مرت ثلاثة أعوام علي انقلاب العسكر بمصر علي الديمقراطية الوليدة لثورة الخامس والعشرين من يناير لعام 2011 ولم يكن يتخيّل أحدُنا أن السنوات تمرّ بهذه السرعة علي الرغم ممّا حملته من أحداثٍ داميةٍ وأليمةٍ ليس فقط في ذاكرة الشعب المصري بل في ذاكرة الشعوب العربية والإسلامية.

المشهد المصري الذي بدأ بتولي المجلس العسكري حكم مصر مباشرةً بعد ثورة يناير وتنحي رأس الدولة المخلوع مبارك وإبعاد الحزب الوطني المنحل عاد بعد غفلةٍ من الزمن ليحكم المجلس العسكري مصر مرةً أخرى لكنّ الحكم هنا جاء عبر انقلاب وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي علي أول رئيس منتخب لمصر في العصر الحديث الرئيس الدكتور محمد مرسي.

انقلابٌ أبسط ما وُصِف به من قِبَل الساسة والباحثين أنه "دَمَويٌّ" حيث بلغت حصيلة ضحاياه إلى اليوم آلاف الشهداء أغلبهم من الشباب، وعشرات الآلاف من الأسْري في السجون وأغلبهم أيضاً من الشباب، وآلاف المصابين والُمهَجّرين بعد تنحية الحكومة والمجالس المنتخبة وإيقاف الدستور الذي أقرّه أغلب الشعب بعد الثورة بل واختطاف الرئيس المنتخب.

انقلابٌ سكت عنه العالم بل وبعضه دعمه بالمال والسلاح غير أنّ هذا المشهد والذي بدا إلي حدٍّ مصطنع أنّه مدعومٌ شعبياً وجاء لتلبية رغبة قطاعٍ من الشعب قد تغيّر الآن إلي حدٍّ كبيرٍ لا لَبْس فيه حيث اختفى المؤيّدون وضاقت دائرة الانقلاب الشعبية ولِمَ لا وقد طالت انتهاكاته وآثاره الدموية كل فئات الشعب! بينما ظل الرافضون ثابتين علي مبدأهم سواءً في الداخل رغم القمع والتصفية الجسدية والحبس أو في الخارج في شتّي عواصم العالم.

وهنا أودّ أن أستشهد بولايتي نيويورك ونيوچيرسي الأمريكية في الذكري الثالثة لما سُمِّي بـ الثلاثين من يونيو وبحكم أَنِّي أعيش وأتنقل بينهما فقد لاحظت اختفاء داعمي الانقلاب بل وتلاشي أي فعّاليات لهم بينما في المُقابل نظم مناهضو الانقلاب عدّة فعاليات تؤكد تمسكهم برفض الانقلاب وكل ما أتى به وحرصهم علي عودة الشرعية المنتخبة بعد يناير بما فيها عودة الرئيس فوجدنا لافتات تحمل صور الرئيس مرسي مكتوب عليها "الرئيس المنتخب الشرعي" يحملها مروجو السياحة في ميدان التايمز سكوير أشهر ميادين أمريكا.

كذلك في "يوم من رابعة" بمدينة نورث برغن بولاية نيوچيرسي حيث عقدت المنظمة المصرية الأمريكية للحرية والعدالة مؤتمراً جماهيرياً وإفطاراً لرافضي الانقلاب علت هتافات الحاضرين "يسقط يسقط حكم العسكر" وجددوا العهد للشهداء والمعتقلين بمواصلة مناهضة الانقلاب حتى إسقاطه.

ثم تأتي مظاهرة أخرى أمام قنصلية مصر بمدينة منهاتن بنيويورك دعت لها الجمعية المصرية الأمريكية للديمقراطية وحقوق الإنسان بنيويورك ونيوچيرسي وشاركت فيها المنظمات المناهضة للانقلاب حيث خرج المتظاهرون بمسيرةٍ إلي مبنى الأمم المتحدة وارتفعت كذلك صور الشهداء ولافتات دوّنت جرائم الانقلاب العسكري بحق الشعب المصري المُطالبة بحريته واحترام صوته كذلك علت اللافتات المرسوم عليها صور الشباب المحكومين بالإعدام من قِبل قضاء يأتمر بأمر العسكر.

ورجّت هتافات "عيش حرية عدالة اجتماعية" و"الانقلاب هو الإرهاب" سماءَ المدينة، وكان لافتاً للنظر المشاركة النسائية الواسعة وكذلك الفتيات.

كما شارك شباب حركة "أولتراس نهضاوي بنيويورك" فقد كانت هتافاتهم ذات طابعٍ مُمَيّز، فهل هذا المشهد يُعَدُّ انعكاساً للواقعِ في الداخل المصري؟ وإذا كان كذلك، فما الذي جعل هذا الانقلاب يفشل رغم وقوف كلّ مؤسسات الدولة وأجهزتها لدعمه بخلاف دعم دول أخرى إقليمية وغيرها له؟! أم أنّها لعناتُ الشهداء والأيتام والأرامل ودعوات الساجدين داخل الزنازين ومعها هتافات الثائرين في الشوارع والقري والميادين تعلوها كلمات العدل "إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدين"؟!

دكتور. محمود الشرقاوي
المتحدث الرسمي باسم المنظمة المصرية الأمريكية للحرية والعدالة - نيويورك