- تفاؤل شديد بإقبال الناخبين على صناديق الاقتراع

- ارتفاع التصنيف الائتماني وعودة الروح للبورصة والاستثمارات الأجنبية أبرز المكاسب المتوقعة

 

تحقيق: هيثم فهمي- محمد فراج:

 

حالة من التفاؤل سيطرت على خبراء الاقتصاد؛ بسبب بدء العملية الانتخابية في أجواء من الهدوء والاستقرار الأمني في بداية جولتها، وسط إقبال ملحوظ من الناخبين، وهو ما جعلهم يتوقعون انعكاسات إيجابية على الاقتصاد المصري بشكل عام؛ شريطة أن تمر الانتخابات البرلمانية على هذا المنوال، وهو ما سيكون له بالغ الأثر على عودة الإنتاج وتدفق الاستثمارات الأجنبية مرةً أخرى.

 

وأكد عدد من خبراء الاقتصاد والمصارف أهمية بدء عملية الانتخابات البرلمانية؛ حيث تعد خطوة مهمة نحو الاستقرار السياسي، ومن ثَمَّ الاقتصادي، مشيرين إلى أنها تمثل 50% من طريق الاستقرار، يليها الخطوة الثانية وهي الانتخابات الرئاسية.

 

وأضافوا أن هذه الانتخابات سيكون لها دور مهم في تكوين برلمان قوي ثم حكومة قوية تستطيع تحقيق الاستقرار الأمني، الذي يعتبر مطلبًا رئيسيًّا لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، ومن ثَمَّ معاودة البورصة الارتفاع وعودة الاستثمارات الأجنبية لمصر من جديد.

 

كما وصفوا هذه الانتخابات بأنها بداية الإصلاح الاقتصادي في مصر، مؤكدين أن إجراءها بنجاح سيترتب عليه تحسين التصنيف الائتماني لمصر لدى وكالات التصنيف العالمية، وهذا بدوره سينعكس على القطاع المصرفي والاقتصاد المصري ككل.

 

محمد بدرة، عضو مجلس إدارة بنك القاهرة، يقول: إن إجراء الانتخابات البرلمانية يعتبر خطوةً أوليةً لاستعادة الثقة في الاقتصاد المصري، خاصةً بعدما خفضت مؤسسات التصنيف الائتماني لمصر بسبب عدم وجود برلمان ورئيس ودستور متفق عليه، وهو ما تسبب في وجود مشكلة في الاقتراض من الخارج لدى القطاع المصرفي.

 

ووصف بدرة الانتخابات البرلمانية بأنها بداية الإصلاح الاقتصادي في مصر، والذي يرتبط بصورة أساسية بالإصلاح السياسي الذي تعتبر الانتخابات البرلمانية أولى خطواته، ثم نستكمل باقي الخطوات حتى نهاية يونيو القادم، مشيرًا إلى أن إجراء هذه الانتخابات بنجاح من شأنه أن يُحسِّن صورة مصر لدى مؤسسات التقييم العالمية، وهذا كله سينعكس على القطاع المصرفي؛ حيث يعاود نشاطه، ويقوم بتمويل مختلف المشروعات الأجنبية والمحلية، فضلاً عن معاودة الاستثمارات الأجنبية الدخول إلى مصر؛ لذا فهي تعتبر خطوة مهمة للأمام.

 

وأعرب بدرة عن ارتياحه لإجراء الانتخابات في موعدها؛ لأن التأجيل كان سيعني ازدياد الوضع الاقتصادي سوءًا؛ لأن مصر تستنفد احتياطي النقد الأجنبي لديها، فضلاً عن ضعف الموارد، وعلى رأسها السياحة وانهيار البورصة وغيرها؛ لذلك كلما كانت الإجراءات المتفق عليها أسرع كان ذلك في صالح الاقتصاد المصري.

 

من جانبه، قال ناجي هندي الخبير الاقتصادي: إن الانتخابات البرلمانية هي أولى الخطوات الحقيقية لاستقرار الوضع الاقتصادي، مشيرًا إلى أننا كدولة مؤسسات في حاجة إلى تكوين مؤسسة تشريعية تقود الحكومة باعتبار أن ذلك هو بداية الطريق لنقل إدارة البلاد لسلطة مدنية، وهو ما سيكون له انعكاس كبير على مستوى الاقتصاد المصري خلال المرحلة المقبلة.

 

وأضاف هندي أن انتقال الاستثمارات الأجنبية وعودتها إلى مصر مرةً أخرى مرهون بالاستقرار السياسي بها، مشيرًا إلى أن المستثمر يبحث أولاً وأخيرًا عن الاستثمار الهادئ، وهو الذي يحتاج إلى تشريعات تحكمه وتتحكم في السوق التي يعمل بها حتى يُقبل المستثمر على السوق المصرية بكلِّ ثقةٍ واطمئنان.

 

وأكد هندي أنه بمجرد أن تمر على الأقل الجولة الانتخابية الأولى في هدوء وطمأنينة فسوف يعتبر ذلك أمرًا يبشر بالخير في حدِّ ذاته، ويجعلنا نتفاءل بزيادة الموارد والإنتاج في مختلف القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية.

 

وأوضح هندي أن إجراء الانتخابات سيعزز من قوة القطاع المصرفي باعتباره عصب اقتصاد أية دولة بشرط الاستقرار السياسي، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى ضخِّ المزيد من الودائع في هذا القطاع المهم، وبالتالي قدرته على تمويل المشروعات الاستثمارية بشكل كبير وآمن.

