- لا يوجد شيء يسمى إسقاط الدستور بعد أن أقره الشعب

 

- "إسقاط الدستور" رجعية فكرية ودستورية

 

- "القضاء" بجميع درجاته لا يعرف الطعن على الدستور

 

- محاصرة النائب العام "جريمة" مكتملة الأركان

 

حوار: أحمد هزاع

 

بعدما نجحت ثورة يناير في إسقاط رأس النظام البائد، قرر المصريون استكمال أهداف ثورتهم بإسقاط باقي النظام عن طريق انتخاب مجلسي شعب وشورى ورئيس مدني، فضلاً عن إنهاء المرحلة الانتقالية بكل ما فيها من متاعب عن طريق إقرار دستور مصر الثورة الذي شارك فيه جميع أبناء الوطن على مختلف انتماءاتهم السياسية والفكرية والعقائدية.

 

وبعد أن أكملت الجمعية التأسيسية لوضع الدستور عملها لم يكن لهذا الدستور الخروج للنور إلا بعد التصديق عليه من قبل الشعب وهو ما حدث بالفعل خلال شهر ديسمبر من العام المنصرم وجاءت نتيجة الاستفتاء بنسبة فاقت 64% لصالح الدستور لتعلن اللجنة المشرفة على الاستفتاء إنهاء المرحلة الانتقالية وبدأ بناء مؤسسات الدولة، إلا أنه خرجت علينا دعوات تطالب بإسقاط الدستور من بعض القوى السياسية، وأخرى يتزعمها تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابقة برفع دعاوى قضائية تزعم ببطلان الدستور.

 

"إخوان أون لاين" تعرف على مدى قانونية دعوة تهاني الجبالي لإسقاط الدستور خلال حواره مع ناصر الحافي المحامي بالنقض وعضو لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب السابق، فضلاً عن التعرف على المخرج من أزمة النائب العام وإقحام القضاة في السياسة وغيرها من الأحداث الجارية:

 

يبدي ناصر الحافي عضو مجلس الشعب السابق دهشته من تصريحات تهاني الجبالي بشأن عدم قانونية الدستور، قائلاً: لا يوجد شيء في القانون ولا أحد يقول إن الدستور غير قانوني أو غير دستوري، فأنا لا أعلم من أين جاءت بتلك الدعوات وكيف وصلت لتلك الدرجة من التفكير الذي لا يفكر فيه طالب في كلية حقوق".

 

ويؤكد الحافي أنه لا يوجد شيء يسمى إسقاط الدستور بعد أن أقره الشعب، متابعًا: "المنطق أن القانون أو نص القانون هو الذي يخالف الدستور وليس الدستور يخالف قانون المحكمة الدستورية أو أي قانون آخر"، مشددًا على أن دعوى إبطال الدستور أو إسقاطه بعد أن أقره الشعب في استفتاء شهد بنزاهته الجميع تدل على مدى الرجعية الفكرية والدستورية التي وصل إليها البعض.

 

ويضيف قائلاً: "القضاء المصري بجميع درجاته وفروعه وتخصصاته لا يعرف الطعن على الدستور سواء بالإلغاء أو بوقف التنفيذ وبالتالي فإن دعوة تهاني الجبالي أمام المحكمة الدستورية العليا ضد دستور الثورة بحجة تضررها منه يؤكد جهلها التام بالقواعد الدستورية وأبجديات القانون"، موضحًا أن مشروع الدستور كان محل خلاف من البعض أثناء مناقشته داخل الجمعية التأسيسية وهذا شيء طبيعي في إجراءات وضع مواد الدستور ولكن بعد أن استفتى الشعب عليه ووافق عليه باقتراع سري مباشر فإنه لا يجوز لأي شخص أو هيئة أو سلطة الاعتراض على دستور أقرته الأغلبية من المواطنين.

