ذهبت لأجري معه حوارا صحفيا عام 2011 .. أذهلني تواضعه وكرمه وأدبه وأخلاقه ..كنت قبلها أعرفه كأى تلميذ من تلامذته  قرأ له " المنهج الحركي للسيرة النبوية" .. ها هو ذا  العملاق العلامة المجاهد بنفسه وماله العالم الرباني الدكتور منير الغضبان .. أجلس بجواره .. ونتحدث فى شتى الأمور .. لم أقاطعه مطلقا ليتحدث بكل ما يريد وما يرد بخاطره .. ففيه الحكمة وخبرة سنوات الجهاد والاغتراب ..

كان هادئا متواضعا مبتسما على الدوام .. وكان كلما أتى إلى القاهرة يطلبنى لنجلس سويا ونتحدث فى مستجدات الثورة السورية .. كنت فى قمة الغضب .. وكان هو فى قمة الحكمة .. أخبرنى أن بشار مهما فعل فهو إلى زوال .. وسألنى : أين والده المقبور حافظ الأسد ؟ هل أغني عنه القتل والتعذيب ىشئ ؟ وتابع : لقد قتل حافظ الأسد عشرات الآلاف فى حماة وتدمر .. واعتقل الآلاف وأعمل زبانيته القتل والاغتصاب والدهم والترويع بحق أبناء الشعب السوري .. وأقر قانونا يقضي بإعدام كل من ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين .. أين هو الآن ؟ وهل قضي على الإخوان ؟!

سألته عن  التحاقه بالإخوان .. أجاب بابتسامته الجميلة وكأنه يسترجع شريطا من الذكريات .. سمعت ذات يوم عن زيارة المراقب الأستاذ مصطفي السباعي رحمه الله لقريتنا فخرجت ومعى أطفال القرية لنستقبله لأننا كنا نسمع عنه .. كنت وقتها فى العاشرة .. وقفنا صفا وجاء الأستاذ السباعي وصافح الأطفال .. ثم نظر إلىّ وقال لى ما اسمك ؟ قلت : منير الغضبان .. قال لى : من اليوم أنت من جماعتنا ! ومنذ هذه اللحظة وأنا بالجماعة !

استدعاني ذات يوم ليسلمنى بيانا يخص اتحاد التجمعات الإسلامية المعارضة للطاغوت القاتل بشار الأسد .. ذهبت مسرعا .. حاولت أن أُقبل يده .. أخذ يسحب يده بأدب .. وإزاء إصراري .. فوجئت به يحاول أن يُقبل يدي .. !  صُعقت من أدبه ونبله  وتواضعه .. حاول أن يقدم لى مشروبا .. أقسمت بالله ألا يتحرك وهو مجهد .. واستغرقنا الحديث .. حتى استأذنته فى الانصراف ليأخذ قسطا من الراحة .. كانت تبدو عليه علامات الاجهاد والارهاق .. وقال أنه سيذهب إلى اسطنبول ..

عرفت بعدها بعودته إلى مكة المكرمة .. وعندما التقيت بشقيقه الدكتور ياسين الغضبان أبلغنى أنه مريض .. دعوت الله  أن يشفيه ويخفف عنه ما يعانيه ..

سبقنا العالم الرباني المجاهد الدكتور منير الغضبان إلى دار الحق والبقاء .. رحل يوم الأحد 1 يونيو 2014م عن عمر ناهز 72 عاما .. قضى جلها فى خدمة دينه ووطنه والنداء بالحرية والكرامة الإنسانية .. سلام على منير الغضبان .. حسبنا ما قدمت .. ولقد قدمت الكثير ..