- د. عمرو الشوبكي: الحكومة لا يمكنها تجاهل رؤية مجلس الشعب

- د. باكينام الشرقاوي: العدالة الاجتماعية هي المطلب الرئيسي

- سعد عبود: إعادة النظر في قوانين "المخلوع" أولوية قصوى

- عزة الجرف: الأمن والاقتصاد الأكثر ملامسةً لحياة المواطن

 

إعداد: قسم التحقيقات

بعد عام من الثورة المصرية تراكمت مظالم ما بعد الثورة على تركة المطالب التي خلَّفها النظام المخلوع عبر عقود من الظلم والقهر، وتأتي في مقدمة هذه المطالب توفير الأمن والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.

 

وينتظر المواطن المصري بفارغ الصبر بداية انعقاد مجلس الشعب؛ باعتباره نقطة البداية في الإصلاح وانتقال البلاد من حالة هدم النظام القديم لتأسيس نظام مصر ما بعد الثورة، ويعوّل على نوابه أن ينقلوا نبضه ويحملوا أمانة تحقيق مطالبه العاجلة.

 

وفي الوقت ذاته فإن حالة الغضب التي تفجَّرت في ثورة الخامس والعشرين من يناير الماضي والتي لم تنطفئ حتى الآن بدأت في الاشتعال من جديد؛ بسبب أخطاء إدارة المرحلة الانتقالية التي يُنتظر من مجلس الشعب القادم التخلص منها.

 

(إخوان أون لاين) يناقش المهام العاجلة لمجلس الشعب وطرق تنفيذها في سطور التحقيق التالي:

 

مهمة ممكنة

 

 د. عمرو الشوبكي

يرى الدكتور عمرو الشوبكي، عضو مجلس الشعب والخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن المهمة الكبرى التي تنتظر نواب مجلس الشعب هي التوافق على معايير الجمعية التأسيسية لوضع الدستور؛ لسرعة إنجاز الدستور الذي ينتظره الشعب المصري.

 

ويوضح أن قضية الأمن من أكبر المشكلات التي يعاني منها المواطن المصري وينتظر حلها بعد ما يقارب العام من الثورة، وعلى النواب أن يسعوا لتوفير الأمن وفق خطة محددة وإعادة هيكلة جهاز الشرطة بشكل كامل.

 

ويضيف أن مجلس الشعب عليه كذلك ضخ دماء جديدة في الاقتصاد وإيجاد طريقة جديدة في التفكير لحل المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، والتي يجب أن تتأسس على الاهتمام بالمواطن ودعم الأنشطة الصغيرة والمتوسطة، من خلال وضع قوانين جديدة لا تعطي الاهتمام الأول لكبار رجال الأعمال، بالإضافة إلى التحرك في مجالات اقتصادية جديدة وسرعة عودة السياحة وتنميتها.

 

ويشير إلى أن مجلس الشعب القادم سيكون لديه القدرة على حل هذه المشكلات، فحتى لو لم يكن من صلاحياته تشكيل الحكومة إلا أن الحكومة لا يمكنها تجاهله، فربما تقوم بضمِّ وزراء من الأحزاب الفائزة في الانتخابات، أو على الأقل التوافق على سياسات الحكومة؛ وذلك لأن المجلس سيأخذ صلاحيات التشريع من المجلس العسكري، وستكون الحكومة في حاجة للدعم التشريعي، وعليه فإنها لا بد أن تأخذ توجهات المجلس في عين الاعتبار.

 

ويضيف أن قيام النواب بدورهم في هذا الإطار سيخفِّف من حالة الغضب في الشارع، لكنه لن يقضي على الاحتجاجات التي يجب أن يتقبلها أي مجتمع ديمقراطي طالما كانت في إطارها الطبيعي بعيدًا عن التخريب وتعطيل الحياة.

 

العدالة الاجتماعية

 الصورة غير متاحة

 د. باكينام الشرقاوي

وتؤكد د. باكينام الشرقاوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن مطلب العدالة الاجتماعية كان المطلب الرئيسي للشعب المصري في ثورة الخامس والعشرين من يناير، وتراجع هذا المطلب بسبب الخلافات والاستقطابات السياسية التي يجب أن تنتهي الآن والبدء في البحث في القضايا العاجلة للشعب.

 

وتوضح أن نواب الشعب تنتظرهم مهام كثيرة وعاجلة، بدايةً من الدستور الذي سيسلك مسارًا منفصلاً بمجرد انعقاد مجلسي الشعب والشورى واختيار الجمعية التأسيسية التي ستنعقد بشكل منفصل ومكثف للانتهاء من وضع الدستور.

 

وتضيف أنه بمجرد انعقاد المجلس على النواب أن يهتمُّوا بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية بشكل سريع، مثل إعادة هيكلة الأجور والتوزيع العادل للثروة وتحقيق العدالة الاجتماعية والتخلص من المشكلات المزمنة التي يعاني منها المواطنون، ووضع قوانين تدفع عجلة الاستثمار وتحقق التنمية الشاملة وفرض الأمن والتخلص من حالة التردي الأمني التي يعاني منها المواطن.

 

وتؤكد أن بداية تنفيذ هذه المطالب وظهور الجدية في التنفيذ والتركيز على القضايا العاجلة وإنجاز الدستور سيكون من شأنه الحد من حالة الغضب التي انتابت الشارع المصري في الشهور الأخيرة، فهذا الغضب منبعه عدم تحقيق أيٍّ من مطالب الثورة حتى الآن.

