لم نستطع أن نرى الشباب إلا من خلال منظار الحب والإعجاب طيلة الانشغال بالشأن العام، ثم ارتقى الإعجاب والحب  إلى إيمان بهم بعد ثورة 25 يناير ، لكن مما أشفق عليهم فيه أنهم رأو فصلا واحدا من المعركة وهو مشهد الثورة على الظالم الذى لم يشعروا بظلمه إلا قليلاً، لذا حين ثار الباطل على ثورتهم  دخل بعضهم  فى حالة إحباط وجلد ذات، بل وتصوروا أن الطريق كانت خاطئة ، سواء طريق الثورة أو طريق الدعوة.

 

- لم يعش الشباب فترة السبعينيات حين لم يكن بمصر نواة للثورة ، وظلت الحركة الإسلامية تحشد وتربى وتقاوم حتى أصبحت لدى مصر هذه النواة الصلبة .

 

- لم ير الشباب ماذا فعلت الحركة الإسلامية فى العقود الثلاثة الأخيرة لذلك يتندر بعضهم على ثمانين عاما من الجهاد ثم تقع الحركة فريسة للمؤامرة ! ، وهم لم يدركوا أن الوطن محكوم بالعسكر منذ محمد على ، وأن تنشئة طليعة للمواجهة تؤرق الاستبداد هو إنجاز هائل فى شعب سيطر العسكر على عقله ، وحافظوا عليه نهبا للجهل والمرض والخوف...فما بالك بأن هذه الطليعة تثور فى وجوههم الآن؟

 

 - فبعد أن واجه الجيل الأول الاستعمار والتبشير والعلمنة وتقنين الرذائل ، جاء الجيل الثانى من الحركة الإسلامية بعد صحراء هزيمة ناصر ، وحاول بكل الأشكال أن يصل إلى غايته ، فمنهم من حاول الانقلاب (الفنية العسكرية) ومنهم من حاول المواجهة المسلحة (الجهاد والجماعة الإسلامية) ومنهم من اختار العلم الشرعى (الدعوة السلفية) ، ومنهم من إختار الدعوة الشاملة (الإخوان) ، بجوار الجمعيات الإسلامية الموجودة سلفا مثل الجمعية الشرعية وأنصار السنة وجماعة التبليغ .

 

_عمل الإسلاميون فى أجواء استغراب شعائر الإسلام من المسلمين أنفسهم والاستنامة على ما يريده الحاكم ، فكانت كل حكومات الأمة ضد كل أهداف الحركة الإسلامية ، فلا وعى ولا ضمير ولا عدالة ، ولا حرية ولا حتى رغيف عيش .

 

_أخطأت الحركة الإسلامية وأصابت ، لكنها نجحت فى إعداد نفسها كحجر البناء الأول  لتستعيد أمتنا يقظتها .

 

_لا مجال للسخرية ولا لجلد الذات ولا للكفر بضرورة استهداف إصلاح الوطن على منهج الإسلام .

 

- يستكمل شبابنا نضجهم حين يعرفون مواقع أقدامهم ، فيفرقون بين الرأى والتفيث ، بين الكتابة والدراسة ، ولا يطلقون لألسنتهم العنان بآراء غير مدروسة ، فالدعوة التى تأسست بعلماء ومجاهدين وخبراء ليست هزلا ولن تقتلعها قوة أو تهزمها ، والصدامات التى تواجهها والمعارك التى تخسرها ليست ختام المعركة ولا نهاية الحرب.

 

والآن يجب على شباب أمتنا أن يعلم أن الحركة الإسلامية بأطيافها قد قررت بلا رجعة :

أولا :الاستمرار فى مقاومة الانقلاب :

فقد يعتاد شبابنا أن يسمع كلمات الثبات والقوة من القيادات والشباب الذين يحكم عليهم بالإعدام والمؤبد ، لكن هذا الاعتياد يجب ألا ينسينا أننا أمام نبتة قوية وجيل يتمتع بخصال فريدة تؤهله للصمود والمواجهة العنيدة ، وهذا نصر بذاته ، وعليهم أن يقارنوا كيف انهارت ثورات وحركات تحررية بقتل زعيم أو تشريد أتباع ، فى وقت تصمد فيه ثورتهم رغم التضحيات الهائلة.

 

- وعلى الجميع ألا يضيق بطول زمن المواجهة ؛ فلقد دخلت الثورة فى معركة استنزاف، والوقت ضد أحلام الطغاة مادمنا صامدين ، ولنتذكر أننا فى معركة استنقاذ أمة ولسنا فى انتخابات اتحاد طلاب !!

 

- لذا فهو وقت الجهاد ،بجانب الاقتراحات وتداول الرأى فى كيفية إنجاح الحراك الثورى ، وتبادل نشر القيم العليا للثورة ، وعدم الانشغال بالتفاهات بزعم نقد الذات ، فالنقد الحقيقى هو المصحوب بالرؤية ، و كلٌ حسب قدرته وتخصصه ، وهنا يأتى دور القيادات فى الاستجابة المخلصة والمرونة فى تعديل المسار وفق مجمل الآراء.

 

ثانيا :شمول الحركة وتنظيمها :

  لن تتنازل الحركة الإسلامية عن الشمول فى حركتها وأهدافها ، فلا يطلبن أحد منها ترك الواقع السياسى لصالح العمل الخيرى والمسجدى أو العكس، فلقد شبت الدعوة عن الطوق وتقدمت بأهدافها ولن تتراجع ، والحركة الإسلامية ليست نابعة من أهواء ولا مصالح حتى تتراجع عن قيمها مع أى مواجهة مهما كانت شدتها.

 

- إن الحزن العميق من غلبة الباطل الآن ، أو من عدم اغتنام الفرصة ، أو من أخطاء مرحلة الحكم ، لا ينبغى أن يهز لنا قناعات مركزية ، وإن كان ينبغى أن يدشن مراجعات فى منهج التعاطى مع الأحداث ، والمعركة دائرة الرحى ، فلا ينبغى إيقاف حركة العمل ، كما لا ينبغى إتخاذ العمل ذريعة لعدم المراجعة.

 

- كذلك فإن "العمل المنظم" قرار نهائى ، وستظل الحركة الإسلامية بجميع أطيافها تؤمن (بالجماعة) وكل من يريدها (تيارا) بلا تنظيم عليه أن يقدم اجتهادا شاملا فى كيفية مواجهة "تنظيم العسكر" ب "تيار قيمى" غير منضبط.

 

- لقد كانت أمنية مبارك الدائمة (فكوا التنظيم)  وسترون كيف سنرحب بكم فى أعلى السلطات !..تماما كما يطلب بعض المنهزمين ، أو غير الدارسين .

 

إن الحركة الإسلامية بمصر هى النواة الحقيقية لإشعال ثورة ضد العسكر ، وهم اللبنة الأولى المرشحة لحمل البناء ، وكل أطياف الخير بالمجتمع لا يمكنها الاستغناء عن الحركة الإسلامية ، وواجب على الأخيرة أن تفتح الطرق للتعاون المثمر مع جميع المخلصين .

 

_نحن لا نهزل ولا نرتبك ولا تفزعنا ضربات العسكر فقد اعتدناها ، وعرفنا كيف نمتصها ونتغلب عليها ، وسيعلم شباب الثورة مع الوقت أنهم يسيرون فى أرجى الطرق وصولا  إلى نصرة الحق.

 

مكملين ...

لا رجوع ...

----------

[email protected]