 

أما د. حاتم قابيل، أستاذ الاقتصاد والإدارة بجامعة المنصورة، فيرى أنه إذا كانت الانتخابات البرلمانية قد بدأت في هدوء تام فهو أمر إيجابي جدًّا يدعو إلى التفاؤل بالنسبة لاقتصاد مصر، إلا أن ذلك يتوقف على أمرين آخرين، أحدهما تنفيذ مطالب الثورة وأهدافها، والآخر توفير أقصى درجات الأمن، باعتبار أنهما أفضل طريق لعودة الاقتصاد المصري أقوى مما كان عليه سابقًا.

 

وأضاف قابيل أنه إذا كان هناك مَن ذَهَبَ إلى اللجان الانتخابية ليدلي بصوته، فهناك آخرون يخشون النزول خوفًا من عملية الانفلات الأمني الذي يمرُّ به الشارع المصري حاليًّا، خاصةً وأنه قد يحدث بعض الصدامات؛ ولذلك فنحن في حاجةٍ إلى طمأنة الناخبين أولاً حتى يتم الانتهاء من هذه الخطوة المهمة التي يترتب عليها مزيد من المكاسب الاقتصادية والسياسية وغيرها.

 

طارق محمد، نائب مدير عام قطاع الالتزام بأحد البنوك الأجنبية، يرى أن إجراء الانتخابات البرلمانية يمثل 50% من الطريق الذي يجب أن تقطعه مصر لتحقيق الاستقرار، يليها الانتخابات الرئاسية وتغيير الدستور.

 

وعن توقعاته بشأن مستقبل القطاع المصرفي والاقتصاد بشكل عام بعد إجراء الانتخابات قال محمد: إنه بعد إجراء الانتخابات يفترض أن يتم اختيار حكومة جيدة قادرة على السيطرة على الأوضاع الأمنية، وتحقيق الاستقرار الأمني الذي يعتبر أساس النمو الاقتصادي، بجانب الإدارة الجيدة.

 

ويضيف أنه بمجرد تحقق الاستقرار الأمني ستبدأ الاستثمارات الأجنبية في العودة تدريجيًّا إلى مصر، بالإضافة إلى معاودة البورصة الوقوف على قدميها مرةً ثانية، ومن ثم تبدأ عجلة الاقتصاد المصرى في الدوران من جديد.

 

وأكد قدرة الاقتصاد المصري على تخطي الأزمة الحالية؛ لأنه في رأيه اقتصاد ضخم ومتنوع، ولديه إمكانات متعددة، ومن ثَمَّ يستطيع التأقلم بسرعة مع الأحداث.

 

وفيما يخص القطاع المصرفي استمر طارق محمد في تفاؤله، مؤكدًا أن القطاع المصرفي قبل الثورة وبعدها يعتبر من أكثر القطاعات استقرارًا في مصر، وقد مرَّ عليه العديد من الأزمات وتجاوزها بنجاح، والتي كان آخرها الأزمة المالية العالمية، واستطاع القطاع أن يثبت قدرته على الصمود، وهو ما يعني أن القطاع قادر على التعامل مع مثل هذه الظروف بكفاءة.

 

ويعود محمد ليؤكد أن إجراء الانتخابات البرلمانية هو الخطوة الأولى في طريق تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي بشرط أن يتم ذلك بشكل صحيح.

 

بدوره أكد محمد جمعة، مدير عام العمليات المصرفية بأحد البنوك الخاصة، تفاؤله أيضًا بشأن مستقبل القطاع المصرفي والاقتصاد بوجه عام بعد إجراء الانتخابات البرلمانية؛ حيث أكد أنه بمجرد انتهاء الانتخابات وتحقيق الاستقرار الأمني ستبدأ الأمور تعود لطبيعتها تدريجيًّا؛ حيث تبدأ الاستثمارات الأجنبية تتدفق لمصر من جديد، وتتحسن أحوال البورصة بجانب الاستمرار في إقامة المشروعات وغيرها.

 

وأضاف جمعة أن عودة الحياة الاقتصادية لطبيعتها مرهون بتحقيق الاستقرار الأمني، وإجراء الانتخابات البرلمانية خطوة أولى لتحقيق هذا الاستقرار، ولكنه شدد على ضرورة أن تتم الانتخابات بشكلٍ صحيح، وألا تتم بهدف أن تتم فقط.

 

واتفق محمود سالم، مدير عام الاستثمار بأحد البنوك العامة، مع الآراء السابقة؛ حيث اعتبر إجراء الانتخابات البرلمانية مطلبًا ضروريًّا لتحقيق الاستقرار الأمني، ومن ثَمَّ الاقتصادي، وشدد على أهمية إجرائها في الوقت الحالي؛ لأن إجراءها في رأيه سيترتب عليه تشكيل حكومة تُسهم في استقرار الأوضاع السياسية، وهو ما ينعكس بالتبعية على الأوضاع الاقتصادية.

 

وعدَّد سالم المكاسب الاقتصادية من وراء إجراء الانتخابات البرلمانية في استعادة الاقتصاد المصري لدرجة تصنيف ائتماني مرتفعة تُسهم في تحسين علاقاته التجارية الخارجية، بالإضافة إلى عودة الثقة للمستثمرين الأجانب لدخول السوق المصرية مجددًا، وكذلك عودة البورصة إلى سابق عهدها واسترداد عافيتها، وتعويض خسائرها طوال الفترات الماضية.