 

آليات التنفيذ

 الصورة غير متاحة

  سعد عبود

ويتفق النائب سعد عبود، عضو مجلس الشعب، مع سابقيه على أن القضية الأهم المطروحة على جدول أعمال مجلسي الشعب والشورى هي اختيار الجمعية التأسيسية لوضع دستور البلاد.

 

ويشير إلى أن عودة الأمن للشارع المصري إلى وضعه الصحيح يأتي في المرتبة الثانية مباشرةً؛ حتى يشعر المواطن أنه يمارس حياته بشكل طبيعي، مطالبًا المجلس الأعلى للشرطة بتقديم اعتذار للشعب المصري على المعاناة التي عاشها طيلة السنوات الماضية، معتبرًا أن هذه الخطوة ستسمح بعودة الثقة وتكون مبادرة يمكن البناء عليها لعودة قوية للشرطة تحمي المجتمع في إطار القانون ويحترمها الشعب.

 

ويضيف: يأتي بعد ذلك إعادة النظر في كل القوانين التي صدرت في عهد النظام المخلوع ولم تكن تخدم سوى طبقة واحدة، أما الآن فيجب تطوير القوانين الموجودة وصياغة قوانين جديدة تلبي مطالب الشعب في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة، ومنها قوانين الضرائب والتأمينات والإدارة المحلية وعشرات القوانين الأخرى التي تحتاج إلى إعادة نظر.

 

ويضيف أن نواب مجلس الشعب لديهم من الأدوات الرقابية التي تمكنهم من تنفيذ كل هذه المطالب، والتي تبدأ بتوجيه السؤال وتصل إلى استجواب الوزير ورئيس الحكومة، وبينها آليات البيان العاجل والتحويل للجان المتخصصة والاستجواب.

 

مكاسب الثورة

 الصورة غير متاحة

عزة الجرف

وترى عزة الجرف، عضو مجلس الشعب الفائزة على قوائم حزب الحرية والعدالة، أن اختيار الجمعية التأسيسية لوضع الدستور هي المهمة الأساسية على الإطلاق لبرلمان الثورة لوضع دستور جديد وعصري للبلاد يؤسِّس لدولة القانون ويحقِّق لشعب مصر ما يستحقه ويتناسب مع تضحياته.

 

وتشير إلى أن الشعب المصري ضاق صدره من الأداء السيئ للمرحلة الانتقالية؛ ما يوجب على مجلس الشعب القادم أن يتخذ إجراءات سريعة وفعالة ليشعر المواطن بالتغيير سريعًا، قائلةً: "نحن في حاجة لنبدأ فورًا، فكل تأخير له تأثير سلبي في وضع البلد ومستقبله".

 

وتوضح أن التحرك تحت قبة البرلمان سيبدأ بمجرد انتهاء المرحلة الثالثة من انتخابات مجلس الشعب وعقد الجلسة الأولى للبرلمان، وسيكون المحوران الأكثر أهمية وإلحاحًا هما الأمن والاقتصاد؛ لأنهما الأكثر ملامسةً وتأثيرًا في المواطنين كما يقول تعالى: (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)) (قريش).

 

وتضيف أن الاقتصاد المصري عانى منذ اندلاع الثورة معاناةً كبيرةً، فضلاً عن وضعه المتردي في عهد النظام المخلوع؛ ما يضع على نواب البرلمان مسئولية اتخاذ إجراءات لإعادة النشاط للقطاعات الاقتصادية المختلفة، وجلب استثمارات جديدة والتحرك في قطاعات جديدة وتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية.

 

وتؤكد كذلك أن الملف الأمني له تأثير كبير في الاقتصاد وفي جميع قطاعات الدولة؛ ولذلك فسيكون مطروحًا بقوة أمام نواب الشعب، فقد عانى المواطنون من حالة من الانفلات الأمني ووعود متكررة بضبط الأوضاع دون تحقيق شيء من ذلك، وسيكون على المجلس القادم- باعتباره المؤسسة الأولى من مؤسسات الدولة التي تتشكل بعد الثورة- الضغط واتخاذ القرار ومراقبة التنفيذ والبحث في أسباب التقصير.

 

وتشير إلى أن الانفلات الأمني الذي عانى منه الشعب المصري والذي بدأ منذ جمعة الغضب 28 يناير الماضي ويستمر حتى الآن هو انفلات مصطنع لأهداف خاصة ولصالح بعض الأطراف، ولن يتمكن أحد غير مجلس الشعب أن يواجه هذا الانفلات، مؤكدةً أن انتهاء المرحلة الثالثة من الانتخابات سيكون إيذانًا ببداية قطف ثمار الثورة نبدأ مرحلة مصر الجديدة بمجلس شعب منتخب.

 

وتتوقع الجرف أن يكون يوم 25 يناير القادم يوم احتفال للشعب المصري بمناسبة مرور عام على الثورة، وبداية تحقيق أهدافها فمجلس الشعب وقراراته ستكون كفيلةً بتهدئة الشارع والحد من حالة الغضب، فمصر في حاجة للهدوء حتى يمكن حصد ثمار الثورة، فالثائر لا يمكن أن يظل ثائرًا طول عمره، بل لا بد أن يهدأ وينتقل للبناء.