أثار تشكيل المجلس الاستشاري المعاون للمجلس العسكري تكهنات كثيرة حول حقيقة دوره، ولعل تضارب التصريحات التي صرح بها اللواء شاهين واللواء الملا أثارت المخاوف حول طبيعة الدور المنوط به؛ فالتشكيك في شرعية الانتخابات البرلمانية التي تضاهي في نزاهتها أي انتخابات تمت منذ عشرات السنيين في مصر تارة أو التشكيك في صلاحيات المجلس التشريعي تارة أخرى جعل الكثيرين يتصورون أن المجلس الأعلى العسكري قد استتر وراء هذا المجلس الاستشاري المدني؛ كي يمرر من خلاله ما لم يفلح في تمريره بواسطة الوزير السلمي في وثيقته، التي عارضتها أغلبية القوى السياسية والأحزاب التي تلتزم بما جاء في الاستفتاء الذي تم وشارك فيه 40% من الناخبين المصريين بتفرد مجلسي الشعب والشورى باختيار الهيئة التأسيسية لوضع الدستور؛ بحيث تمثل توافق الشعب المصري!.

 

ورغم النفي الذي لاح مؤخرًا على لسان اللواء شاهين إلا أن اختيار البعض من أعضاء المجلس ممن وافقوا على وثيقة السلمي وأيدوا الوضع فوق الدستوري للمجلس الأعلى يثير المخاوف عندما نعلم أن منهم م. نجيب ساويرس، صاحب التصريحات التي تهين الشعب المصري، وتستدعي التدخل الخارجي، وتثير الفتنة الطائفية، وهو ما يؤكد الرضى الذي يحظى به ليكون في المجلس؛ بل دعم المجلس الأعلى العسكري له بدلاً من محاسبته على تلك التصريحات!!.

 

ولعل المهمة التي يجب أن ينشغل بها هذا المجلس في ضوء تشكيل وزارة الدكتور الجنزوري ومنحها صلاحيات رئيس الجمهورية هو مساعدة المجلس الأعلى في إصدار القوانين العاجلة المطلوب إصدارها على وجه السرعة لحاجة الوزارة لها لمصلحة الشعب المصري، دون أي محاولة للقيام بدور ليس من مهام أيٍّ من المجلسين: الاستشاري أو العسكري!.

 

كما أن صلاحيات هذا المجلس التشريعية تنتهي بانتهاء انتخابات البرلمان في منتصف مارس القادم إن شاء الله، ولا مهمة له حتى تاريخ انتخابات رئيس الجمهورية، كما جاء في قرار تشكيله فلماذا يبقى؟ فلسوف يسترد المجلس مهامه من المجلس الاستشاري ويسترد الرئيس المنتخب مهامه وصلاحياته كاملة من وزارة الجنزوري والمجلس الأعلى! هذا هو الدور المأمول من تشكيل المجلس الجديد دون زيادة أو نقصان، كما جاء في قرار تشكيله، فقط الذي يثير الانتباه هو موعد انتهاء مدته باستكمال انتخابات البرلمان!! فهل يمكن لمتشائم أن يرى في توزيع المسئوليات التشريعية والتنفيذية بين المجلس الاستشاري ومجلس الوزراء والمجلس الأعلى مقدمة لمحاولة تعطيل الانتخابات، وتطمين قوى الخارج المتخوفة من وصول الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية للحكم في مصر؟!.

 

وهذا ما قد يثير غضب الشعب المصري من محاولة سرقة الثورة المصرية وإتمام خطة الفلول التي تدار من مزرعة طره؛ لحماية مصالح قلة أفسدت وسرقت ونهبت وتخشى من المحاسبة لتبدأ حالة من الفوضى لا يحب أحد أن يصل إليها ولا قدرها الله على مصر والمصريين، وصدق الشاعر:

 

عرفت (وتوقعت) الشر لا للشر لكن لتوقيه

ومن لم يعرف الخير من الشر يقع فيه!

حفظ الله مصر والمصريين، وحمى جيشها العظيم، وكفانا شر أنفسنا، وكفاهم شر أنفسهم اللهم آمين.

 

ولعل العاصم من ذلك السيناريو الكئيب الذي يخاف منه البعض هو نزول المصريين في الانتخابات القادمة في مرحلتها الثانية بأعداد تفوق المرحلة الأولى؛ كي تصل الرسالة بأن الشعب صار في صدارة المشهد السياسي، وهو الوحيد مانح الشرعية ومصدر السلطات في مصر بعد ثورة 25 يناير، ولا حل أمامنا سوى الإصرار على احترام إرادة الشعب المصري، الذي كان أوعى وأذكى من نخبه ومثقفيه، ولله في خلقه شئون!!.

---------------

أستاذ جامعي ونائب سابق بالبرلمان- [email protected]