- الضبطية القضائية أعطت الحقَّ للصعاليك انتهاك حرمة الإنسان

- الإعلان الدستوري المكمل جريمة تُقيِّد صلاحيات رئيس الجمهورية

 

حوار: إيمان إسماعيل، يارا نجاتي

وسط سخونة الأحداث السياسية والتهابها، لم يكن الشباب فقط- كما يدَّعي البعض- هم الذين يحملون الثورة على أكتفاهم، ويحمونها ويلهبون عواطف ثوارها، بل كان الشيخ الدكتور جمال عبد الهادي الداعية الإسلامي الكبير أحد أكبر علماء التاريخ الإسلامي في مصر والعالم الإسلامي، وهو أحد أعلام دعوة الإخوان المسلمين، لم يغِب يومًا عن مليونية من مليونيات التحرير طوال السنة والنصف الماضية منذ بدء الثورة شعلتها الأولى، بالرغم من كبر سنه الذي تجاوز السبعين عامًا.

 

(إخوان أون لاين) التقى د. عبد الهادي في ميدان التحرير أثناء مشاركته في مليونية "عودة الشرعية"، وأجرى معه هذا الحوار:

 

* بدايةً.. شيخنا الجليل كيف ترى المرحلة الحالية التي تعيشها مصر؟

** نحن على أبواب مرحلة فارقة في حياة مصر والأمة الإسلامية، وتستلزم منَّا الحرص على الثواب والتقرب إلى الله، لنتمكن من إعادة الجيش إلى ثكناته للقيام بدوره الأساسي في حماية حدودنا ضد أعدائنا.

 

* وما أهم المطالب التي خرج من أجلها الثوار في جميع الميادين؟

** أول هذه المطالب أن مجلس الشعب المنتخب هو صاحب الشرعية الحقيقية، ولا بد من رفع يد المجلس العسكري غير الشرعي عنه، بالإضافة إلى رفض تعدي المجلس العسكري على الجمعية التأسيسية للدستور التي انتخبها نواب البرلمان أو محاولة فرض جمعية جديدة غير منتخبة، ولا يمكن أن نبقى في منازلنا، ونرضى بمواد حاكمة للدستور، فالشعب هو صاحب الحق في التشريع، وهو مصدر السلطات.

 

* وماذا عن رؤيتكم لقانون الضبطية القضائية؟

** أشكو وزير العدل الذي أخذ هذا القرار إلى الله، وأقول إنها أعطت الحقَّ للصعاليك في انتهاك حرمة الإنسان المصري، وحرمة دمه، وماله وعرضه وحرمة وطنه أيضًا.

 

* وبما تصف الإعلان الدستوري المكمل الذي قال عنه العسكري إنه ضرورة افترضتها إدارة البلاد؟

** هو جريمة لتقييد سلطات الرئيس، لو يعلمها الشعب فلن ينام ثانيةً واحدةً؛ لأنها تحاصر الشعب بعد 15 شهرًا من الثورة والوصول إلى البرلمان المنتخب والرئيس الذي اجتمعت عليه مختلف الطوائف والقوى الوطنية.

 

لن نعود أحياءً إلى بيوتنا قبل تحقيق المطالب الخمسة لليوم، وعلى المجلس العسكري أن يعترف أنه ليس مسئولاً عن الحياة السياسية وأن يتركها للشعب ولعلمائه للتفاهم بينهم، وسنلقن الخونة درسًا أن مصر بها رجال ولن نُلدغ من نفس الجحر مرةً أخرى.

 

* البعض يقول إن ميدان التحرير فقد تأثيره.. فكيف ترى ذلك؟!

** لا وألف لا.. فميادين مصر كلها رجع إليها الثوار بكل قوتهم، وعاد إليها زخمها الثوري بل أشد، ومَن يحاول نشر مثل تلك الرسائل فهو إعلام الفلول وجنوده التي جيَّشها لتحقيق أهدافه، والتي على رأسها الآن خلق حالةٍ من اليأس لدى الثوار حتى لا يقاوموا، ولكننا نتحداهم ونقول لهم عزيمتنا تقوى ولن تفتر أبدًا حتى تضعفوا وتستسلموا أنتم.

 

فمَن يروج لتلك الروح هو عدو الله، ويريد تحطيم معنويات الشعب المصري، وسنتحد وسنظل في الميادين حتى لا نحقق لهم ذلك أبدًا.

 

* وما عوامل استمرار تلك الوحدة مستقبلاً؟

** العسكري والنظام البائد لطالما عمل على تفريقنا وتمزيقنا إربًا إربًا، وبذلوا من أجل ذلك الكثير، وأقول لهم يا خونة يا مَن لا تتقون الله ولا تراعون مصالح الوطن اتقوا الله.

 

 وأدعو كل الشعب المصري إلى الوحدة ونبذ التفرق تمامًا؛ لأن وحدة الصف فريضة فرضها الله علينا، وإصلاح ذات البين فريضة أيضًا واجبة، ومصر تسعنا جميعًا على اختلاف توجهاتنا وانتماءاتنا.

 

ولا بد من تذكر دماء الشهداء دائمًا وأبدًا لأنها وقود وحدتنا، واستعادة أموالنا المنهوبة في الخارج؛ لأنها شعلتنا الثانية التي توحدنا أيضًا، وكما قال الله عز وجل في كتابه العزيز: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ 21) (المجادلة).

 

فالشعب المصري لن يتفرق لأنه وعى الدرس جيدًا، وأدرك أن المجلس العسكري لا يريد به خيرًا، بعدما انساق خلف شائعاته وتفرَّق، ولكننا وعينا الدرس جيدًا، ولكننا نقول دومًا لا تحسبوه شرًّا لكم بل هو خير، ورب ضارة نافعة.

 

ومن فضل الله علينا أن رسوله الكريم قال: "إذا فتحتم مصر فاستوصوا بأهلها خيرًا، فإن لهم نسبًا وصهرًا".

 

* قرب شهر رمضان وتزامنه مع تلك الأحداث السياسية المتأججه.. فكيف ترى هذا المشهد؟

** أولاً ندعو الله قائلين: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان"، ونتذكر أن الكثير من الغزوات كانت في أواخر رمضان أو عقبها مباشرةً، فغزوة أحد وغزوة الأحزاب، وفتح مكة، كلها استبقها إعداد رباني غير عادي للمسلمين فاستبشروا خيرًا لعل الله أراد أن يعدنا في شعبان على خير عدةٍ وخير حال.

 

ونتذكر قوله عزَّ وجل: (هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11)) (الأحزاب)، وآية أخرى (وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) (الأحزاب: من الآية 22) فشعبان ومن بعده رمضان شهر الاعداد للنصر العظيم، فالله نصر ثورتنا وهو حاميها ، ولكن علينا أن ننفذ نداء الله عز وجل: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ) (الأنفال: من الآية 60)، حتى نأخذ بالاسباب.

 

* وما رسالتك للشعب المصري اليوم وسط هذه الحالة الصعبة التي نمر بها؟

** النصر مع الصبر، والفرج قريب إن شاء الله اصبروا وصابرو ورابطوا واتقوا الله.