كانت قديمًا "حمرا ومجنونة".

غير أنه بفضل إنجازات الحزب الحاكم أصبحت "صفرا ومجنونة"!!.

إنها الطماطم المعروفة بـ"القوطة" أو "البندورة" باللهجة الشامية.

 

فمع تدفق إنجازات حكومتنا السنية ارتفع سعرها إلى 6 و7 جنيهات للكيلو الواحد، وللأسف ليست هي الطماطم التي نعرفها، إنما عبارة عن ثمرة صفراء مخضرة مشرئبة بحمرة قليلة بَلَحِيَّة الشكل لا طعم لها.

 

ولا نملك سوى الترحم على "القوطة" البلدي التي كنا نتمتع بها بقروش معدودة في أغلب أيام السنة، وكانت مدورة تفاحية الشكل، مرملة من الداخل كالبطيخ الأصيل، ناهيك عن الطعم والرائحة، ولكنها ذهبت إلى غير رجعة كجرعات الديمقراطية والحرية والشفافية ونزاهة الانتخابات ونظافة اليد والكرامة ومياه النيل والاكتفاء الذاتي من القمح.

 

كان المواطن المسكين يجد بعض أنواع الفاكهة رخيصة الثمن كالعنب في الصيف والبرتقال في الشتاء، والآن صار سعر الكيلو جرام من هذه الفاكهة لا يقل عن 6 جنيهات بأي حال من الأحوال، فصارت من الممنوعات إجباريًّا على الفقراء ومحدودي الدخل، الغالبية العظمى من شعب حكومة مصر "بتتقدم بينا" و"من أجلك أنت" و"الفكر الجديد"!.

 

لن نخوض في كلام مكرر وممجوج عن استهبال الحكومة ورجالها على الشعب المطحون المحروم من اللحمة والفاكهة والاكتفاء الذاتي من القمح، وعن بجاحة أولئك الذين يصدعوننا بتقارير عن زيادة الدخل القومي والمحلي، وزيادة النمو، وتضاعف الاستثمارات إلى آخر هذه الإسطمبات المحفوظة المضروبة، مثل عضوية أغلبيتهم المريحة في المجالس النيابية وغير النيابية.

 

ولكن يكفي أن يخرج علينا وزير الزراعة ليبشرنا أن الاكتفاء الذاتي من القمح أمر مستحيل.

 

ولنا أن نسأل من استوزره أو زرعه في الحكومة: ما فائدة هذه الوزارة وهذا الوزير إذا كانت قضية الاكتفاء الذاتي من القمح وليس من الطماطم أو العنب مستحيلة، وكما تعلمون وترددون أن من لا يملك غذاءه لا يملك قراره أم أنكم اكتفيتم بسيد قراره وأخواته أهل الجمال والكمال أدام الله عزهم؟!.

 

أكبر إنجازات هذا العصر هو الوصول إلى أقصى درجات البجاحة السياسية والأخلاقية.

 

فلم يعد هناك أي محذور أو محظور يمكن أن يستحي أو يختشي منه وزير أو مسئول أو حتى- لا مؤاخذة- سيناريست أو جورنالجي.

 

حتى الجماعة الوحيدة المحظورة- يا ولداه- لم يتركوها في حالها ومحظوريتها، وأصروا أن ينتجوا عنها مسلسلاً كاملاً ناقصًا حلقتين فقط من مجموع ثلاثين.

 

لم يعد أحد يخجل من التزوير، فبعد عقود طويلة من التزوير الممنهج المؤدلج المؤسس الذي تمارسه الحكومات المتتالية أصبح من "العته" أو "البله" أن ننتظر خجل سيناريست قام بالتزوير الممنهج المؤدلج، بل بلغت به البجاحة أن يذكر بعض المراجع التي تدينه أمام أي قارئ مهما كانت محدودية ثقافته أو وعيه.

