أتيحت أمام المصريين فرصة ذهبية للتخلص من تسلط الحكم الجبري عليهم، والمتمثل حاليًّا في النظام العسكري.

 

وتعد ثورة مصر بوابة العبور للمستقبل الجديد داخل دولة مدنية تؤمن بالتداول السلمي للسلطة، وتسود فيها روح القانون على الجميع على حد سواء، وكان الاستحقاق الانتخابي المتمثل في الانتخابات التشريعية والرئاسية خطوة هامة لترسيخ أركان تلك الدولة الجديدة، وقد حان الوقت لأن يوضع كل شيء في نصابه القانوني ويتولى كل صاحب حق منصبه الذي يستحقه، فالتشريع مسئولية البرلمان والتنفيذ مسئولية الرئيس المنتخب، ومن يكلف من حكومة تتولى إدارة البلاد، وهنا ينتهي دور السلطة المؤقتة التي أدارت البلاد وعليها تسليم مهامها فورًا لأصحاب الحقوق.

 

العجيب أنه بعد صبر السنة ونصف تماطل تلك السلطة المؤقتة المتمثلة في العسكري في التسليم وتختلق وسائل غريبة لتمكث جاثمة على صدورنا وقتًا أكثر من الذي تحملناه، وظهر من تصرفاتها الأخيرة عدم نيتها في تسليم السلطة، وتحاول أن توجد لنفسها ذرائع لتمكث مزيدًا من الوقت بلا مبرر، والأولى بها أن تتحمل المسئولية وتعود لوظيفتها الحقيقية في الدفاع الحدودي، وصد أي عدوان يهدد أمن الوطن.

 

السلطة العسكرية لا ترضى بحكم الإسلاميين وهذا شيء مسلم به؛ لذلك تسعى لتصبح دولة فوق الدولة بإجراءاتها غير المقبولة من حل مجلس الشعب والإعلان الدستوري المقيد الذي يفتقد أبسط قواعد الديمقراطية، وهي احترام إرادة الشعب، وقد اختار الناس سلطاتهم من خلال صندوق حر نزيه، ومن ساعتها افتقدت أي سلطة شرعيتها إلا من هاتين السلطتين المنتخبتين.

 

العالم كله لا يعرف إلا تلك الشرعية فلماذا يصر العسكري على تقييد حرية المصريين؟ وقد ثبت للعالم أيضًا سوء إداراتهم للبلاد ووقوع مصر في أزمات كثيرة مفتعلة وغير مفتعلة، فلم يعد أمامها من مفر سوى التسليم الفوري للسلطة وعدم التدخل في أي شأن يخص السياسة سوى المطلوب منهم داخل المنظومة الرئاسية كوزارة الدفاع، وعودتهم لثكناتهم لحاجة مصر لقيامهم بهذا الدور الخطير في ظل الأجواء الملبَّدة على حدودنا.

 

إن تركنا هذه الفرصة، ولم نفعل الضغط بالطرق السلمية عليهم كي يسلموا الرئيس الجديد جميع صلاحياته فسوف يلعننا أبناؤنا وأحفادنا من بعدنا لأننا فرطنا في حقنا وحقهم وحق مصرنا الحبيبة في أن تحيا حرة كريمة دون تسلط جربنا مرارته وبطشه وآلامه، وإن كنا انتزعنا منه جولة الرئاسة فلا نملك محاسبة الرئيس طالما لا يملك ما يمكننا من مساءلته والبحث عن إنجازاته التي قيدها هذا الإعلان الممسوخ وكبل قراراته.

 

الضغط الشعبي دائمًا هو المفتاح لكثير من المغاليق التي نظنها ممنوعة الفتح، فعلينا أن نداوم عليه ونبتكر الجديد منه بما يوصلنا لطريق الاستجابة للمطالب المشروعة.