وصفت دراسة نشرها معهد كارنيجي للسلام مشاريع المنقلب الخائن عبدالفتاح السيسي الكبرى بأنها "عقيمة ولا تُقدّم أي منافع اقتصادية واسعة وملموسة" للشعب المصري، بل تزيد إفقاره بسبب الديون التي تترتب عليها ويتحملها.

وقالت الدراسة: إن هذه المشاريع لها هدفان؛ (الأول): تُعزّز قبضة القوات المسلحة على الاقتصاد، و(الثاني) دعائي؛ حيث "تُستخدَم كأداة لفرض السلطة وترسيخ الدعم في صفوف أنصار النظام".

https://twitter.com/MagedMandour/status/1158825677321396229


تفاصيل الدراسة

•    نفّذ عبدالفتاح السيسي - منذ انقلابه الغاشم جملةً من مشاريع البنى التحتية الضخمة المشكوك في فوائدها الاقتصادية، واستمر في إعطائها الأولوية، على الرغم من أزمة الديون المستفحلة.
•    هذه المشاريع الضخمة تُنفَّذ على حساب مشاريع من شأنها إحداث تحسينات اقتصادية ملموسة تسهم في رفع المستوى المعيشي للمصريين العاديين الذين يرزحون تحت وطأة مشقات اقتصادية متزايدة.
•    بسبب هذه المشاريع تفاقمت أزمة الديون التي بلغت ما نسبته 101% من إجمالي الناتج المحلي بحلول أواخر عام 2018، وكلفة خدمة الدين 31% من موازنة 2016-2017.
•    ارتفعت معدلات الفقر من 27.8% عام 2017 إلى 30.2% عام 2018، (لم يورد التقرير ارتفاعها مرة أخرى إلى 32.5% من إجمالي سكان مصر عام 2019 بحسب إحصاء رسمي)؛ ما يتسبب استفحال الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
•    دفعت أزمة الديون الحكومة للتخطيط لإعادة جدولة الديون، والاعتماد على القروض الطويلة المدى، وإصدار سندات ذات قسائم صفرية، أي سندات من دون فائدة تُباع بسعر مخفَّض جدًّا.

لماذا هذه المشاريع؟

•    هذه المشاريع تؤدّي وظيفتَين: (الأولى) توفّر للجيش فرصًا إضافية لزيادة تدخّله في جوانب مختلفة من الاقتصاد المصري، وهو ما ينكره السيسي ويؤكد أن دور الجيش في هذه المشاريع هو محض "إشرافي".
•    الوظيفة (الثانية) هي استخدام هذه المشاريع أداة لفرض السلطة وترسيخ الدعم في صفوف أنصار النظام.
•    كمثال على ذلك صرّح السيسي في مقابلة تلفزيونية في يونيو 2016 أن الهدف من التوسعة التي بلغت كلفتها 8 مليارات دولار كان رفع معنويات الشعب المصري لا تحقيق منافع اقتصادية ملموسة.
•    الشركات المملوكة للجيش نمت في عهد السيسي بسبب مشاركتها في مشاريع ضخمة للبنية التحتية، مثل شركة العريش للأسمنت العسكرية التي شيّدت مؤخرًا مصنع الإسمنت الأكبر في مصر بقيمة مليار دولار أمريكي.
قناة السويس لم تحقق منافعها
•    بحسب تقرير كارنيجي: "صُوِّرت توسعة قناة السويس بأنها ضرورية للتخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية وزعم رئيس هيئة قناة السويس، مهاب مميش، في عام 2014 أنه يُتوقَّع أن تصل الإيرادات إلى مئة مليار دولار في السنة.
•    ولكن الأرقام تُظهر أن الحجم الإجمالي للاقتصاد المصري بلغ 249 مليار دولار في أواخر عام 2018، في حين أن مجموع العائدات التي أمّنتها قناة السويس في السنة نفسها لم يتجاوز 5.7 مليارات دولار.
•    لم يُحقّق المشروع المنافع المتوقَّعة؛ حيث شهدت إيرادات القناة تراجعًا في السنوات الماضية.
•    في عام 2014، أي قبل التوسعة، بلغت الإيرادات 5.5 مليارات دولار وفي عام 2015، تراجعت إلى 5.1 مليارات دولار، ثم إلى 5 مليارات دولار عام 2016، لتشهد ارتفاعًا من جديد عام 2018 مع بلوغها 5.5 مليارات دولار.
•    خلال الاحتفال بالذكرى الرابعة لافتتاح قناة السويس الجديدة، أمس الثلاثاء قال الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس إن القناة حققت 5.9 مليارات دولار عائدات العام المالي 2018/ 2019.
•    رغم هذا لم يتمكّن المشروع من توليد إيرادات كافية لتسديد الأقساط؛ ما أرغم وزارة المالية على تسديد مبلغ الـ600 مليون دولار؛ لأن هيئة قناة السويس لم تكن تملك الاحتياطي الضروري.

