لأولاد الشهداء والمعتقلين حقوق على مجتمعهم، وهذه الحقوق ليست منحة وإنما هي واجب،لأننا ندين بالفضل لآبائهم الذين قدموا دماءهم وأرواحهم وحريتهم دفاعًا عن الحق والعدل والحرية والكرامة، وقد أدركت ذلك كثير من الدول فأنشئت هيئات خاصة لرعاية أولاد الشهداء معنويًا وماديًا وتعليميًا وإلحاقهم بوظائف كريمة مناسبة.

 

وأحسب أن أولاد الشهداء والمتعقلين في مصر منذ انطلاق ثورة 25 يناير وحتى تنتصر الانتصار الكامل، بحاجة لرعاية عاجلة تشملا لجوانب المعرفية والوجدانية والمهارية، والحقوق المقررة شرعًا للأيتام، ويقوم بهذه الرعاية، الأقارب والجيران والأصدقاء والمعلمون والدعاة المربون.

 

أولا: الجانب المعرفي:

توضيح الرؤية للأولاد بخصوص الأحداث المعاصرة التي أدت لاستشهاد آبائهم، وهي باختصار: هناك مؤامرة على الإسلام والمسلمين وبلادهم من الأعداء الصهاينة والمستعمرين، وقد استطاعوا تجنيد عملاء من بني جلدتنا؛ فأذلوا العباد وأفقروا البلاد ومزقوها وأهلها شيعًا، ومكنوا لأعدائنا في أرضنا، طوال أكثر من ستين عامًا.

 

تعريفهم أن آباءهم لم يخرجوا دفاعًا عن شخص الرئيس محمد مرسي، وإنما دفاعًا عن الحرية والكرامة والعدالة، وحق الشعب في الاختيار الحر لمن يمثله في حكم الوطن، وهو السبيل الوحيد للتقدم كما حدث في بلاد العالم الأول.

 

تصحيح الصورة المشوهة والمغلوطة التي يحاول إعلام العار إلصاقها بآباء هؤلاء الأولاد ووصمهم بالإرهاب، وأن الإرهاب الحقيقي هو الانقلاب على الدستور والرئيس المنتخب، وقتل المعتصمين والمتظاهرين السلميين، واعتقال الشرفاء، وإطلاق سراح البلطجية واللصوص والقتلة والمفسدين.

 

بيان رجاحة عقل آبائهم، وأنهم من أغزر الناس علما وحلمًا وحكمة، وأنهم أسمى من أن يغرر بهم أو يخدعهم أحد، وأنهم كانوا أبطالًا شجعانًا، ضربوا أعظم الأمثلة في الفداء والتضحية في سبيل الله ونصرة الحق والدفاع عن الحرية والكرامة، وأنهم تقدموا الصفوف في الاعتصامات والمسيرات وهم واعون بما ينتظرهم من رصاص الخونة أو سجونهم، فما ترددوا أو ضعفت عزائمهم.

 

تعريفهم أن المعتقلين في سجون الظالمين بمصر عقب انقلاب 3 يوليو، أدخلوا السجون لأنهم لم يبيعوا دماء أبناء شعبهم أو يخونوا وطنهم أو ينهبوا ثروته، وأنهم وضعوا في السجون بإرادتهم، وإلا لكان بإمكانهم أن يخرجوا بكلمة خضوع واحدة للانقلابين ويصبحوا وزراء، كما قال المهندس سعد الحسيني محافظ كفر الشيخ الذي عينه الرئيس مرسي.

 

ثانيا: الجانب الوجداني:

إشعار هؤلاء الأولاد بمكانة آبائهم العظيمة في الدنيا، وأن الله تعالى ما اتخذهم شهداء إلا لأنهم كانوا من أشرف الناس وأنبلهم، وأزهدهم وأورعهم وأتقاهم، وأحسنهم خلقًا، وأكثرهم برًا بآبائهم، وأشدهم عطفًا على المساكين، وأكرمهم للجيران...إلخ.

 

إشعارهم بأن آباءهم ليسوا شهداء عاديين بل هم من سادة الشهداء إن شاء الله تعالى، فعن جابر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَالَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ، فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ" رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد، وأدرجه الألباني في كتابه: صحيح الترغيب والترهيب برقم: 2308

 

إسعادهم وطمأنتهم على مصير آبائهم ببيان ما أعده الله للشهداء من النعيم المقيم في جنات عدن، من خلال مدارسة الآيات والأحاديث التي بينت فضلهم، مثل قوله تعالى: "وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) (سورة آل عمران)، ومثل قول النبي–صلى الله عليه وسلم- : "لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ: يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ، وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الإِيمَانِ، وَيُزَوَّجُ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِنْ حُورِ الْعِينِ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَيُؤَمَّنُ يَوْمَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ، وَيَضَعُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ، الْيَاقُوتَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ" (رواه الترمذي)

 

إشعارهم أن استشهاد والدهم البطل وتضحيته بدمه وروحه لن يضيع سدًى، وإنما كان فداء لدينه، ورفعة لأمته، وحبًا في أهله وأبنائه كي يعيشوا أحرارًا أعزةً كرامًا.

