لا شك أن تولي أي مسئولية في مصر في هذه الفترة الانتقالية لا يقبلها إلا صنفان؛ الأول: من لم يشعر بتغيير حقيقي حدث في مصر بعد أكثر من 11 شهرًا، ويريد أن يستمر في الأداء؛ باعتبار أنه ليس هناك من قرر- على مستوى أعلى- أن تغييرًا جذريًّا قد حدث في أداء المسئولين، أو أن هناك مراقبًا يراجع القرارات الفردية التي ما زال البعض يتفرد بها في مؤسسته، فتعصف بالغلابة أو تتعسف مع الموظفين، وهذا الصنف هو ما أطلقت عليه لفظ "الأربعين حرامي" الذين ما زالوا يمارسون الدور السيئ الذي تبنَّاه نظام مبارك المخلوع بعد سقوط على بابا بتاعهم!!.

 

أما الصنف الثاني فهو الذي يرى في نفسه وإمكاناته وقدرته ورغبته في الإصلاح  الكفاءة التي تؤهِّله للقيام بهذا الدور، ويتولى وهو مشفق على نفسه من صعوبة المهمة وتلوث المناخ من حوله برغبات البعض في إفشال التجربة الديمقراطية المصرية بعد ثورة 25 يناير!.

 

وأعتقد بعد أن منحنا الشعب المصري ثقته في الانتخابات البرلمانية أننا من الصنف الثاني الذي يتولى إدارة تركة مثقلة بالفساد والديون والنهب والسرقة، طوال عشرات السنيين الماضية، ولكن يقيننا بالله تعالى وعونه لمن أخلص له يجعلنا نركن إلى جناب الله ونحن نجتهد في الأداء وهو سبحانه خير معين متى علم في قلوبكم خيرًا فسيجزيكم خيرًا منه إن شاء الله!.

 

ويقيني الذي لا يهتزُّ- وقد التزمت به منذ كنت نائبًا لأول مرة عام 2000م- هو أننا وإن كنا مرشحين لحزب الحرية والعدالة، لكن بعد نجاحنا في كسب ثقة الناخبين فقد أصبحنا نوابًا لكل أبناء الشعب المصري، من منحنا ومن حرمنا صوته، المسلم والمسيحي، الحزبي ومن لا انتماء له، وتلك هي أول ما نعد به.

 

أما ثاني الوعود فهو الثأر لدماء شهداء مصر طوال العهد البائد؛ الذين ماتوا حرقى أو غرقى أو مرضى، مرورًا بشهداء 25 يناير و19 نوفمبر و16 ديسمبر، وكل مصري يقع صريع العنف والاعتداء على حقه في حياة آمنة، وكذلك كل من أصيب في هذه الفوضى التي نأمل في إنهائها كي نتفرغ لبناء مصر.

 

ثالثًا: نعد بمساعدة أجهزة الشرطة كي تتطهَّر من قيادات العار فيها، وتثق في نفسها، وتعود لحفظ أمن مصر والمصريين؛ لأن في عودة الأمن والأمان للشعب المصري خير معين على العمل والإنتاج.

 

رابعًا: ألا تمر موازنة أو خطة لأي حكومة قادمة داخل المجلس إلا وتخدم وتمثل الفقراء ومتوسطي الحال في مصر؛ الذين نسيهم وأهملهم النظام الفاسد السابق؛ الذي حوَّل خططه وموازناته لصالح الأغنياء، وهذا ما لن يحدث إن شاء الله في الفترة القادمة؛ حتى يستعيد شعب مصر كرامته وحقوقه، ويستشعر أهميته ويمارس نفوذه وإرادته في اختيار حياته!.

 

خامسًا: نتعهَّد بأن نمدَّ أيدينا لكل أبناء الاتجاهات والأحزاب الذين ترشحوا في الانتخابات ولم يوفقوا، لعل بعضهم يملك أفكارًا وحلولاً تستحق الاهتمام؛ كي يشارك كل أبناء مصر في بنائها وتنمية مواردها.

 

سادسًا وأخيرًا: نتعهد ببذل كل غال ونفيس وكل جهد من أجل تحقيق الكرامة وإقامة العدالة لشعب مصر، نفتح أيدينا لكل أبناء مصر داخل الحزب وخارجه إن شاء الله، ولعل هناك احتياجات لن تحتاج سوى قرارات فورية، وأخرى تحتاج إلى تعديلات تشريعية، وثالثة لتوفير تمويل مناسب؛ فالوقت هنا جزء من العلاج، يقصر أو يطول حسب المشكل المطروح، وفي النهاية سيمارس المصريون حقهم في اختيارات جديدة في انتخابات قادمة؛ ليعبروا عن رضائهم أو عدم قناعتهم بما تمَّ بذله، وسنحترم قرارهم ونتقبله بصدر رحب ونفس توَّاقة لممارسة الديمقراطية التي تجعل من الشعب مصدرًا للسلطات!.

 

في نهاية هذه الوعود أدافع بكل قوة حول وعي الشعب المصري وإرادته في الاختيارات التي تمَّت رغم التهم الكثيرة التي ألقاها الكثيرون ممن لم يوفَّقوا في الانتخابات، وقد اتهموا هذا الشعب العظيم بالغفلة والجهل والتحرك على نغمة القطيع أو الانخداع بالشعارات الدينية، لكن في الحقيقة كلمات سمعتها من العشرات، كلٌّ في مكانه، رغم بعد المسافات يقولون بكل وعي وذكاء لنا: "نحن أمانة في أعناقكم، فلا تضيعوا الأمانة، وقد وثقنا فيكم كل الثقة".

 

ولم يكن أمامنا سوى أن نطلب من هؤلاء الشرفاء البسطاء الدعاء لنا وتقديم العون المستطاع والرقابة الدائمة، فاللهم أعنَّا على حمل الأمانة، وعلى حسن أدائها.. اللهم آمين.

--------------

* أستاذ جامعي ونائب بالبرلمان المصري.