُثيرت قضية كتابات الأستاذ سيد قطب سواء من خلال بعض التصريحاتِ لعددٍ من الإخوان أو في المقالاتِ التي كان يكتبها عددٌ آخر، بل وحتى من مذكرات شخصية من عددٍ من الإخوان، فيها أن هناك كلامًا للأستاذ سيد يُكفِّر فيه المجتمعَ باعتباره مجتمعًا جاهليًّا، وأنَّ هذا الكلام كان له تأثير على جماعاتٍ أخرى غير الإخوان أدَّت إلى انتهاجها منهج العنف.

 

وعندما ناقش مكتب الإرشاد هذه القضية قرر إحالتها لقسم التربية؛ حيث إنه القسم المهتم بفكر الجماعة، وللإخوان الذين عاصروا الأستاذ سيد قطب، وخاصةً الذين تعاملوا معه بشكلٍ مباشر، وبعد دراسة مستفيضة للموضوع وافق مكتب الإرشاد، وأعلن المرشد العام الأستاذ محمد مهدي عاكف موقف الجماعة؛ حيث قال إن كلام الأستاذ سيد قطب لم يخرج عن فكر الإخوان، وإن الإخوان عندما بدأ الأستاذ سيد في كتابه أثناء وجوده في السجن كانوا يراجعونه، وقد التقى الأستاذ عمر التلمساني- رحمه الله- الأستاذَ سيد قطب في سجن ليمان طرة، وسأله أسئلةً محددةً، وفي النهاية رأت الجماعة أن الأستاذ سيد قطب لا يحمل فكرًا مخالفًا لتوجهاتِ الجماعة، وأنه يؤمن بما قاله الأستاذ البنا في رسالة التعاليم.. "لا نُكفِّر مسلمًا- أقرَّ بالشهادتين وعمل بمقتضاهما وأدَّى الفرائض- برأيٍّ أو بمعصية، إلا إن أقرَّ بكلمة الكفر، أو أنكر معلومًا من الدين بالضرورة، أو كذَّب صريح القرآن، أو فسَّره على وجهٍ لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحالٍ، أو عمل عملاً لا يحتمل تأويلاً غير الكفر".

 

وقد أضاف الأستاذ عاكف أنه إذا تلقَّى كتابات الأستاذ سيد مَن عنده قسطٌ من العلم أو ميزان سليم فسيستفيد منه استفادةً كبيرة، أما الذين ليس لديهم هذا القسط، فربما يخرجون بجهلهم عن المراد الذي كتبه الأستاذ سيد قطب.

 

 الصورة غير متاحة

الأستاذ حسن الهضيبي

وهذا الموقف من الإخوان ليس وليد عهد الأستاذ عاكف فقط، بل إنَّ كلَّ المرشدين السابقين كان لهم نفس الموقف، وأذكر أنه في سنة 1970م كنتُ مسجونًا في سجن قنا، وقد أرسل لنا الأستاذ حسن الهضيبي- رحمه الله-، وكان مسجونًا في سجن مزرعة طرة بحثه الذي تحوَّل لكتابٍ شهيرٍ وهو "دعاة لا قضاة"، وبعد أن درسنا البحث أثار عندي وعند بعض الإخوان سؤالاً.. هل نقرأ كتب الأستاذ سيد قطب أم لا؟ وبالفعل أرسلتُ بذلك للأستاذ الهضيبي، وجاءنا رد فضيلته بأن نقرأ كتب الأستاذ سيد قطب، ولكن علينا بالضوابط التي جاءت في بحث "دعاة لا قضاة".

 

وهذا الموقف وغيره يدلل على أن الجماعةَ لها موقف واضح من القضايا التي تُعرَض عليها ولا تصدر رأيها إلا بعد الدراسة والتشاور.

 

* هذا ما يتعلق بالقضايا الفكرية.. فماذا عن القضايا السياسية؟!

** المنهج واحد، ولكن المؤسسة المعنية أو القسم الذي يُحال له الموضوع هو الذي يختلف، فمثلاً في موضوع التعددية الحزبية، وحتى تصدر الرسالة الموجودة حاليًا كان هناك بحث من الفقهاء الشرعيين والقانونيين والدستوريين، بل إنَّ مكتبَ الإرشاد في مصر طرح هذا الموضوع على عددٍ من العلماء على مستوى العالم الإسلامي مثل الشيخ فيصل مولوي في لبنان وعدد من علماء وفقهاء الشريعة في الأردن وغيرهم.

 

وكانت الخلاصة التي عادت إلينا في مصر أنَّ التعدديةَ الحزبية مثل تعدد المذاهب في الفقه الإسلامي، وهو ما أشار إليه الدكتور يوسف القرضاوي، وهذا الرأي اعتمده مكتب الإرشاد وأحاله إلى مجلس شورى الجماعة في مصر الذي أقرَّ المبدأ وترك لمكتب الإرشاد تحديد الوسيلة والوقت المناسب لتطبيق هذا المبدأ.