 

تشبيه ما يحدث للمعتقلين بما حدث من قبل لنبي الله الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم:يوسف الصديق –عليه السلام- حيث سجنه القضاء الظالم في مصر العجيبة، على الرغم من ظهور براءته بالأدلة القاطعة، وتيقن الجميع من صدقه وأمانته، وكان سجنه بردًا وسلامًا عليه كما كانت النار على جده الأكبر إبراهيم –عليه السلام-، بل إنه دعا ربه: "قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ..." (يوسف:33)، ولما شاءت إرادة الله تعالى أظهر براءته، وأخرجه من السجن، ومكَّن له في الأرض، وجعله عزيزًا لمصر؛ فأنقذها ومَنْ حولها من الجوع.

 

إشعارهم باهتمام المجتمع بهم من خلال إقامة حفلات تكريم لأبناء الشهداء والمعتقلين تتضمن فقرات متنوعة تناسب الأطفال وتدخل السرور عليهم مثل: الساحر ومسرح العرائس والألعاب الترفيهية والمسابقات وتلوين للوجوه ...إلخ.

 

ثانيا: الجانب المهاري:

علاج صدمة أبناء الشهداء والمعتقلين العاطفية نتيجة فقدانهم والدهم الحبيب.

تنميتهم وصقلهم فكريًا وثقافيًا ...إلخ.

تدريبهم على فنون الخطابة والإنشاد والتمثيل المسرحي والمناظرة ...إلخ.

 

دعوتهم لإلقاء كلمات في الفعاليات المختلفة (حفلات – مسيرات ...إلخ)، فليس هناك من هو أبلغ تأثيرًا في أصحاب القلوب والعقول من أولياء الدم حتى ولو لم يكونوا بلغاء.

 

إعدادهم للقيام بدور فعال ومؤثر في مدارسهم وأحيائهم من خلال الخطب والأناشيد والهتافات واللوحات والصور ...إلخ وتشجيع زملائهم وجيرانهم في الخروج بمسيرات ووقفات رافضة للانقلاب قاتل آبائهم.

 

إشراكهم في دورات التنمية البشرية (إدارة الوقت – عادات النجاح – التخطيط ...إلخ).

إشراكهم في دورات عملية حرفية (كمبيوتر – صيانة محمول – كهرباء ...إلخ).

متابعتهم في المدرسة واتخاذ كافة السبل للعمل على تفوقهم دراسيًا.

التأكد من انتظامهم في حلقاتهم التربوية، وتحفيظهم القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، والعلم النافع في الدنيا والآخرة.

مدارسة قصص العظماء الذين كانوا أيتامًا مثل نبينا محمد–صلى الله عليه وسلم-، والإمام أحمد بن حنبل، والإمام البخاري، والإمام الشافعي ...إلخ.

تربيتهم على الصفات العشر للفرد المسلم: قوي الجسم، متين الخلق ...إلخ (راجع مقال: وسائل عملية لتربية الأولاد على الصفات العشر)

 

رابعًا: الحقوق المقررة شرعًا للأيتام، ومنها:

كفالة الأيتام والقيام لهم بالقسط والإصلاح لهم والإحسان إليهم وإكرامهم وإطعامهم وكسوتهم وتأديبهم ...إلخ، وقد قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- :"أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا"(رواه البخاري).

رعاية وتثمير مال اليتيم والحذر من أكله.

 

الحذر من إيذاء اليتيم.

العطف على اليتيم وإشعاره بالحنان بالابتسام عند لقائه ومصافحته واحتضانه وتقبيله والمسح على رأسه ...إلخ.

 

وأخيرًا، نبشر القائمين على كفالة اليتيم وإكرامه بما لعملهم هذا من فوائد كثيرة، نقلتهاعن بعض العلماء:

ü                        صحبة الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم في الجنّة، وكفى بذلك شرفًا.

ü                        كفالة اليتيم صدقة يضاعف لها الأجر إن كانت على الأقرباء.

ü                        كفالة اليتيم والإنفاق عليه دليل طبع سليم وفطرة نقيّة.

ü                        كفالة اليتيم والمسح على رأسه وتطييب خاطره يرقّق القلب ويزيل عنه القسوة.

ü                        كفالة اليتيم تعود على الكافل بالخير العميم في الدّنيا فضلا عن الآخرة.

ü                        كفالة اليتيم تساهم في بناء مجتمع سليم خال من الحقد والكراهيّة، وتسوده روح المحبّة والودّ.

ü                        في إكرام اليتيم والقيام بأمره إكرام لمن شارك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في صفة اليتم، وفي هذا دليل على محبّته صلّى اللّه عليه وسلّم.

ü                        كفالة اليتيم تزكي المال وتطهّره وتجعله نعم الصّاحب للمسلم.

ü                        كفالة اليتيم من الأخلاق الحميدة الّتي أقرّها الإسلام وامتدح أهلها.

ü                        كفالة اليتيم دليل على صلاح المرأة إذا مات زوجها فعالت أولادها وخيريّتها في الدّنيا وفوزها بالجنّة ومصاحبة الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم في الآخرة.

ü                        في كفالة اليتيم بركة تحلّ على الكافل وتزيد من رزقه.