 

ويشير إلى أن استبعاد تهاني الجبالي من المحكمة الدستورية العليا ليس مخالفة قانونية أو تدخل من قبل السلطة التنفيذية كما تدعي ولكنه تطبيق للدستور الجديد الذي ينص على طبقا للمادة "176": تشكل المحكمة الدستورية العليا من رئيس وعشرة أعضاء، ويبين القانون الجهات والهيئات القضائية أو غيرها التي ترشحهم، وطريقة تعيينهم، والشروط الواجب توافرها فيهم، ويصدر بتعيينهم قرارًا من رئيس الجمهورية" وبالتالي فإن عدد أعضاء الدستورية 11 وليسوا 19 كما كان قبل إقرار الدستور.

 

ويتابع أن المادة "233" تنص على: "تؤلف أول هيئة للمحكمة الدستورية العليا، عند العمل بهذا الدستور، من رئيسها الحالي وأقدم عشرة من أعضائها، و يعود أعضاء الباقون إلى أماكن عملهم التي كانوا يشغلونها قبل تعيينهم بالمحكمة"، وعليه فإن هناك 8 من أعضاء الدستورية سيكونون خارج تشكيل المحكمة وهو ما فعلته هيئة المحكمة وأعادت تهاني الجبالي إلى مهنتها الأصلية وهي المحاماة.

 

ويشدد على أنه لا يوجد منطق لإسقاط الدستور؛ حيث إن الشعب هو أعلى السلطات وهو ما قال للدستور "نعم" في استفتاء شاركت فيه المعارضة وجمعت كل قواها لإسقاطه عبر صندوق الاقتراع ولكنها لم تفلح في استمرار حالة الفوضى واختار الشعب الاستقرار وأقره دستور الثورة.

 

ويري أن لأي إنسان الحق في التظاهر وأن يعبر عن وجهة نظره كيفما أراد والجميع قال كلمته في الدستور الجديد عبر مرحلتي الاستفتاء وعلى الأقلية الانصياع لرأي الأغلبية حتى يساهم الجميع في بناء مصر، مضيفًا أن احترام سيادة الشعب وتنفيذ الدستور الجديد يؤدي بنا إلى دولة الخامس والعشرين من يناير التي تقوم على العدالة والديمقراطية والحرية لنصل في النهاية إلى دولة عصرية متقدمة.

 

كما يشدد على أن الغرض الأساسي من التظاهرات ضد الدستور بعد إقراره هو استنساخ النظام البائد وإفشال الثورة والمؤسسات التي أفرزتها تحقيقًا لمآرب شخصية ضيقة بحجة أن الدستور لا يعبر عن توافق رغم تصويت الشعب لصالحه!!

 

وعن أزمة النائب العام يؤكد ناصر الحافي أن عزل النائب العام الذي عينه الرئيس المخلوع كان مطلبًا ثوريًّا مقترنًا بإسقاط المخلوع ونظامه، وأن الرئيس محمد مرسي استجاب لمطالب الشعب المصري وقام بتعيين نائب عام يحقق مطالب الثورة والثوار خاصة بعد البراءات المتعاقبة لقتلة شباب مصر أثناء الثورة وما بعدها، مضيفا أنه طبقًا للدستور الجديد فإن مدة بقاء النائب العام 4 سنوات فقط على أن يستكمل النائب الحالي مدته بدءًا من استلامه لمهام عمله.

 

ويستطرد: ما حدث من بعض أعضاء النيابة العامة من محاصرة لمكتب النائب العام وصمت المجلس الأعلى للقضاء يؤكد أننا بصدد أزمة حقيقة داخل القضاء، فمع أن المطلب الثاني للثورة هو "الشعب يريد إسقاط النائب العام "لم يتم الاستجابة لهذا المطلب الثوري الجماهيري عن طريق إفساح المجال للنائب العام الجديد لأداء واجبه على أكمل وجه.

 

ويطالب الحافي المجلس الأعلى للقضاء بالتصدي لمحاولات البلطجة التي يقوم بها أعداء النيابة العامة تجاه المستشار طلعت عبد الله، قائلاً: قيام بعض أعضاء النيابة العامة بمنع النائب العام الحالي من دخول مكتبه وإجباره على الاستقالة "جريمة" مكتملة أركانها القانونية وسكوت المجلس الأعلى للقضاء عن التصدي لهم يضعنا أمام سابقة لم تحدث في تاريخ القضاء.