مشاريع عقيمة أخرى

•    من "المشاريع العقيمة المشابهة"، بحسب التقرير، جسر روض الفرج المعلّق الذي افتتحه الرئيس السيسي في 15 مايو، وتولّت تشييده الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بالاشتراك مع شركة "المقاولون العرب"، وجرى الترويج له "الأكبر في العالم".
•    من هذه المشاريع العقيمة أيضًا بناء أطول برج في إفريقيا وأكبر متحف في العالم كلفته مليار دولار.
•    منها أيضًا بناء أكبر مسجد وكنيسة في مصر، والعاصمة الإدارية الجديدة التي دشّنها السيسي في يناير 2018.
 

مشاريع بنية تحتية أهم

قد تكون لبعض هذه المشاريع منافع ما، لكن مصر تواجه عددًا من الضغوط الملحّة في مجال البنى التحتية، بما في ذلك ترميم السكك الحديد التي تنقل يوميًّا 1.4 مليون راكب في المعدل والتي باتت قديمة ومتهالكة.

جرى مؤخرًا تخصيص 300 مليون جنيه مصري (18 مليون دولار) للسكك الحديد، في حين تحتاج إلى استثمار سنوي قدره نحو 10 مليارات جنيه (602 مليون دولار).
في عام 2017 وحده، شهدت السكك الحديد 1657 حادثًا، أي بزيادة بلغت نسبتها 33% في الأعوام الأخيرة.
خلفيات
•    دفع توسُّع الامتداد الاقتصادي للقوات المسلحة صندوق النقد الدولي إلى التحذير في سبتمبر 2017 من أن "تدخّل الكيانات التابعة لوزارة الدفاع قد يتسبب في تعطيل" استحداث الوظائف وتطوير القطاع الخاص.
•    يشارك الجيش المصري في مختلف النشاطات الاقتصادية عبر أربع هيئات تتبع وزارتي الدفاع واﻹنتاج الحربي؛ هي: جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، والهيئة العربية للتصنيع، والهيئة القومية للإنتاج الحربي، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة.
•    يتراوح هذا البيزنس بين: مقاولات حكومية واستيراد وتصنيع الدواء وإدارة الطرق الصحراوية ومدارس تعليمية أنشأها الجيش الثالث في السويس، وبيزنس الطاقة (الالواح الشمسية)، وبيزنس مزارع السمك والتماسيح ومصانع أسمنت وأغذية وبيع لحوم ومواد غذائية ومنظفات، وغيرها.
•    السيسي أكد أن اقتصاد الجيش لا يزيد عن 2% من حجم الاقتصاد، ولكن رجل الأعمال نجيب ساويرس ومعهد كارنيجي ومنظمة الشفافية الدولية وواشنطن بوست)، قدروا هذا الاقتصاد بما يتراوح بين 10، 20، و35 و60%.
•    أرجع تقرير سابق لمجلة "فورين بوليسي" يناير 2016 ما أسماه "ترك السيسي الاقتصاد للجيش ليتحكم فيه"، إلى ما وصفها بـ"صفقة" بينه وبين جيشه تقوم على دعم الجيش للسيسي مقابل ترك الأخير الهيمنة للجيش على الاقتصاد وعدم التزام العسكريين بالقوانين.