1- الرجل الأرنب!

حكى والدي- رحمه الله- هذه الحكاية، قال:

كنا نؤدي واجب العزاء جماعيًّا في قرية بعيدة في الأربعينيات، متنقلين بالحمير، وعند العودة هطل المطر بشدة.. فنظرنا إلى بيت يمكننا أن ندخله حتى يهدأ المطر.. فإذا ببيت يخرج منه جمل يحمل "السباخ"، فرجح عندنا أنه بيت أحد المبسوطين ماديًّا، فألقينا السلام على صاحبه، ودخلنا تلقائيًّا وجلسنا على "مصطبة" عريضة في الدهليز (مدخل البيت) دون أن يأذن لنا صاحب البيت وقد أصابته حالة ذهول من هذا الاقتحام الجماعي!.

 

جلسنا، وجلس الرجل، والصمت يلفُّ الجميع صمت الحرج، وصمت الذهول، وكلٌّ منا ينظر إلى الآخرين ولا ندري فيم نتكلم؟ أو كيف نتكلم؟!

 

عاد الجمل من الحقل ليعاد تحميله بـ"السباخ"، وعند خروج الجمل إذا بأحد إخواننا يتكلم: شوفوا يا جماعة، الناس في البلد دي يحملون السباخ والتراب على الأرانب؟!

 

نظر صاحب البيت إلى المتكلم مستغربًا..

أخونا مرة ثانية: شوفتوا حد بيحمّل التراب والسباخ على الأرانب؟!

 

وهنا نطق صاحب المنزل قائلاً: يا جماعة دا جمل مش أرنب!

 

صاحبنا: لا دا أرنب!

صاحب البيت: يا جماعة دا جمل مش أرنب!

صاحبنا: لو كان دا جمل يبقى الأرنب عامل ازاي عندكم؟

قفز صاحب البيت في وسط الجمع وصار يقفز مثل الأرنب، ويقول لهم: الأرنب عندنا يعمل كده..

 

انفجر الجمع في ضحك، فانفكت الأزمة، وبدأ صاحب البيت يرحِّب بالجمع، وعرف أن الموضوع كان فك أزمة ولم يكن الأرنب مقصودًا.

 

هدأ المطر، واستأذن الجمع، وودَّعهم صاحب البيت مسرورًا.

 

أقول: هيا نحل الأزمات بذكاء الفكاهات، وطرافة التصرفات..

 

2- صورة على علبة بلوبيف!

تحت ضربات الكرباج تحدث أخونا إلى الشاويش الذي يضربه قائلاً له: أنا شوفت صورتك يا شاويش..

 

فقال الشاويش وقد توقف عن ضرب الأخ: فين يا ولد؟

 

سرح الأخ قليلاً وهو يردد: فين.. فين؟

الشاويش مستمرًّا في توقفه عن ضرب الأخ قائلاً: فين يا ولد؟

سرح الأخ مرةً أخرى وهو يردِّد: فين.. فين؟ ثم قال: افتكرت.. افتكرت..

الشاويش: فين يا ولد؟

الأخ: على علبة بلوبيف!

ضحك الشاويش مسرورًا!! وخفَّف الضرب على الأخ.. وقد استراح أخونا هو الآخر لحظات دون كرباج!.

 

أقول: إن الشاويش حالة من غباء زبانية التعذيب الذين كانوا مسلَّطين على الإخوان.. فالصور المطبوعة على علب البلوبيف هي صور ثيران أو أبقار!.

 

3- الملك لا يقدر!

غضب الملك فاروق بسبب وشاية عن صديقه الهلباوي المحامي.. فقال الملك: هاخرب بيته!

 

وصل تهديد الملك إلى الهلباوي، فقال: ما يقدرش الملك يخرب بيتي.

 

وصلت كلمة الهلباوي إلى الملك، فاستدعاه وسأله: أنت قلت إني ما أقدرش أخرب بيتك؟

 

قال الهلباوي: نعم، لأني معنديش بيت خاص!.

انتبه الملك، ثم صمت لحظةً، ثم أمر بقطعة أرض للهلباوي، ومنحة مالية ليبني بيتًا خاصًّا!.

 

أقول: رُبّ خصومة أدَّت إلى انفراجة ونعمة واسعة!.

 

مع اعتذاري عن توظيف كلمات عامية في هذه الحلقة على اعتبارها أمرًا واقعًا.