هي إذن نجمة يومياتي هذه الأيام... "بسنت"...

يقولون إنها تشبهني ولم يتأكد لي صحة ذلك إلا بعدما اكتشفتُ أنها- رغم أنها لا تزال تدخل قدمها اليمنى في حذائها الأيسر والعكس- تحب الطبيعة مثلي تمامًا...

ختو.. فوق... فوق... فوق ختو...

(ومن حقكم أن يُترجم لكم النص)!!

(خالتو، عايزة اطلع فوق) هذا ما كانت تريده!.

(فوق) هذه بالنسبة لأهل الريف تُعد جزءًا من الرفاهية، حيث إنه لا متنزهات..

ولا كافيهات، وإنما تتعدد الغيطان (جمع مجازي لكلمة غيط)..

ولمن خطت لنفسها خطا مثلى وادعت التدين ألف حساب إن فكرت في التنزه بين تلك الحقول...!

لذا, فأختصر على نفسي ضربًا وطرحًا وجمعًا كل هذه الحسابات (وأطلع فوق)..

(فوق) مرادف لسطح المنزل..

فبمجرد صعودك على سطح أي منزل في القرية تجد جمالاً متعدد الأوجه..

تحاول جاهدًا أن تتفنن في وصفه فلا تجد إلا كلمات تقول (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) (النمل: من الآية 88)!!

فالشمس تشرق أمام عينيك..

وكذلك غروبها، ويزين جُل البيوت هنا أبراجٌ للحمام..

ومن المدهش أن كل صاحب برج يعرف حمائمه!..

ومن الطريف أنه لمّا كثُرت الأبراج وتوالدت وتكاثرت جموع الحمام

عكفت كل ربة منزل على ما لديها من حمام (لتميزه عن غيره!..).

فقصّت الأولى أظافره اليمنى..

وقصّت الثانية أظافره اليسرى..

ولما لم تجد الثالثة بدًا قامت بربط جناح حمامها برباط بلون معين في أجنحته

حتى تميزه من على بُعد...!!

بديع والله هو الريف..

لكنك تحزن عندما تجد فلانًا قد قرر أن يبنى لابنه (شقة) لأن (الود كبر، وعلى وش جواز)!!

فتجد صعوبة في رؤية الشمس عند شروقها..

وذات الصعوبة تجدها عند غروبها..

ولا تجد لأبراج الحمام أثرًا..!

اللهم إلا من بعض البيوت التي لم ينوِ أبناؤها بعد أن (يُكملوا نصف دينهم..!).

المهم....

أخذتُها.. وصعدنا لسطح المنزل...

وكعادتي مع أي طفل أعشق محاورته..

هنطلع فوق يا سنتا..؟

آه..

فوق فين..؟

فوق..

وهنشوف إيه..؟

وقدرًا وجهتُ لها هذا السؤال وأنا لا زلت أحملها على كتفي في طريقنالسطح المنزل، وفي الطريق عجائب...

ركّز قليلاً..

نظام البيوت هنا قائم على الآتي..

لا بد أن يكون حول كل بيت (سور)، أو جدار،

وأمام كل بيت (شارع)، (نرجع تاني للسور)، غالبًا ما يتم الاتفاق على الآتي:

تتفق العائلتان المتجاورتان على أن يكون سورًا واحدًا مشتركًا بين المنزلين، شريطة ألا تستعمله عائلة دون الأخرى في أي غرض، كبناء حجرة أو حتى وضع أي نوع من الخشب عليه..

وكان من ضمن من اتفق على ذلك أبي و(عمى عبده)!

آه.. نسيت أن أخبركم بأنه من ضمن شروط (السور المشترك) أنك

(تسيب مترين وجارك مترين، وتعيشوا في سعادة انتو الاتنين)، وهذه الأمتار الأربعة ممنوع منعًا باتًا البناء فيها وإلا ستتعرض لـ(قعدة عرب)..

ولما كان (عم عبده) مشتركًا معنا في السور،

ولما كانت (خاله هنيّة) زوجة عم عبده..

فكان من الطبيعي أن ترى بكل وضوح وسهولة وبدون (تسلل) كل الطيور التي تربيها خاله هنية خلف السور!!

(حوالي 15 بطة، و25 فرخة تقريبًا، وديكين على ما أعتقد، ولم يتسن لي التأكد حتى الآن من وجود(وز) من عدمه..

الشاهد (خير ربنا كتير)، فكنت أسأل بسنت

هتطلعي فوق..

آه..

وهتشوفي إيه..

فقالت:

ديك..

وإيه تاني

الديك التاني..!

فرغم وجود خيرات الله أمامها إلا أنها لم تر إلا الديك!!

وكأنها لا ترى إلا ما تريد رؤيته..!

أو أن تفكيرها لم يصل بعد لمعرفة فوائد ما يوجد هناك غير الديك..

فكان أفقها ضيقًا جدًّا بحجم ذاك الديك..!

لم استرسل في سؤالها خشية أن تكون نفس الإجابة.!.

ذكرتني (بسنت) بمن يهاجمون نظرية التوافقي ويناصرون الإسلامي فقط لأن التوافقي توافقي والإسلامي إسلامي!!

وكأن الأسماء قد أعجبتهم ولم ينظروا بعد لأبعاد الموقف..!

طبعًا لا أقصد بهذا جميع من يناصرون الإسلامي، ولا أقصد به كل من يناهض التوافقي، ولا أشير ألبتة لأي مرشح..

لكني أهمس في أذن من يصرّون على أن يكونوا ضد، فقط ليكونوا (ضد)

الذين إذا حاولت إقناعهم يقولون (إحنا ضد التوافقي) وإذا سألتهم: ليه؟

يجيبونك:

(عشان إحنا ضد التوافقي)

طيب يا حج (وسّع) أفقك (شوية) وحاول تفكر..

فيجيبك: (مش عايز توافقي)..

فتحاول إقناعه

فتجده يردد: (إلا التوافقي!)

يا عم وربنا إحنا برضه نفسنا في الإسلامي بس..

فيقاطعك: إنت هترشح إسلامي ولا توافقي..؟!!

أهمس في أذن هؤلاء: ما كانت جماعة الإخوان لتبيع دينها بحفنة من الدولارات أو بعض الرضا من العسكري كما تدّعون
وسيثبت لكم التاريخ- بإذن الله- إن اختيارها ما كان إلا لإرضاء الله ورسوله

فـ(كبّر دماغك شوية.. وحاول تتفهم الموقف الله يكرمك)!

ملحوظة:

"بسنت ما كنتش تعرف إنهم ديكين"!!