قالت منظمة "كوميتي فور جستس" (منظمة حقوقية ومقرها جنيف)، إن التقرير رقم (A_HRC_36_31) الصادر من الأمين العام للأمم المتحدة حول قمع الحكومات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في الدورة 36 الخاصة بمجلس حقوق الإنسان، الأربعاء، بمثابة "جرس إنذار جديد لتلك الدول لمراجعة سياساتها القمعية تجاه منظمات حقوق الإنسان والمدافعين عن حقوق الإنسان".

وأضافت –في بيان لها الخميس- أن "قمع وترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر والسعودية والإمارات بحجة محاربة الإرهاب أمر لم ينطل على المجتمع الدولي، ويجب أن تتوقف حكومات تلك الدول عن إلصاق الاتهامات الكاذبة بالمدافعين عن حقوق الإنسان والإفراج الفوري عن المقبوض عليهم وإيقاف القرارات التعسفية بحقهم".

وأشارت المنظمة إلى أن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حذر من أن عددا متزايدا من المدافعين عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم يواجهون انتقاما لتعاونهم مع مؤسسات الأمم المتحدة العاملة في مجال حقوق الإنسان، مؤكدة أن التقرير الأممي يشير إلى أن "الأفراد والجماعات عانوا من أعمال انتقامية وترهيب تتراوح بين حظر السفر، وتجميد الأصول إلى الاحتجاز والتعذيب".

وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أندرو جلمور، أثناء تقديمه للتقرير في الجلسة العامة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، أمس: "إننا بصراحة لا يكفي أن نكون عاما بعد عام مضطرين إلى عرض حالات الترهيب والانتقام التي ارتكبت ضد أشخاص كانت جرائمهم - في نظر حكوماتهم - هي التعاون مع مؤسسات وآليات الأمم المتحدة".

واستطرد "جلمور" قائلا: "إننا ندرك الحالات التي تم فيها اختطاف الأفراد الذين نتواصل معهم أو احتجازهم أو حبسهم انفراديا أو اختفاؤهم"، مؤكدا أن "هناك أيضا العديد من الحالات التي تشمل الاحتجاز التعسفي المطول، فضلا عن التعذيب وسوء المعاملة، مع تعرض بعض الضحايا للتهديد وبعضهم قد تم عصب عينيهم وضربهم".

وتابع جلمور: "التقرير لم يكن شاملا بأي حال من الأحوال، نظرا لأنه يقتصر على الأعمال الانتقامية ضد الأشخاص المتعاونين مع الأمم المتحدة"، مشيرا إلى أن "القضايا التي يشملها لا تمثل إلا جزءا صغيرا من رد الفعل الأكثر عمومية ضد المجتمع المدني، بينما تشكل قضايا أخرى تحديا لسلطات الدولة، ولا سيما المدافعين عن حقوق الإنسان".

ووقعت جميع الحالات التي أبرزها التقرير في الفترة من يونيو 2016 إلى مايو 2017، وشملت أفرادا وجماعات تعاونت مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، واستخدمت إجراءات الأمم المتحدة، وقدمت البلاغات بموجب الإجراءات التي وضعتها صكوك حقوق الإنسان، أو قدمت مساعدة قانونية أو غيرها إلى غيرها أشخاص.

ويذكر تقرير الأمم المتحدة الذي وثق حالات "الانتقام والترهيب من المدافعين عن حقوق الإنسان"، وهو الثامن من نوعه، أسماء 29 بلدا منها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مصر والسعودية والإمارات وإسرائيل وموريتانيا والمغرب وعمان والسودان.

وسلّط مساعد الأمين العام لحقوق الإنسان الضوء على عدد من القضايا التي وقعت مؤخرا بعد الانتهاء من إعداد التقرير، بما في ذلك قضية المحامي المصري إبراهيم متولي، الذي احتجز في مطار القاهرة في 10 أيلول/ سبتمبر الجاري بينما كان في طريقه للقاء فريق الأمم المتحدة العامل المعني بحالات الاختفاء القسري وغير الطوعي في جنيف، ويقال إنه تعرض للتعذيب ولا يزال محتجزا.

وقد نشرت وسائل الإعلام نقلا عن السلطات المصرية أنه تم اتهام أشخاص آخرين في ذات القضية المتهم فيها المحامي إبراهيم متولي بسبب عملهم مع الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري بالأمم المتحدة، وذكرت أنه تم حتى الآن اتهام كل من خالد البلتاجي، وحمدي السيد الدريني، و محمد عبد الجواد، فيما فتحت تحقيقات موسعة من جانب سلطات التحقيق المصرية لضم أشخاص وكيانات أهلية ومنظمات أخرى تتواصل مع الآليات الأممية.

وأشار "جيلمور" أيضا إلى أنه منذ حزيران/ يونيو 2016، تم استجواب أعضاء المجتمع المدني البحريني الذين يحاولون التعاون مع مجلس حقوق الإنسان وآلياته، وتخويفهم، وحظرهم عن السفر، وحتى اعتقالهم أو احتجازهم، ما تسبب في جو من الخوف، لافتا إلى انخفاض عدد ممثلي المجتمع المدني القادمين من البحرين بشكل ملحوظ خلال العام الماضي، وهو ما لوحظ في الدورة الحالية للمجلس.

وأعرب "جلمور" عن قلقه العميق إزاء الوضع الحالي للمدافعة البحرينية عن حقوق الإنسان، ابتسام عبد الحسين علي الصايغ، التي عانت بعد عودتها من جنيف، "تم استجوابها استجوابا مطولا في مطار البحرين، وتم مصادرة جواز سفرها، وبعد بضعة أسابيع تعرضت للضرب والاعتداء الجنسي".

وحثّ التقرير جميع الدول على وقف "الأعمال الانتقامية، والتحقيق في الادعاءات القائمة، وتوفير سبل انتصاف فعالة، واعتماد وتنفيذ تدابير لمنع تكرار الأعمال".