رسالة الى الاخوان المسلمين فى غرة رمضان

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
اخواني واخواتي الذين هم أحق بنفسي من نفسى .
اخواني واخواتي في الطليعة الصامدة خلف أسوار الطغيان والاستبداد .
اخواني واخواتي الذين لم تمنعهم جراحاتهم واصاباتهم من تقدم صفوف المرابطين في الشوارع يصدعون بالحق .
اخواني واخواتي , ابنائي وبناتي أسر الشهداء , والمحكوم عليهم بالإعدام , وأسر المعتقلين والمطاردين , القدوة في الصبر والاحتساب.
اخواني واخواتي الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما اصابهم القرح , الذين جمع الله قلوبهم علي محبته وطاعته وان باعدت الاسفار والابتلاءات بين اجسامهم .

اخواني واخواتي الذين لحقوا بهذه المسيرة المباركة , يسدون الثغرات , ويتقدمون الصفوف في المسيرات , ممن نعرفهم ومن لا نعرفهم , الذين لا يهينون في الحق ولا يستدرجون للعنف , الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم , فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل .
أيها الاخوة ونحن نتعرض لنفحات الله في هذه الايام المباركة , نحمده أن بلغنا رمضان , وساق الينا فرص العمل الصالح والنضال الثوري , فاللهم اهله علينا بالآمن والايمان , والسلامة والاسلام , والتوفيق لما تحبه وترضى .
الإخوة والاخوات أن أجل نعمة أنعم الله تعالي بها علينا بعد نعمة الإسلام هى الانتماء إلي هذه الجماعة المباركة التي تعلمنا فيها الحق والقوة والحرية، وعرفنا فيها معني الإسلام الصحيح بفهمه الشامل، وتربينا في جنباتها علي قيمه الراقية وآدابه العالية، وارتبطنا مع رجالاتها الكرام بعهد الأخوة والعطاء، والثبات في الشدة والرخاء، وعشنا في ظلالها أفضل أيام حياتنا قرباً من الله تعالي، وارتباطاً مصيرياً بدينه ودعوته، وأصبح من أوجب واجباتنا في هذه المرحلة الدقيقة أن نحافظ علي وحدة هذا الصف وتماسك هذه الجماعة التي نعتقد أنها تمثل حائط الصد المنيع أمام هذه الحرب الضروس علي الإسلام عقيدةً وشريعةً ومنهجاً وحضارةً وتاريخاً ورموزاً، وتمثل النواة الصلبة للمشروع الإسلامي الحضاري العالمي في مواجهة نظام عالمي مادى لا إنساني مازالت الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية تنفرد بقيادته وتحالف معهما القوى الاستعمارية الشرقية والغربية مستغلين الطائفية المهلكة والعرقية المنتنة لتمزيق الامة ونهب ثرواتها .
– ان المعركة الحالية تمثل حلقة من حلقات الصراع بين الحق والباطل , وهى معركة مستمرة متصلة الحلقات وان كانت الحلقة الراهنة من أشدها ضراوة – فالإسلام الحضاري المقاوم للظلم والاحتلال مستهدف بالمحو – واوطانه كذلك مستهدفة بالتفتيت والافشال والاحتلال , وما يحدث هذه الايام في سوريا والعراق وفلسطين هو ما يسعون لتحقيقه في اليمن والخليج وليبيا ومصر انتهاءا بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ان استطاعوا ولن يستطيعوا بحول الله وقوته – ثم بوعي الامة ومقوماتها .
فاحذروا أيها الإخوة من اختزال المعركة في مقاومة الانقلاب، لأن ذلك لا يمثل إلا جزءً منها، أو فصلاً من فصولها، ومقاومة الاستبداد والفساد والتبعية للمشروع الصهيو أمريكي هي الأساس, واحذروا كذلك من اختزال المعركة بتصورها صراعاً بين الإخوان والعسكر، أو بينهم وبين قائد الانقلاب، ولكنها معركة الامة الإسلامية وفى القلب منها الاخوان وكل القوي الوطنية والثورية من ناحية , و من الناحية الأخرى جميع وكلاء مشروع الهيمنة الصهيوني الامريكي في مصر والعالم العربي والإسلامي وقادة العسكر في مصر في القلب منهم.
واحذروا أيها الإخوة من اختزال مفهوم النصر في كسر الانقلاب؛
فالنصر في مرحلة المقاومة هو الصمود والثبات والتضحية والالتزام بالمنهج وعدم الاستدراج للعنف والحفاظ علي وحدة الجماعة والحفاظ علي الثورة والاصطفاف الثوري والحاضنة المجتمعية لها ،
والنصر في مرحلة ازاحه الانقلاب هو تفكيك اركانه وخلع أنياب الفساد وقصم ظهر الاستبداد مع الحفاظ علي وحدة الوطن ومقدراته والشعب ومؤسساته .
والنصر في مرحلة البناء هو نشر الدعوة وترسيخها وتجذيرها، ومشاركة كل القوي الشعبية في أقامة العدل وبناء مؤسسات الدولة – وتعميق قيم الإسلام في كل مناحي الحياة التي تسعي لوحدة الامة الاسلامية ، وكل ذلك يمهد للكرامة التي يريدها الله تعالى للإنسانية جميعا فما جعل الله الناس شعوبا وقبائل الا ليتعارفوا وما جعل اكرمهم عنده الا اتقاهم له ( يأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ) , وما كانت الامه الإسلامية خير امه الا بالإيمان بالله والامر بالمعروف والنهى عن المنكر ( كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو امن اهل الكتاب لكان خيرا لهم ) وما كان رسول الله رحمه لزمان او مكان او قوم بل رحمه للعالمين ( وما ارسلناك الا رحمه للعالمين ).