 

فكرة منذ 20 عامًا

* هل أخذ برنامج الحزب نفس هذه الآلية؟

** كما أشرتُ لقد سبق لمجلس الشورى عند إعداد وثيقة التعددية الحزبية الموافقة على المبدأ وترك لمكتب الإرشاد التنفيذ، وبالتالي فإن الفكرة مطروحة عند الجماعة منذ أكثر من 20 عامًا؛ ولأننا لا نعتبر التعددية الحزبية والسياسية مجرَّد تكتيكًا سياسيًّا نستخدمها وقت أن نريد ونرفضها عندما نهوى، فإننا أوضحنا موقفنا من مبدأ التعددية في وثيقةٍ رسمية، وهي مسألة نعتبرها دعوية في المقام الأول، وليست سياسيةً حسب مفهوم بعض المثقفين، ودعوتنا أوجبت علينا استخدام كافة الوسائل لنشرها؛ ولذلك كان التفكير في موضوع الحزب.

 

* هل معنى ذلك أنه أثناء مناقشة فكرة التعددية طُرحتْ قضية حزب الإخوان؟

** عندما أقررنا مبدأ التعددية الحزبية أصبح الحزب وسيلةً مشروعة، وعلينا أن نسعى إليها في المجال السياسي، باعتبار أن هذا المجال أحد مجالات العمل داخل الجماعة.

 

* ولكن البعض يرى أن فكرة طرح الحزب كانت ردًّا متسرعًا من الجماعة للرد على حملة التصعيد الأمني ضد الجماعة، والتي تمثَّلت ذروتها في اعتقال المهندس خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام؟

** بعد خروج الإخوان من السجون في السبعينيات عاد النشاط والعمل في كل المجالات الاجتماعية والسياسية فزاد التفاف الشعب المصري حول الإخوان فأقلق ذلك النظام، ومع بداية التسعينيات واجه النظام الإخوان بالعسف، والسجون منذ عام 1992م، والسجون المصرية لا تخلو من الإخوان، إما من خلال الاعتقالات أو المحاكمات العسكرية، وذروة التصعيد كانت عام 1995م؛ حيث تم إحالة عددٍ كبيرٍ من قيادات الجماعة وأعضاء مكتب الإرشاد إلى المحكمة العسكرية وحصلوا على أحكامٍ قاسية لمددٍ مختلفة؛ ولذلك فإن ربط الإعلان عن برنامج الحزب كردِّ فعلٍ على الاعتقالات كلامٌ غير صحيح، وقرار الإخوان كان واضحًا، وهو إعداد البرنامج وعدم التقدم به للجنة الأحزاب بشكلها الحالي؛ لأنها لجنة لمنع تأسيس الأحزاب.

 

 الصورة غير متاحة

 إضافةً إلى أن برنامج الحزب أو إن جاز التعبير "البرنامج السياسي للجماعة" جاء استجابةً لمطالبِ العديدِ من السياسيين والمثقفين، بل وبعض الإخوان بضرورة أن يكون لنا برنامجٌ يُوضِّح كيف يكون "الإسلام هو الحل" في كلِّ القضايا والمجالات، وهو يعد وثيقةً تُوضِّح فكر ومنهج الإخوان، واستشرافها لمستقبل العمل السياسي في مصر؛ ولذلك رأينا أن نضعه منهجًا أو برنامجًا نعرضه على الأمة؛ ولذلك تمَّ صياغته بهذه الصياغة التي تتكلم عن الأصول والمنطلقات، كما تتحدث عن كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ ولذلك لم نستهدف في البرنامج السياسيين أو الحزبيين فقط، وإنما الأمة كلها؛ لأن هدفنا هو أن يكون للأمة كلها، ولهذا طرحناه على السياسيين والمثقفين وأصحاب الرأي لنستقبل منهم نصائحهم فيما كتبناه مع عدم التخلي عن ثوابتنا وأصولنا.

