رسالة القائم بأعمال المرشد العام للإخوان المسلمين في ذكرى المَولد


بسم الله الرحمن الرحيم
 

{إلاّ تنصروه فقد نصره الله}
 

 أيها المسلمون جميعًا..
رجالاً ونساءً، شيبةً وشبابًا، وعربًا وعجمًا، حكامًا ومحكومين ،أغنياء وفقراء، فرادى وجماعات، آمنين في أوطانهم وخائفين يتخطفكم الناس، من جاهدوا ونصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو كانوا على غير ذلك من العجز والكسل والقعود عن نصرته..


هل وعينا قول ربنا لنا جميعًا ونحن فى ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم؛ قوله سبحانه (إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيّده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا)


نعم أيها المسلمون.. إن كلمة الله هي العليا ومعية الله تعالى وسكينته وعد لكل من نصر الله ورسوله (فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين).


يا حكام المسلمين.. ملوكًا ورؤساء، شيعة وسنة..


ألا تشهدون أن محمدًا رسول الله، فلِمَ بأسُكم بينكم شديد؟ ولِمَ بأسكُم على شعوبكم أشدّ؟ ألم تسمعوا إلى دعائه المستجاب من ربه (اللهم من ولي من أمر أمتي أمرًا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي أمرًا فرفق بهم فارفق به"؟ ألم تسمعوا قوله صلى الله عليه وسلم: "كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه، وماله، وعرضه" ثم أنتم هؤلاء تحشدون جيوشكم؛ إذكاءً لفتنة طائفية، أو إحياءً لعرقية جاهلية، فتقتلون إخوانكم، أو تخرجون فريقًا منهم من ديارهم وأوطانهم، تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان؟! ألا تخشون ما توعّد الله به مَن فعل ذلك من خزي في الدنيا وأشد العذاب في الآخرة.


يا حكام المسلمين.. ملوكًا ورؤساء..
لِمَ تدبرون عن أهليكم وشعوبكم وتسارعون فيمن احتل أوطانكم وأخرجوا إخوانكم من فلسطين من ديارهم أو ظاهروا على إخراجهم؟ أتبتغون عندهم العزة؟ فإن العزة لله جميعًا.. وإلا تنصروه - في ذكرى ميلاده - فقد نصره الله؛ إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار..


أيها المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس..


اثبتوا  على الحق ووحّدوا صفوفكم واصبروا وصابرو ا لن يضركم من ناوأكم من حكومات أو خذلكم من ملوك ورؤساء؛ فبقية الخير في أمتكم، تنمو وتربو بثباتكم وجهادكم، وهي لاحقة بكم ولو بعد حين.


أيها الصابرون المحتسبون في سجون الاحتلال وسجون الظالمين من أمتنا، ولم تبدلوا أو تلينوا ولم تعطوا الدنيّة من دينكم أو أوطانكم..


لا تحزنوا فإن الله معكم وما أنزل الله عليكم من سكينة وآتاكم من عزيمة زادٌ عظيمٌ يحيي الله به من شاء من أمتكم لجولة قادمة أنتم ملهموها وحاملو لواءها، ولا يفوتنا أن نحيي صمود الرئيس البطل الأستاذ الدكتور محمد مرسي، رئيس جمهورية مصر العربية، الذي ما لانت له قناة وما وهن وما استكان وما خان الله فينا مهما أصابه في سجون المجرمين من بأس وضر.


أيها المنكرون بقلوبكم للظلم والاستبداد..
أنتم على خطر عظيم إن لم تعتزلوا الظالمين؛ فإنهم لن يتركوكم حتى تكونوا معهم في الشر سواء، ولا نجاة لكم إلا أن تكونوا مع الصادقين.


أيها المقهورون والمحبطون..


إياكم أن ترضوا بالظلم، واعلموا أن الله أقدر على الظالمين من قدرتهم عليكم، ولا تيأسوا من رحمة الله؛ فلا نجاة لكم إلا أن تعتصموا به واستعيذوا بالله من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وغلبة الدين وقهر الرجال.
أيها الداعون للخير.. الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر.. أيها الداعون إلى الله على بصيرة..


لا يستخفنّكم الظالمون أو يستدرجوكم إلى غير العمل الصالح القويم والموعظة الحسنة، وأدُّوا واجبكم، واصبروا على ما أصابكم، معذرة إلى ربكم تنجوا بها من عذابه ولا تيأسوا أبدًا من أمتكم، فالخير في أمتكم إلى يوم القيامة، ولا تكونوا مثل الذين يئسوا من أمتهم، واستحلوا دماءهم وأعراضهم، وكانوا عليها أشد من أعدائها لا يدرأ فتنتهم  إلا تحصين الأمة وتنمية الخير ومحاصرة الفساد وجمع الكلمة (فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).. أحيوا الأمل في قلوب الأمة وبشروهم بالخير وأعينوهم على الطاعة، وكونوا في حاجاتهم وواسوا مصابهم، لا تبتغوا بذلك إلا وجه الله ونصرة رسوله في ذكرى ميلاده.


ومع الفجيعة التي أصابت الأمة في مسجد الروضة.. نعزي أهل ضحايا مسجد الروضة وندعو الله أن يتقبلهم في الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، حسبنا وحسبهم أن المرء يبعث على ما مات عليه، جراحُه اللون لون دم والريح ريح مسك، يشفعون لأهليهم وذويهم، ونسأل الله أن ينتقم ممن استحلّ دماءنا ودماء المصريين من أعداء أمتنا من الصهاينة ومن حالفهم.


أ. د. محمود عزت
القائم بأعمال فضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين
10 ربيع أول 1439 هـ = 29 نوفمبر 2017 م