الأخوة والاخوات اعلموا أن أخوتنا هي سر قوتنا وسبب تنزل رحمات الله علينا ؛ ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ وأمرنا صلي الله عليه وسلم أن “وكونوا عباد الله إخوانا”

ومما تعلمناه في دعوتنا أن : ليست أول القوة هي قوة الساعد والسلاح ولكن أول القوة هي قوة العقيدة والايمان ثم قوة الوحدة والاخوة ثم قوة الساعد والسلاح حينما لا يجدي غيرها . ومما قاله الإمام البنا محذرا لنا (اني لا أخاف عليكم الدنيا مجتمعة- فأنتم بأذن الله أقوي منها ولكني أخاف عليكم أن تنسوا الله فينسيكم أنفسكم أو تنسوا أخوتكم فيجعل الله بأسكم بينكم شديد )
واعلموا أن العدو لا يستطيع القضاء علي المتحابين في الله، وأن أدني درجات الأخوة هي سلامة الصدر وأعلي درجاتها هو الإيثار، فاعتصموا بحبل الله المتين، وتمسكوا بأخوتكم، ووحدوا صفكم، وثقوا بمنهجكم وقيادتكم، وامضوا في طريق ثورتكم , وتعبدوا لله تعالي بممارسة الشوري قولاً وعملاً والرضي بنتائجها، والالتزام بثوابت الجماعة وقرارات مجالسها الشورية وخياراتها الفقهية في إطار السياسة الشرعية والموجودة في وثائق الجماعة وبياناتها الرسمية.
وقوموا بواجب النصيحة بضوابطها الشرعية في ظل الحب والاخوة والتجرد, ولا تعتدوا الا بالتصريحات الرسمية التي تخرج من قيادة الجماعة ومؤسساتها الرسمية .
الاخوه والاخوات
ابشروا بفرحه في كل يوم من ايام رمضان عند ابتلال العروق وذهاب الظمأ وثبوت الاجر ان شاء الله وابشروا بفرحه يوم الفطر حين تكملوا العدة وتكبروا الله على ماهداكم وانتظروا الفرحة الكبرى حين تلقون من قال في حديثه القدسي كل عمل ابن ادم له الا الصوم فانه لي وانا اجزى به.
فيأيها الاخوان ويا ايها المسلمون اجمعون .. الى المساجد تجمعوا في الدروس, واحتشدوا في الفرائض والتراويح والتهجد , قاطعوا الزور واهله ومؤسساته وأجهزة اعلامه ,فان من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجه في ان يدع طعامه وشرابه . وفي كل ما ذكرت طاعة لله ثم تشجيع الناس علي الاصطفاف حول الثورة.
هيا الى الصيام والقيام والصدقة … اوليس الله قد جعل لكم ما تصدقون به ؟ ان بكل تسبيحه صدقه وكل تحميده صدقه وكل تكبيره صدقه وامر بمعروف صدقه ونهى عن منكر صدقه ….. وتعيين الرجل على دابته تتحمله عليها او ترفع له متاعه عليها صدقه وكل خطوه تخطوها الى لمسجد صدقه والكلمة الطيبة صدقه. وفي كل ذلك عبادة لله وتكافل وتعاون ين الثوار والتفاف الشعب حولهم .
شاركوا في الحراك الثوري السلمي لمواجهة الانقلاب العسكري , وابذلوا ما تستطيعون رفضا للظلم والاستبداد ,وطلبا للحرية والكرامة وثقوا في أن الله ناصركم ومعينكم, فلم تخرجوا الا لله وحده .
لعل الله ان يمن على كل صائم بعتق من النار وعلى كل شاهد ليله القدر بعمر في الطاعة هو خير من الف شهر ويعجل المجاهدين في بيت المقدس واكناف بيت المقدس بيوم كيوم بدر , وعلى الثوار في كل وطن بيوم كيوم الفتح ,وعلى الامه جميعا بالعافية بمغفره والاجر العظيم ( فعجل لكم هذه وكف ايدى الناس عنكم ولتكون ايه للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما )
والله أكبر و لله الحمد
القائم بأعمال المرشد العام للإخوان المسلمين