في ذكرى مولد الهدى والنور، والرحمة والإنسانية، يتوجه الإخوان المسلمون إلى الأمة الإسلامية في كل مكان بالتهنئة بهذه الذكرى العطرة ويهيبون بالأمة أن تقتفي أثر نبيها صلى الله عليه وسلم، فهو ينبوع الرحمة، وعنوان الإنسانية الفاضلة، والأخلاق الكاملة، والمثل الرفيعة. فقد جمع الله تعالى فيه ما تفرق في المصطفين الأخيار من خلقه، وختم به كلمة السماء إلى الأرض، وجعله قمة سامقة في كل ما يسعى إليه الفضلاء ويطلبه العقلاء؛ ويكفيه أن الله تعالى مدحه بقوله سبحانه: ﴿َوَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (القلم: 4).


وفي ذكرى مولد الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم يؤكد الإخوان المسلمون تمسكهم بشعارهم الخالد "الرسول قدوتنا" في كل الظروف والأحوال في السراء والضراء، في إدارة الدولة ومقاومة الانقلاب حتى ينتصر الخير وتعود الحقوق إلى أهلها، مقتدين في ذلك بمنهج النبي صلى الله عليه و سلم الذي علم الدنيا كلها كيف يكون العدل في الرضا والغضب، لا يعاقب بلا جريمة، ولا يأخذ أحدًا بجريرة غيره، ولا يشطط في حكمه، ولا يقسو في عقوبته، ولا ينتصر لنفسه، ويعامل عدوه بشرف ومروءة؛ فلا يعرف الغدر إليه طريقًا، ولا تعرف الخيانة إليه سبيلاً، فإذا عاهد كان الوفاء عنوانه، وكان البر والقسط منهجه. وإذا قاتل لا يأخذ على غرة، ولا يقتل طفلاً ولا امرأةً ولا شيخًا فانيًا ولا عابدًا في صومعته، ولا آمنًا في بيته، ولا يهلك حرثًا ولا نسلاً، ولا يبيح سلبًا ولا نهبًا ولا انتهاكًا للحرمات، ولا ترويعًا للآمنين.


كما يقتدون به صلى الله عليه وسلم في بذله الجهد والعرق، وتحمله الجحود والإساءة، وصبره على الأذى الشديد من قومه وهو يسعى بكل ما يستطيع لإخراجهم من الظلمات إلى النور ومن الظلم إلى العدل ومن الفقر والضيق إلى الثراء والسعة حتى هداهم الله به وحوّلهم من رعاة غنم إلى قادة الأمم.
والإخوان المسلمون يناشدون الأمة كلها في ذكرى مولد النبي الأسوة أن يُروا الدنيا بأسرها أن ميراث محمد صلى الله عليه وسلم لن يضيع، وأن نصر الإسلام قادم شاء من شاء وأبى من أبى، "هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ....".


فعلموا أولادكم سنة نبيكم وسيرته المطهرة العطرة، وعلموهم العزة في غير ذل وألا يقبلوا الضيم, ولا ينزلوا أبدًا على رأي الفسدة، ولا يعطوا الدنية في دينهم "لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه".


ولا تنسوا  إخوانكم المسلمين المستضعفين في كل مكان، ولا تنسوهم من دعمكم ودعائكم، وتذكروا أن المسجد الأقصى - مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم – ينتظركم لتحرروه فاعملوا ليوم اللقاء في ساحات النصر في المسجد الأقصى المبارك، حتى تسعدوا باللقاء على حوض النبي صلى الله عليه وسلم لنشرب بيده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبدًا.


والله أكبر و لله الحمد
الإخوان المسلمون

القاهرة: السبت 11 ربيع الأول 1438هـ ، الموافق 10 ديسمبر 2016م