رغم كل ما حدث ويحدث في مصر منذ الانقلاب العسكري الدموي على الشرعية من المذابح والانتهاكات للحريات والحرمات، رغم القتل والحرق والسحل والاعتقال ونهب الأموال وتخريب الممتلكات على يد عصابة الانقلابيين، رغم الكذب والتزييف والتضليل للرأي العام على يد إعلام الانقلابيين الفاجر، رغم قسوة أجهزة الداخلية وبلطجتها وسطوة القضاء الفاسد وجبروته، رغم صمت العالم المتآمر على إضعاف مصر وعدم السماح بنهضتها، رغم كل هذه العقبات والظلمات نرى ضوء الفجر الجديد يربطنا به شعاع الأمل في الحرية والعيش الكريم وتثبتنا على طريقه ثقتنا بربنا وخالقنا الحكم العدل مالك الكون ومصرفه في نصرة الحق ودحر الظالمين وعندنا من البشائر على هذا الفرج القريب الشيء الكثير:

 

فأولها: أن الله الذي كتب لثورة الشعب المصري في الخامس والعشرين من يناير النصر سيكمل هذا النصر لمصر الكنانة التي وصفها سبحانه وتعالى بالأمن (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) ووصفها بخزائن الأرض (اجعلني على خزائن الأرض) ووصفها رسوله صلى الله عليه وسلم بأن فيها خير أجناد الأرض.

 

ثانيًا: أننا نرى فيما حدث محنة تحوط بها المنح فلولا هذه المحنة لما انكشفت السرائر وظهر كل على حقيقته، فيمتاز الفريقان وتختفي المنطقة الرمادية التي اختفى فيها أدعياء الوطنية والمتشدقون بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية فتسقط أقنعتهم ويتضح الوجه القبيح لخداعهم.

 

ثالثًا: صحوة الشعب المصري مرة أخرى لاسترداد ثورته والمحافظة على حريته التي انتزعها بدماء أبنائه واقتناص حقوقه المنهوبة من طغمة الفساد وإقرار حقه الأصيل في أن يكون صاحب الرأي الأول والأخير في بناء دولته يمؤسساتها وأجهزتها والتحرر من التبعية والخضوع، وقد أثبت الشعب المصري صمودًا أسطوريًّا في مواجهة القمع والبطش فأصبح لا يخش الرصاص الحي والحرق بعد الموت أو قبله، كما لم يخش من قبله قنابل الغاز والخرطوش وأصبح لا يبالي بالاعتقال والتعذيب، كما لم يبال من قبل بالتخويف والترهيب، وهذه صفات شعب منتصر إن شاء الله.

 

رابعًا: وصول الانقلابيين الدمويين إلى أقصى درجات الظلم والاستبداد، وهي علامة نهايتهم فلم يصل ظالم عبر التاريخ إلى ما وصلوا إليه إلا قصمه الله العزبز الجبار، فعندما يبذل المضطهدون وسعهم في دفع الظلم ولا يستطيعون؛ تتدخل قدرة الله فتنتقم من الظالم للمظلوم، وهذا ظاهر في تخبطهم وعدم توفيق الله لهم، فتظهر كل يوم لهم فضائح وتنكشف لهم أسرار تنبه الغافلين وتثبت المناضلين.

 

ولربما يكون من أجمل البشائر أن يأتي يوم نصر السادس أكتوبر العظيم موافقًا لأول أيام العشر الأوئل من ذي الحجة لتكون شرارة الانطلاق للثورة الشاملة وكسر الانقلاب الباطل.

 

وأخيرًا لن يكون في كون الله إلا ما أراده الله والله يريد بنا الخير فلعل هذه المحنة تفيقنا ليتدبر كل منا أمره ويصلح ما بينه وبين الله ليصلح الله أحوالنا (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).

--------                                                                                                 

* مصري مقيم بقطر.