أين يذهب الانقلاب بمصر؟

سؤال بسيط تحاول كثير من مراكز البحث في العالم أن تجيب عليه.
ومن المراكز من اهتم بالآثار الاقتصادية ومنهم من اهتم بالمسار  السياسي.
وانظر معي إلى نموذجين محترمين من باحثين بمركزين مختلفين.
 
 
الأول "ستيفن .أ.كوك" :  ففي بحثة المنشور بموقع "مجلس العلاقات الخارجية C.F.R" بعنوان "أزمة الملاءة المصرية" رأى أن مصر مقبلة على إعسار مالي يهدد بانهيار الدولة ووصولها لمرحلة "الدولة الفاشلة"، ويرجع ذلك أساسًا للاحتجاجات التي تملأ الشوارع بالملايين، وعجز العسكر عن مواجهة المسئولية، والبحث رصين ومشوق ودلالات أرقامه لا تكذب ومصادرها كلها مصرية حكومية، وهو ينظر للمشكلة من منظور المصالح الأمريكية، وقد عرَّج على الوضع الحرج للاحتياطي النقدي والبيئة غير المستقرة التي أدت لأسوإ انهيار سياحي، مع انهيار الاستثمار المحلي والأجنبي، وارتفاع الدين العام لأكثر من 100 بالمائة من الناتج المحلي، ثم فصَّل القروض الخليجية (12 مليارًا عقب الانقلاب، ثم تعهدهم بـ8 مليارات مع 2014 بالإضافة لـ8,8 مليارات تقررت في 1990 من مجلس التعاون الخليجي).
 
 
وخلص الباحث إلى نصح أمريكا بالتدخل الشامل لحل المشكلة المصرية؛ حيث يحذر من:
أ-       انهيار مصر سيهدد مصالح أمريكا الاقتصادية بمصر، مثال ذلك شركة أباتشي أكبر مستثمر في التنقيب عن النفط والتي تحاول مواجهة تعثرها دون جدوى.
 
 
ب- تهديد السلاح الأمريكي بزعزعة الموقف المسيطر لأمريكا بالخليج الفارسي (هكذا يقول).
ج- التأثير سلبًا على تحليق الطيران الأمريكي بالأجواء المصرية (!!) في طريقه إلى الخليج.
ء- تهديد أمن "إسرائيل".
 
 
_ وتوصل الباحث إلى روشتة العلاج؛ والتي ستتأكد فيها من حجم الإهانة لأكثر من 90 مليون مصري وهي:
 
1-أنه رغم مصائب أمريكا الاقتصادية فإنه ينبغى أن تحفز الأصدقاء بأوروبا وآسيا على ضمانات قروض لمصر.
 
 
2-تخفيف ديون مصر (47 مليار $).
 
 
3- تشجيع سداد الدين المحلي بيد مصرية عن طريق حسن استغلال الاقراض الخارجي.
 
 
4-محاولة الربط مع السعودية في حل مشكلة الكهرباء.
 
 
5-العمل على إقناع قيادات الكونجرس بضرورة مساعدة مصر رغم تردد الكونجرس في هذا!! وإنشاء مجموعة دولية لمراجعة الأزمات بمصر!!.
 
 
6-دعم القيادات العسكرية المصرية وتأهيلها لمواجهة مرحلة إدارة الدولة لمنع الوصول "للدولة الفاشلة"!
 
 
7-عودة نظام المعونات الغذائية من جديد، والذي كان قد توقف منذ عام 1992!!
 
 
وهكذا نرى أن رؤية الباحث الأمريكي تتلخص في:
 "مصر تتجه للانهيار، وينبغي تدخلنا فيه جراحيًّا حتى لا تنهار مصالحنا بسبب فشل القيادات العسكرية واستمرار رفض الشارع لهم".
 
 
أما البحث الثاني فكان بقلم الكاتبة: "ميشيل دن" ("بمركز كارنيجى للشرق الأوسط) بعنوان (خمسة أسئلة للسيسي رجل مصر الغامض).
 
 
وفي مقدمة طويلة للبحث وصفت فيه المشهد بأمانة باعتباره استقطابًا حادًّا ومظاهرات عارمة فقدت السلطة سيطرتها تمامًا عليها ولجأت إلى كل الانتهاكات الحقوقية، ووقفت في النهاية عند لحظة اقتراب استلام السلطة "للسيسي" وطلبت منه الإجابة على خمسة أسئلة مفصلية وهي:
 
 
1- هل سيقر بأن البلد في حالة صراع داخلي وليس مؤامرات داخلية أو خارجية؟
 
2- هل يصالح المجتمع المدني ومنتقدي حكمه ويحاول أن يكون قائدًا للأمة كلها؟
 
 
3- هل سيحمي حقوق الإنسان ويقيم عدالة انتقالية (لم يلمح إليها في خطابه)؟
 
4- هل سيلتزم بتعددية سياسية للجميع (علمانيين- إسلاميين) كما ألمح بذلك في خطابه؟
 
 
5- ما هي رؤيته للقطاع العام والجبيش والقطاع الخاص في حل مشكلتي الاقتصاد والبطالة؟
 
ولم تلتفت الباحثة إلى أقوال للسيسى لأنها لم تجد رؤية أصلا فى هذا الإطار ، بل تساءلت أسئلة إضافية عن إصلاح دعم الطاقة ، وإصلاح الشرطة الذى طال انتظاره ، وتشككت فى أن هذه الأمور تمثل أهمية حقيقية للسيسى !
 
 
وأخيرا ... كما ترى ، فكل الملفات مفتوحة لأول مرة أمام العالم ، والكلام أصبح على الملأ ، والكل يبحث عن مصالحه ، والجديد هو هذا التشكك فى قدرة السيسى وعسكره  على حماية هذه المصالح ، أو فى امتلاكه أى رؤية لانقاذ البلد.
 
 
_إن الباحثين يشعرون بخطإ كبير فى التدخل المراهق لصالح العسكر ، وسينتقل هذا الشعور إلى الساسة مع الوقت، وإصرار الثوار على الشرعية وكرامة القرار الوطنى جعل خيارات المتآمرين مرة.
 
 
_القمع والتنكيل والقتل بلغوا المدى ، والكذب وتغييب الوعى بلغ الزبى ، وانعدام قدرة  العسكر على قيادة الوطن أصبح مؤكدا ... كل هذا فى 9 شهور فقط ...
 
 
_أرأيت ما فعلته مقاومة الديكتاتورية العسكرية بشجاعة وبلا حسابات السلامة ؟
 
 
هذا هو منظورنا فى قرب انهيار الانقلاب ، فانقلاب مثل هذا من شأنه أن يعمر عقودا لامتلاكه كل أسباب النجاح والدعم الداخلى والخارجى ، لكن المقاومة والصمود والتضحيات أربكت الحسابات ووضع الجميع فى حالة انعدام يقين لايستطيعون حسم مواقفهم رغم انحيازهم الكامل للانقلاب ، وأصبحت المعركة الدائرة على الأرض هى الورقة الرئيسية التى تحدد المواقف.
 
 
-إن انتقال المعركة إلى فصلها الثانى بوصول قائد العسكر إلى الحكم يثبت الخطاب الثورى ويؤكد صدقه.
 
 
-كما أن وصول السيسي للحكم سيمنح الثورة زخما قويا جديدا ، حين يرى الثوار بأعينهم عدو وطنهم ، وحدث بعدها ولا حرج عما سيخلقه هذا من حماسة لإسقاطه.
 
 
مكملين ...
 
لا رجوع ...