 

لقد ظل وحيد حامد يروِّج حياديته وموضوعيته ونزاهته قبل عرض مسلسله؛ لدرجة جعلت حمدي رزق- ولك أن تتخيل عندما يجتمع المذكور مع كاتب المسلسل- يظهر خشيته من وقوعه أي وقوع وحيد في حب حسن البنا، وهو ما لم ينفه حينها حامد، موضحًا أن شخصية البنا شخصية أسرة وما شابه ذلك من الكلمات.

 

كانت تمثلية لاستدراج الجماهير لتصديق أكذوبة الحياد والموضوعية ونشر دعاية زائفة للمسلسل قبل عرضه.

 

وعندما خابت كل الحيل وارتد السحر على الساحر؛ أصبح ما يطير البرج الباقي في رأس السيد وحيد هو مواجهته بالحقيقة ألا وهي أن المسلسل روَّج للجماعة، وذكّر الناس بمجدد الإسلام في القرن العشرين الإمام الشهيد حسن البنا رضي الله عنه وأرضاه بشهادة المريدين والأتباع والأصدقاء والعقلاء من الأعداء، على حد سواء.

 

ولك أن تراجع حواره مع الإعلامي عمرو الليثي.

 

وعلى هذا المنوال لم يخجل السيد أسامة سرايا من التزوير المهني الفج الذي قامت به جريدة (الأهرام) بتاريخها وحجمها وقيمتها.

 

إن ما قامت به (الأهرام) جريمة مهنية قد تستساغ من جريدة صفراء، أو عندما تتبع الأساليب المهنية المحترمة التي تشير إلى تركيب الصورة بصورة لا تترك مجالاً للبس أو غموض.

 

وللمصريين خبرة بما تفعله بعض الصحف الخاصة مثل (صوت الأمة) التي اعتادت أن تنشر في صفحتها الأولى صورًا لرجال الحكومة مجهزة بتركيب الصور أو الدمج بين الفوتوغرافي والكاريكاتير دون إيهام القارئ أو تضليله بغير الحقيقة.

 

وبدلاً من الاعتذار خرج علينا سرايا ببجاحة منقطعة النظير ليتهمنا بالغباء وعدم الفهم؛ لأن الصورة مكتوب بجانبها اسم من قام بإعدادها "جرافيكيًّا".

 

وعندما عُدت إلى الجريدة "عدد الثلاثاء 14 سبتمبر 2010م الطبعة الثانية الصفحة السادسة" لم أجد اسم هذا الفنان الذي ادّعاه رئيس التحرير المحترم، ولكني وجدت العنوان (الطريق إلى شرم الشيخ)، مكتوبًا على الصورة المفبركة التي كانت بحجم نصف صفحة كاملة- أي فضيحة وبجلاجل- كان العنوان مكتوبًا بخط اليد، والخطاط موقع عليه (المغربي)، فالتوقيع على الخط المكتوب باليد لا علاقة له بجرافيك الصورة كما يعرف ويفهم ذلك أصغر قارئ وليس المتخصص أو المهني.

 

وداخل المقال أو التقرير الخاص، كما أطلقت عليه الجريدة، مذكور اسم د. عبد المنعم سعيد، و د. محمد عبد السلام، ومعروف أن الأول هو رئيس مجلس إدارة (الأهرام)، ولا يعقل أن يكون هو مصمم الجرافيك!.

 

والآخر لا بد وأن يكون مشاركًا في إعداد التقرير مما أهَّله لاقتران اسمه باسم رئيس مجلس الإدارة، ولو كان هو صاحب التصميم الجرافيكي، ولم تذكر الجريدة ذلك بجانب اسمه كما هو متبع؛ فهو خطأ مهني لا يغتفر أيضًا.

 

نأسف للإطالة ولكن لا يد لنا في ذلك ما دام أهل الحكم والموالين لهم يصرون على استهبالنا واستغفالنا، وكأننا لا نفهم في القمح أو "القوطة" أو "الجرافيك" أو "الدراما" و"السيناريوهات".

 

يبدو أن وزير الزراعة ووحيد حامد وأسامة سرايا يعتقدون أن الشعب خريج حديث من "سرايا صفرا" ماركة الخانكة والعباسية!.