 

* ولكن هناك من داخل الإخوان مَن يرى أن مكتب الإرشاد، وبالتحديد مجموعة معينة هي التي استأثرت بالبرنامج؟

** هذا ليس صحيحًا على الإطلاق؛ فما حدث أن المرشد العام كلَّف لجنةً بإعدادِ البرنامج، وضمَّت هذه اللجنة عددًا من السياسيين والقانونيين وأصحاب العلم الشرعي، وحصيلة ما أثمرته هذه اللجنة عُرِضَ على مكتب الإرشاد، وعُقدت جلسات خاصة داخل المكتب لهذا الأمر، وكان للمكتب ملاحظات أُعيدت للجنة، فقامت اللجنة بتعديلها ثم عرض البرنامج بعد التعديلات على المكتب مرةً أخرى، وعُقدت جلسات خاصة لأعضاء المكتب لمناقشة هذا البرنامج، ثم كانت هناك ملاحظات أخرى للمكتب بعد هذه الجلسات أخذتها اللجنة، وتمَّ تعديل البرنامج للمرة الثانية ثم عُرِضَ على مكتب الإرشاد الذي أصدر قرارًا بعرض البرنامج على المكاتب الإدارية في كلِّ المحافظات، وهذه المكاتب المنتخبة تضم أعضاء مجلس شورى الجماعة إضافةً إلى قيادات ومسئولي الجماعة في المحافظات.

 

وهو ما يُعيدنا إلى سؤالك السابق بأن مجلس الشورى بهذا الشكل قد وافق ليس على فكرةِ البرنامج فقط وإنما على البرنامج نفسه، وقد كان للمكاتب الإدارية العديد من الملاحظات التي صبَّت عند اللجنة مرةً أخرى، وتم ضم بعضها والاستفادة من البعض الآخر بعد جدولتها وتصنيفها بشكلٍ فني.

 

 الصورة غير متاحة

الأستاذ محمد مهدي عاكف

 ثم صدرت نسخة البرنامج في شكلها الحالي، ووافق مكتب الإرشاد على إرسالها لعددٍ من الكُتَّاب والسياسيين والمثقفين بخطابٍ خاصٍّ لكلِّ شخصيةٍ مُوقَّعة من فضيلة الأستاذ محمد مهدي عاكف، وتمَّ الاتفاق على أن تكون هذه النسخة قراءة أولى وليست نهائية، وطلبنا من هذه الشخصيات أن تُرسل لنا ملاحظاتها، وبالفعل أرسل البعض ملاحظاته لمكتب الإرشاد مباشرةً، بينما فضَّل البعضُ الآخر إبداء رأيه في مقالاتٍ بالصحف أو آراء في وسائل الإعلام المختلفة، وعندما تكتمل لدينا كل الملاحظات سنقوم بعقد سلسلةٍ من جلسات الاستماع والمناقشة المتخصصة للاستفادة من هذه الآراء معتمدين على القاعدة العامة "الحكمة ضالة المؤمن أيما وجدها فهو أحق الناس بها".

 

ولاية القبطي والمسلم

* ما أبرز الانتقادات التي وُجهت للبرنامج؟

** بعدما أرسلنا النسخ لهذه الشخصيات جاءنا أحد أصحاب الفكر الذين نُقدِّرهم، وهو بالمناسبة غير مسلم، وأكد لنا أنه من خلال لقاءاته ومناقشاته مع عددٍ من المفكرين والكُتَّاب والمثقفين، من قبل عرض البرنامج وبعد عرضه أنهم يرون أن الإخوان غير واضحين في عددٍ من القضايا تتعلق بممارسة الديمقراطية، والموقف من الإخوة الأقباط وبعض الموضوعات الأخرى، وعلى أثر ذلك حدد المكتب 6 نقاطٍ تمَّ توضيحها في البرنامج وهي:

- نظام الدولة هل هو رئاسي أم برلماني أم رئاسي برلماني (النظام الفرنسي)

- ولاية غير المسلم لرئاسة الدولة

- ولاية المرأة لرئاسة الدولة

- الموقف من المعاهدات الدولية وتحديدًا من "إسرائيل"

- مجانية التعليم

- الموقف من وضع مجلس الشورى المصري، وهل يُضمُّ لمجلس الشعب ويصبحا غرفةً واحدةً أم يكون له اختصاص ويكون التشريع من خلال غرفتين.

 

وقد عُرِضت هذه النقاط الستة على مكتب الإرشاد، وقرر حسم 5 منها وترك النقطة السادسة لوقتها؛ باعتبار أن الظروف السياسية قد تشهد تغيُّرًا، وكان القرار كالآتي:

 

- في مسألة نظام الدولة اخترنا النموذج الفرنسي؛ أي النظام الرئاسي البرلماني، وهو الأنسب لمصر الآن.

 

- ما يتعلق بولايةٍ غير المسلم لرئاسة الدولة رأينا أنه لا يجوز رئاسة الدولة لغير المسلم، بينما يحق له تولي كافة المناصب الأخرى، وهو ما يدخل في قاعدة "لهم ما لنا وعليهم ما علينا"، وهذا هو إجماع الفقهاء على مرِّ العصور.

 

- وهو نفس الأمر في موضوع المرأة؛ حيث يجوز لها كافة المناصب عدا الولاية العامة المتمثلة في رئاسة الدولة، وهذا هو رأي جمهور الفقهاء على مرِّ العصور.

