لم تر مصر من قبل حربا على الشعائر وبخاصة الصلاة كما ترى الآن وتعيش، ولا حتى في أعتى عصور الاستبداد والتسلط والفرعونية، ولا عصور المراقبات الأمنية والتحكمات المخابراتية .. إننا نعيش في عهد الانقلاب التضييق على الناس في شعائرهم الدينية بل حربهم فيها كما لم نعش من قبل!

فهذا وزير أوقاف الانقلاب "الأمنجي" بامتياز يخرج على الشعب المصري مشددا على التعليمات التي تأتيه من مطبخ الأمن ومؤسساته المختلفة التي يسيطر عليها الرعب والفزع، بمنع أي خطيب ليس أزهريا من الخطابة، ومنع أي أزهري ليس معه تصريح من الأمن، وتنشر التعليمات في المساجد على أنها تعليمات الأمن، هكذا بكل وقاحة، ثم يقول هذا الوزير الخاسر لدينه ودنياه وآخرته: إنه يمنع منعا باتًّا أن يُدعى على الظالمين في المساجد، أو تقرأ الآيات القرآنية التي تخص الظالمين بالهلاك والبوار في الصلوات، وكذلك فإن صلاة العشاء مع التراويح في رمضان لا تتجاوز الأربعين دقيقة، يعني لو افترضنا أن بين الأذان والإقامة ربع ساعة، وصلاة العشاء تستغرق عشر دقائق، فلن يتبقى لصلاة التراويح سوى ربع ساعة، ولا أدري كيف يصلي المسلمون إحدى عشرة ركعة في خمس عشرة دقيقة؟!!

ثم الأهم من ذلك – وهو لم يمر في تاريخ مصر الأوقافي – منع الصلاة في المساجد الكبرى، مثل: مسجد القائد إبراهيم في الإسكندرية، ومسجد الحصري في السادس من أكتوبر، ومسجد الفتح في رمسيس، ومسجد النور بالعباسية، ومسجد رابعة العدوية بمدينة نصر!!

وإذا كنا نتفهم منع صلاة الجمعة في الزوايا الصغيرة لأسباب مشروعة لا يمنعها الشرع، فكيف نتفهم منع الصلوات وبخاصة التراويح في المساجد الكبرى؟! لا شك أن من يفعل هذا يبوء بقول الله تعالى: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ". سورة البقرة: 114.

ثم إمعانا في التضييق على الناس وحربهم في عبادتهم يمنع الاعتكاف منعا باتا إلا إذا كان مع إمام من أئمة الأوقاف، يعني ممن ترضى عنهم المؤسسات الأمنية، ولا يجوز لأحد أن يعتكف إلا في مسجد الحي الذي يعيش فيه، ولا يزيد عدد المعتكفين على عشرة أفراد!!

إننا لا يمكننا أن نفهم هذه التعليمات الأمنية التي لا يسع الوزير الأمنجي المحارب لله ورسوله والمؤمنين أن يقف إلا سامعا مطيعا لتعليمات الأمن الذي أتى به، منفذا ومحرضا ومتحمسًا، حشره الله معهم أجمعين! .. لا يمكننا أن نفهم هذا إلا في ضوء الرعب المسيطر على أجهزة الأمن، والفزع الذي يتملك قلوب وزارة الانقلاب التي تخشى تجمع أكثر من عشرة أفراد لعبادة الله، وتمنع الناس من الصلاة في بيوت الله، تلك البيوت التي كانت مجمعا للناس في الاحتجاجات والمظاهرات .. فهم ليس مهما عندهم أن يصلي الناس ولكن المهم أن يمنعوهم من أسباب تجمعهم وتوحدهم، وتجميد مواضع انطلاقهم في احتجاجهم والتعبير عن رأيهم.

ثم ما المغزى من منع الآيات التي تتحدث عن الظالمين؟! وتجريم الدعاء عليهم؟! المثل المصري يقول: "اللي على راسه بطحة بيحسس عليها". وهؤلاء ليست على رءوسهم "بطحة" واحدة، وإنما آلاف "البطحات"!

هؤلاء ظالمون خائنون مغيرون مبدلون مَهينون كاذبون معادون للأمة ومحادون لله ورسوله، والله تعالى بشرنا فقال: "إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ . يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ". المجادلة: 5-6، وقال عز من قائل: "إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ . كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ". سورة المجادلة: 20-21.

أقول للمصلين جميعا: صلوا في مساجدكم، ولا تسمحوا لهؤلاء المجرمين أن يمنعوكم من عبادة الله، وإذا أغلقوا مسجدا صلوا في ساحاته ومن حوله، ودعوهم يقاتلوكم وأنتم في الصلاة، فإن الله يغار على عباده وعلى دينه .. لا تتركوا الدعاء على الظالمين ولا على أهاليهم وأن يفجعهم الله في أغلى ما يملكون، فإن في هذا إدخالا للرعب فيهم، واستنزالا لغضب الله عليهم، ومضاعفة لرفض الناس لهم .. اعتكفوا في بيوت الله اعتكافا جماعيا، ومن يتعرض لكم أنزلوا به ما يستحق ..!

إن هذه الوزارة التي وظيفتها توفير الأجواء الآمنة للعبادة وتهيئة بيوت الله لها، وهذا الوزير المنقلب الأمنجي المجرم وظيفته – ضمن وظائفه - أن يحرس بيوت الله ويجددها ويشرف على تهيئتها للعبادة لا أن "يوقف" حال المساجد، ويمنع الناس من العبادة ، أوقف الله حاله وجعله – بحق هذا الشهر الكريم -عبرةً بمرض يجعله يبحث عن الموت فلا يجده .. أقول: إن هذه الوزارة الظالمة وهذا الوزير المحارب يجب التصدي لهم، وعدم السمع لهم ولا الطاعة، فإنهم يعملون على ضد وظيفتهم، ويجب تغييرهم ومقاومتهم، حتى نحفظ بلادنا من الفتن، وعبادتنا من الضياع، ونؤدي واجبنا ونولي علينا من يقوم على مصالحنا، فإن تصرفات الحاكم في الإسلام – ومنهم المسئولون - منوطة بمصلحة المحكومين.