نشرت صحيفة "إيكونوميست" تقريرًا تقول فيه إن الحكومات في الشرق الأوسط تحولت إلى "هاكرز"؛ حيث وثق الباحثون 100 محاولة قرصنة قامت بها تلك الحكومات.

ويشير التقرير إلى أن هدف الحكومات من تجسسها هو ملاحقة المعارضة والإيقاع بها، مذكرًا بكيفية إيقاع المخابرات المصرية بزملاء ناشطة مصرية؛ حيث اعتقل الأمن المصري في ديسمبر، الناشطة عزة سليمان، وبعد ذلك تلقي زملائها رسائل إلكترونية تحتوي على أمر باعتقالها، لافتًا إلى أن تلك كانت في الحقيقة حيلة، بهدف خداعهم، ودفعهم للكشف عن كلمة السر، حيث تم إرسال الرسائل عندما كانت زميلتهم في التحقيق، حسب ترجمة "عربي"21.

وتلفت المجلة إلى أن الباحثين وثقوا 100 محاولة قرصنة كهذه؛ من أجل الحصول على معلومات من المنظمات غير الحكومية والصحفيين.

ويجد التقرير أن "الحيلة التي تستخدمها المخابرات المصرية ما هي إلا إشارة إلى حالة عامة في الشرق الأوسط؛ حيث تتحول الحكومات إلى (هاكرز)؛ لملاحقة الناشطين، والتنصت، أو وقف الاتصالات المشفرة التي يقومون بها كلها".

وتبين المجلة أن رسالة إلكترونية للناشط في مجال حقوق الإنسان الإماراتي أحمد منصور، تظهر مدى هذه النشاطات، مشيرة إلى أن الرسالة المرسلة له احتوت على "أسرار جديدة" عن تعذيب المعتقلين السياسيين، تقول إنه لو نقر على الرابط لحصل عليها.

ويكشف التقرير عن أنه بدلاً من ذلك، فإن منصور قام بإرسال الرسالة إلى باحثين في الأمن الإلكتروني "سيتزن لاب"، وهو معهد أبحاث كندي، واكتشفوا أن الرسالة لها صلة بـ "أن أس أو غروب"، وهي شركة "صهيونية" تبيع برامج التجسس الإلكترونية للحكومات، إلا أنها تحتوي على مظاهر ضعف؛ حيث إن "زيرو- دي" - وهي برمجيات لم تكن معروفة في السابق-  تسمح لـ"الهاكرز" بمهاجمة "آي فون"، وتحوله إلى جاسوس، مشيرًا إلى أن الباحثين لم يشاهدوا شيئًا مثله، ويعتقدون أن السلاح الإلكتروني كلف حوالي مليون دولار.

وتفيد المجلة بأن الكثير من الحكومات في المنطقة لا تعرف كيفية التجسس على هواتف مواطنيها وأجهزة حواسيبهم، ولهذا تعتمد على هذه التجارة المربحة الناشئة التي توفر لها ما تريد، فشركة مثل "هاكينج تيم"، التي تبيع البرمجيات المتخصصة بالتجسس، تعرضت نفسها للقرصنة عام 2015، لافتة إلى أن هذه الشركة تبيع برامجها للإمارات العربية المتحدة ومصر.

وينوه التقرير إلى أنه تم الكشف عن "فين فيشر"، وهو برنامج للتجسس تبيعه شركه ألمانية في عدد من الدول ذات السجل الفقير في حقوق الإنسان.

وتستدرك المجلة بأنه مع أن الأمن القومي هو السبب الذي تتحدث عنه الحكومات لشراء البرمجيات التجسسية، فإنها عادة ما تستخدم للتجسس على المعارضين، حيث تعرض الناشط الإماراتي منصور لهجمات تجسسية من "هاكينج تيم" و"فين فيشر" و"أن أس أو غروب".

ويورد التقرير أن الناشطين يستخدمون خدمات مشفرة للبحث وإرسال الرسائل، في محاولة للهروب من تجسس الحكومات؛ حيث توفر الخدمات المشفرة طوق أمان لهم، ولا تستطيع الحكومات كسره، أو منعهم من كتابة الرسائل، فتطبيق "تليجرام" المشفر، الذي يستخدمه أكثر من 20 مليونًا في إيران، ولهذا طلبت السلطات الإيرانية من الشركة نقل خدماتها إلى داخل البلاد من أجل مراقبتها.

وتذكر المجلة أنه تم تعطيل خدمة "تور"، وهي شبكة مجهولة، في مصر العام الماضي، وقطعت مصر والإمارات في العام الماضي خدمات "سيجنال"، وهو تطبيق آمن لإرسال الرسائل، منوهة إلى أنه منذ إعلان حالة الطوارئ في أبريل، لاحظ خبراء التكنولوجيا ارتباكًا في خدمات اتصالات مشفرة، مثل "فيس تايم"، و"واتس آب"، و"سكايب".

وبحسب التقرير، فإن الشركات ردت على نشاطات الحكومة، وقامت بتحسين خدماتها وحمايتها، فالشركة التي طورت "سيجنال" ردت بسرعة، بحيث جعلت التطبيق متشابها مع محركات "جوجل "، ولهذا فإنه في حال قررت الحكومات وقفه، فإن عليها أن توقف محرك "جوجل" أيضًا.

وتستدرك المجلة بأنه رغم التكنولوجيا المتوفرة، التي تستهدف البرمجيات التي تخدم الناشطين، إلا أن الجواسيس لا يتسمون بالبراعة في استخدام ما هو متوفر لديهم، وعادة ما يتركون وراءهم بعض الآثار، ويفقدون السيطرة على الأنظمة البرمجية.

وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالإشارة إلى أن انتشار أدوات التجسس يترك أثره المخيف على الناشطين؛ حيث لا يتحدث الناشطون في القضايا الحساسة، إلا بعد إغلاق الهواتف، أو وضعها في مكان آخر.