 

أما عن حصار المحكمة الدستورية العليا يقول الحافي إن حصار الشعب للمحكمة الدستورية كما يزعم البعض لم يمنع أي من السادة القضاة سواء رئيس المحكمة أو الأعضاء من الدخول بليل دخول جميع الموظفين بالمحكمة وأيضًا بعض القضاة والمحامين والمتقاضين وبالتالي فإن تبرير حصار النائب العام ردًا على حصار الدستور هو "فرية" من أشخاص لديهم مآرب شخصية ولديهم مصالح من استمرار الفساد.

 

ويستنكر إقحام القضاة في السياسية مثلما يحدث من المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة، قائلاً: ممارسات الزند تدل على أنه ضد ثورة يناير ويريد أن يمارس جميع القضاة على دربه وإفشال المؤسسة القضائية وهيهات هيهات أن يصل إلى هذا المخطط الذي يريده ويتمناه.

 

ويضيف: هذه الأزمة التي افتعلها رئيس نادي القضاة بين الشارع المصري والقضاء المصري الشامخ بممارسته للسياسة أصاب استقلال القضاء في مقتل؛ لأن هذه الأفعال من صفات السياسيين وليس القضاة وغرضها تحقيق مآرب شخصية سياسية لا علاقة للقضاء بها، فلا يعقل أن يهاجم الزند الدستور الذي أقره الشعب ولا يجب أن يهاجم قاض رئيس انتخبه الشعب ويحرض القضاة على الإضراب عن العمل.

 

ويوضح أن الدستور الجديد انتزع من رئيس الجمهورية الحق في تعيين النائب العام وأصبح دوره يقتصر على إصدار قرار بالتعيين من بين الأسماء المرشحة من قبل المجلس الأعلى للقضاء وهذه السابقة الدستورية لم تكن موجودة في دساتير مصر السابقة، مؤكدًا في الوقت ذاته أن المواد الانتقالية في الدستور نفسه تؤكد قانونية موقف النائب العام الحالي ويلتزم بذلك جميع مؤسسات الدولة.

 

وعن الانتخابات البرلمانية القادمة يؤكد القيادي بحزب الحرية والعدالة أن الحزب يمد يده للجميع بما فيها المعارضة؛ وذلك لتوحيد الجهود من أجل المصلحة العليا للوطن، مشيرًا إلى أن التحالفات الانتخابية لم يحددها الحزب بعد ولم يستقر على مرشحيه على مستوى الجمهورية، وجار الانتهاء من التحالفات من خلال قواعد الحزب في جميع المحافظات.

 

كما يضيف الحافي أن حزب الحرية والعدالة يريد التعاون مع جميع الأحزاب والقوى السياسية على مختلف أفكارها ورؤاها، وأن الحزب عكف منذ اليوم الأول لتأسيسه على التعاون مع الجميع وما زال يمد يده لكل القوى الوطنية واضعًا نصب عينه مصلحة مصر العليا وليس تحقيق مآرب حزبية ضيقة.

 

ويقول إن الجميع ينظر إلى حزب الحرية والعدالة على أنه الأخ الأكبر وعليه أن يتحمل الآخرين ويصبر على أذاهم، وإن واقع الحياة النيابية يستوجب أن يتحمل الجميع المسئولية، مؤكدًا أن الإخوان والحرية والعدالة يتحملون الكثير من الأذى ويتعرض لكثير من الهجمات والإشاعات التي لا أصل لها على أرض الواقع ليس لشيء سوى أنهم يحبون وطنهم الغالي مصر.

 

ويري أن المتابع للأزمات التي تمر بها مصر يدرك أن أرض الكنانة تتعرض لحرب شرسة ومؤامرة كبيرة لإسقاطها، لافتًا إلى أن الإخوان تعرضوا لحرق المقرات واستشهد شبابها في سبيل الحفاظ على الشرعية ورغم ذلك لا يؤلمهم التشويه والهجوم لأن من غايته الله عز وجل عليه أن يقدم التضحيات لخدمة مصرنا وأمتنا.