مسلمة- القاهرة:

أريد أن أعرف حكم الدين في استعمال وسائل منع الحمل في بداية الزواج؛ لأني سأتزوج في أثناء الدراسة، وكليتي عملية (صيدلة)، وتتطلَّب مني وقتًا طويلاً، سواء بحضوري الكلية أو بالمذاكرة؛ ما سيؤثِّر في رعايتي لأولادي الرعايةَ الكاملةَ، ولن أستطيع أن أوفِّق بين دراستي والأولاد، وأنا أريد تأجيل الحمل سنةً أو اثنتين حتى أنتهي من دراستي، وخطيبي يتفهَّم ظروف دراستي، ولا يمانع في تأجيل الحمل هذه المدة، وهو صاحب هذه الفكرة حتى لا أُرهق بين الكلية والبيت، والمسافة بين مسكن الزوجية وأهلي سبع ساعات فلن يساعدني أحد في رعاية الأولاد.

 

* يجيب عن السؤال: فضيلة الشيخ: سعد الدسوقي- من علماء الأزهر الشريف:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..
لا ريب أن بقاء النوع الإنساني من أول أغراض الزواج، أو هو أولها، وبقاء النوع إنما يكون بدوام التناسل، وقد حبَّب الإسلام في كثرة النسل، وبارك الأولاد ذكورًا وإناثًا، ولكنه رخَّص للمسلم في تنظيم النسل إذا دعت إلى ذلك دواعٍ معقولةٌ وضروراتٌ معتبرةٌ، وقد كانت الوسيلة الشائعة التي يلجأ إليها الناس لمنع النسل أو تقليله في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم: العزل، وهو (قذف النطفة خارج الرحم عند الإحساس بنزولها)، وقد كان الصحابة يفعلون ذلك في عهد النبوة والوحي ينزل، كما روي في الصحيحين عن جابر: "كنا نعزل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل".

 

وفي صحيح مسلم قال: "كنا نعزل على عهد رسول الله؛ فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهَنا".

 

والامتناع عن الحمل منعًا مستمرًّا لا يجوز؛ لأنه بقطع الحمل يقتل النسل، وهو خلافُ مقصود الشرع من تكثير الأمة الإسلامية، أما منعه منعًا مؤقتًا جائز بإذن الزوج، وألا يكون في ذلك ضرر عليها.

 

ونصيحة أقدمها للزوجين الجديدين، وهي أن شعار الأطباء في هذا المجال دائمًا: "لا تؤجل حمل اليوم إلى الغد"؛ فهم لا ينصحون بتأجيل الحمل للمتزوجين حديثًا؛ خشيةَ أن تكون هناك مشكلة عضوية دفينة لأحد الزوجين تمنع الإنجاب ويتم اكتشافها بعد فوات الأوان، فكلا الزوجين لا يعلم هل هما قادران على الإنجاب أو لا إلا بعد الخوض في التجربة العملية!!.

 

أما إذا استقرَّ الرأي على تأجيل الإنجاب لاعتبارات خاصة بالزوجين كما جاء بالرسالة فيمكن تجنُّب مثل هذه المشكلات المحتملة بإجراء بعض الفحوصات الطبية للزوجين؛ للتأكد من عدم وجود أي مسببات لعدم الحمل.

 

ونسأل الله أن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، وأن يجعلنا للمتقين إمامًا.

 

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.. والله تعالى أعلم.