واقترب مولد سيدي الرئيس؛ حيث احتشدت الجموع من كل حدب وصوب، متجهةً نحو سحب بطاقات الترشح لمنصب رئيس جمهورية مصر العربية.. ذلك الموقع الذي لا يزال البعض يظن أنه مكسب وليس مغرمًا؛ فالرئيس الجديد سيواجه تحدياتٍ صعبةً لا يقدر عليها عتاة الرجال، فسيتحمل مسئولية أفواه جائعة وأجساد عارية ودماء مريضة.

 

أضف إلى ذلك أنه سيواجه أكبر تحدٍّ في العالم (طبعًا مش بتاع "روابي")، ألا وهو لسان الشعب المصري؛ فتاريخ حسني مبارك قد تحول إلى مادة خصبة على صفحات اللوحات في التحرير وعلى حوائط "الفيس بوك" و"تويتر"؛ يعني بمجرد أن يعلن اسم الرئيس المنتظر الفائز بالمنصب ستنطلق سهام ألسنة المصريين نحوه، بالإضافة لصوره التذكارية مع مصطفى حسين وأحمد رجب، ويبدو أننا سنستهلك أثناء الانتخاب فما نراه من طوابير أمام لجان سحب أوراق الترشيح ينذر بأننا لن نصوِّت في ورقة تصويت بل في أجندة (بس مش أجندة من بتوع كنتاكي) والانتخابات هتتعمل على سبع مراحل وأستك، وطبعًا ليس معنى كلامي إجبار أحد على عدم الترشح فهذا حق يكفله الدستور.

 

وطبعًا اقتراب مولد الانتخابات يعدُّ مادةً خصبةً لإعلام خالتي فوزية؛ حيث الآراء المتبادلة بين الناشط السياسي والخبير الإستراتيجي والباحث في الشئون الدولية، والشعب وسطهم في الخلاط ينظر يمينًا ويسارًا؛ بحثًا عن مرشحه المحتمل، وأنا كفرد من ذلك الشعب أصابني الاكتئاب لعدم ظهور الرئيس المنتظر الذي أكاد أيأس من ظهوره ومن كثرة الناس "الحلوين" أصبحت مترددًا كترددي في الاختيار بين "المرسيدس والبي إم دبليوم" أثناء وقوفي في المعرض لاختيار أحدهما كخلفية للموبايل بتاعي أبو كاميرا، وعقلي يسألني: هل سنلجأ للنظرة السوداوية ونقعد نلطم ونولول ولاَّ تخليك فريش ومراوح صدرك تتنسم الحرية في غياب اللحمة المؤذية للقولون والأنبوبة المؤذية للبنطلون، ولكن نحيت الكيبورد السوداوي جانبًا؛ لأنه لا فائدة من البكاء على اللبن في البسكوت وقلت خلينا في الكفاح وسيبك من اللي راح وسمّعني ماما جاية امتى.. جاية في شهر ستة.

 

ولكن ما يصيبني بالزغطة هو الإسهال المستمر في الحديث عن المرشح التوافقي الذي سيدعمه الإخوان؛ حيث انتفض جميع المرشحين وخلفهم الجيوش الإعلامية في وجه ذلك المرشح المنتظر، وتم اتهام الإخوان بالحجر على الشعب المصري الذي بدأ يتنسم الحرية والديمقراطية، ولن يسمح بحزب وطني جديد وغيرها من الاتهامات، رغم أن أحدهم لم يكلف نفسه بمجرد التفكير في رأي الإخوان وكأنه حرام على الإخوان أن يبدوا رأيهم في مستقبل البلاد، فكما أنه من حق أي مرشح أن يقول رأيه أيضًا فمن حق الإخوان أن يقولوا رأيهم.. يعني لما تلاقي الفلول الغارقين في الفلولية حتى النخاع يبتسمون أمام الكاميرات دون أدنى حياء من بلاويهم أيام مبارك ويقولون من حقهم وهي دي الديمقراطية، لكن لما الإخوان يقولوا رأيهم تبقى الطامة الكبرى!!!!!!.

 

ولكن الملاحظ الفترة السابقة انتشار حالة الهسس من مرشح الإخوان، فتارةً نجد الصحفي الفلاني يجري في الشارع فرحًا كأنه جاب جون في الأهلي ليخبر الجميع بأن فلان الفلاني هو المرشح بتاع الإخوان فتتجمع عليه الكاميرات، ولا يلبث أن يسمع الجميع بإعلامي تاني في قناة تانية يعلن أنه من خلال مصدر مسئول قد عرف أن فلان التاني مرشح الإخوان مش فلان اللي قال عليه الأولاني وهلم جرا، وكأن المشاكل كلها انتهت وبقي مرشح الإخوان؛ مما دفع المذيع "اللميع" المشهور بتلوناته قبل الثورة وبعدها إلى أن يتوسل هو والمذيع اللي معاه على الهواء "موباشرطن" لكل من يشاهده "يا جماعة بلاش الإخوان المرة دي موافقين أنهم ياخدوا البرلمان بس يا جماعة أرجوكم بلاش مرشح الإخوان في الرئاسة" فعلاً الإعلام المصري أم الأجنبي.