 

- أما المعاهدات الدولية وخاصةً "كامب ديفيد" فإن موقف الإخوان من المعاهدة لم يتغير، وأن فلسطين ليست ملكًا لشعب فلسطين وحده، وإنما هي ملكٌ لكلِّ العالم العربي والإسلامي، ولا يجوز لأحدٍ أن يتنازل عن شبرٍ واحدٍ منها، أما باقي المعاهدات فنحن نحترمها، وكامب ديفيد مثلها مثل بقية المعاهدات خاضعة لآلية التعديل والإلغاء كما ينص القانون الدولي.

 

- وفي قضية مجانية التعليم كان رأينا أن المجانية تكون حتى نهاية الدراسة الثانوية، ويجب على الدولة توفير الإمكانات للشعب كله، أما المرحلة الجامعية فعلى الدولة أن تُعطي الفرصةَ لأصحاب التفوق العلمي ثم تستعين بمؤسساتِ المجتمع المدني لتحقيق هذا التعليم لبقية فئات الأمة سواء كانت من خلال شركات استثمارية أو وقفٍ إسلامي أو جمعيات خيرية.

 

- وفي موضوع مجلس الشورى فإننا تركنا حسمه للوقت الموجود فيه، وطبقًا لتغير المناخ السياسي.

 

لجنة العلماء

* ولكن ألا ترى أن فكرة هيئة كبار العلماء ترجمة أخرى لولاية الفقيه المعمول بها في إيران؟ وهو ما يعيدنا إلى الدولة الدينية؟

** هذا غيرُ واردٍ على الإطلاق، وارجع للنص الموجود في القراءة الأولى للبرنامج التي تمَّ توزيعها على المثقفين والسياسيين، بل إنَّ هذا الفهم قد استغربه عددٌ غير قليل من المثقفين، وأعتقد أن السبب في هذا الفهم الخاطئ يرجع لعدم وضوح معنى المرجعية الإسلامية لدى بعض المثقفين داخل مصر وخارجها، وكذلك عند بعض الصحفيين الأجانب، وهو ما جعلهم  يتصورون خطأً، أو أن يتعمد بعضهم ترويج هاجس أن هناك فئةً اسمها هيئة كبار العلماء ستكون هي الوصية على المجلس التشريعي، وهي التي ستقرر وترفض التشريعات حسبما تراه.

 

وعلى العموم فهناك أصل اتفق عليه عموم الشعب المصري، وهو أن مبادئ الشريعية الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، وهذا ما أقرَّه الدستور، أما ما جاء في البيان فهو مجرَّد آلية يتخذها المجلس التشريعي ورئيس الجمهورية لتحري تطبيق الدستور، بطلبهم من هيئة ما الرأي الشرعي الراجح، ليعينهم على إصدر التشريع موافقًا لدستور، والمجلس التشريعي وحده- كما جاء في البرنامج- هو صاحب الحق في التشريع، وكل ما اشترطه البرنامج أن تكون هذه الهيئة منتخبة من العلماء، ومدعمة بالمختصين في كل المجالات، وإذا كان مجمع البحوث الإسلامية منتخبًا فإن الإخوان لا يتمسكون باسم هذه الهيئة، فالأمر عندهم سواء كانت هذه الهيئة هي مجمع البحوث الإسلامية أو هيئة استشارية أو هيئة كبار العلماء، فكما ذكرت هذه الهيئة مجرَّد آلية لتطبيق الدستور.

 

وهناك توضيح آخر، وهو ألا ينقض أي تشريع إلا المحكمة الدستورية العليا، وهذا أيضًا ما جاء في البرنامج؛ ولذلك فمسألة ولاية الفقيه غير واردة على الإطلاق في فكر الإخوان بل وفكر كل أهل السنة. 

 

مواقف شخصية

* ولكنَّ هناك عددًا من قيادات الجماعة البارزين أكدوا أن البرنامج لم يُعرَض عليهم بالفعل؟

** كما أشرت فإننا نُقدِّم حسن الظن، ولم يحدث أن استُبعِد أشخاصٌ بعينهم كما يقول البعض، وأعتقد أن مَن يقول إنه لم يطلع على البرنامج فقد يكون ذلك لظروفٍ شخصيةٍ متعلقةٍ به وليس لموقفٍ ضده.

 

* هل هناك موعد زمني محدد للإعلان عن برنامج الحزب بشكلٍ نهائي؟

** لا نستطيع تحديد موعدٍ محدد؛ لأن هذا الموضوع متعلقٌ بردود إخواننا المثقفين والسياسيين الذين أرسلنا لهم نسخة القراءة الأولى، حتى نستطيع الانتهاء من كافة الملاحظات، ويتم صياغة البرنامج بشكلٍ نهائي، وأعتقد أن ذلك قد يستغرق عدة أسابيع.