جاء اتهام قائد الانقلاب وداخليته لجماعة الإخوان المسلمين (حركة "حسم" التي لا تنتمي للإخوان ولكنهم زعموا أنها تابعة لهم!!) بالمسئولية عن تفجير سيارة أمام معهد الأورام ومقتل 20، كأحدث شماعة يعلق عليها الانقلاب فشله.

الجريمة الغامضة التي لا يستبعد خبراء ومحللون أن تكون الداخلية نفسها هي من تقف وراءها (لم يعلنوا أسم أي متهم أو حتى الضحايا)، أظهرت فشل الانقلاب أمنيًّا بعد تركيزه على الأمن السياسي وتركه الأمن الجنائي والإرهاب الحقيقي.

والسعي لتعليق الجريمة على شماعة الإخوان - كما حرص الانقلاب منذ اغتصابه للحكم - جاء في أعقاب الهجوم الشعبي الكبير لحكومة الانقلاب وانتقاد مواقع التواصل سلطات الانقلاب وإعلامها وتغافلها وتراخيها في مواجهة كارثة طالت أهم مستشفى لعلاج الفقراء من أورام السرطان في مصر.

أما التخبط الرسمي بإعلان مسئولين أمنيين لصحف الانقلاب - مثل "اليوم السابع" وغيرها - أن الحادث وراءه انفجار أنبوبة أكسجين ثم قول داخلية الانقلاب إنه تصادم سيارات، ثم الزعم بأن السيارة المخالفة مفخخة وخروج قائد الانقلاب ليقول إنه عمل إرهابي.. فليس له تفسير سوى أنهم يسعون للتغطية على جرائم في الداخل والخارج.

ولأن الشعب سخر من رواية داخلية الانقلاب أن كل شيء وراءه الإخوان واستغربوا أن يقوم "إرهابيون" بتفجير مستشفى السرطان، اعتمدت داخلية الانقلاب قصة مفبركة أن السيارة كانت مُعدّة للانفجار في مكان آخر وتبرعت قناة "العربية" السعودية لتزعم أن المستهدف كان مديرية أمن الجيزة.

ويبدو أن الرواية الرسمية تريد إلقاء الكرة بعيدًا عن اتهام سلطة الانقلاب بالفشل والتقصير من جانب، وتشويه خصوم نظام الانقلاب العسكري من جانب آخر، أو أن الحادثة مدبرة للتغطية على كوارث قادمة يعتزم السيسي تنفيذها في حق قيادات الإخوان، الذين ينتظرون صدور أحكام قبل نهاية الشهر الجاري.

لهذه الأسباب.. الاتهامات "بلح"

يمكن رصد المؤشرات والملاحظات التالية لبيان أن اتهامات داخلية الانقلاب للإخوان "بلح" ومحض أكاذيب ومحاولة ربما لاستغلال الجريمة في موجة سفك دماء جديدة ومحاولة اكتساب بطولة زائفة أمام الشعب على النحو التالي::

  1. لا علاقة أصلاً لجماعة الإخوان بأي حركات عنف على الساحة، وليس من منهج الإخوان العنف، وإلا لردُّوا - لو كانوا يتبنّون هذا النهج العنيف - على المذابح العديدة التي قامت بها سلطة الانقلاب ضدهم.
  2. لماذا قالت داخلية الانقلاب في نهاية بيانها: "وجار استكمال عمليات البحث والتحري......"؟ على الرغم من أنها أعلنت تعرفها على الجناة "حركة حسم" - بحسب زعمها - وانتهى الأمر وأدانتهم في البيان ذاته؟ كيف تقول إنها ما زالت تتحرى لمعرفة المتسببين، وتقول في الوقت نفسه إنها عرفت الفاعل وتتهم "حسم" وتقول إنهم الإخوان؟! أليس هذا دليلاً على التلفيق المبكر؟ وعلى الرغم من أن التصريحات الرسمية أفادت بأن العمل ليس إرهابيًّا!
  3. بيان داخلية الانقلاب يقول: "تبين من الفحص المبدئي" أي أنه لا يجزم ولا تزال هناك تحريات وتفاصيل فنية؛ فمن أين قالوا في البيان نفسه إن "حسم الإخوانية" وراء الانفجار؟!! كيف عرفوا وهم في مرحلة الفحص المبدئي؟!! أين الأدلة سوى الفبركات؟
  4. من أين عرفت داخلية الانقلاب أن ما أسموها بـ"حركة حسم الإخوانية" هي التي تقف وراء تفجير معهد الأورام دون القبض على أحد أفرادها او الإعلان عن هوية من يركب السيارة؟!
  5. على فرض أن "حسم" التي يحاولون ربطها بالإخوان لديها سيارة مسروقة ولديها كمية مهولة من المتفجرات تسببت في عملية التفجير الضخم هذه.. لماذا انتظروا حتى تنتهي البطولة الإفريقية لتنفيذ عملية في العيد، وحدث خطأ وانفجرت السيارة، وفق رواية داخلية الانقلاب؟ هل وطنيتهم وحبهم لمصر و"للنظام" دفعهم لتأجيل العملية للحفاظ على صورة مصر والسيسي!
  6. على فرض أنه كانت هناك سيارة بها متفجرات فمن يقدر على توفير هذه المتفجرات والتحرك بها في شوارع القاهرة المليئة باللجان الأمنية؟
  7. هل هناك علاقة بين السيارة المحملة بالمتفجرات وتحذير بريطانيا من عمل إرهابي ووقف الخطوط البريطانية رحلاتها لمصر أسبوعًا؟ وتحذير ترامب من عمل إرهابي في مصر من أسبوع بعد القبض على صوماليين كانا يستعدان للانتقال لمصر للانضمام لداعش سيناء؟
  8. إذا كان ما جرى هو تفجير سيارة مفخخة فما المستهدف من هذا المكان.. هل تفجير معهد الأورام على أساس أن الأورام كافرة مثلاً؟!!
  9. إذا كانت السيارة مسروقة ومبلغًا بسرقتها وكانت مفخخة للإعداد لعمل إرهابي وانفجرت بالصدفة.. فهل هذا منطقي؟ هل يقوم إرهابي وسارق سيارة بها متفجرات بالسير عكس الاتجاه في أكثر مكان بمصر ازدحامًا ليكشف نفسه ويعترضه أي عسكري مرور ويقبض عليه؟
  10.  ألا يفترض بمن يسير بسيارة مفخخة أن يداري نفسه عن العيون لحين تنفيذ جريمته "الإرهابية" وعدم السير عكس الاتجاه كي لا يتعرف الناس عليه؟
  11. الفيديو الذي عرض للسيارة تسير عكس الاتجاه يشير إلى أن السيارة تسير ببطء وهدوء عكس الاتجاه في منطقة ملتقى المنيل بالسيدة زينب أكثر أماكن القاهرة زحامًا والصورة التي قيل إنها كاميرا مراقبة تهتز كأنها صورة موبيل لا كاميرا مراقبة.
  12. برغم هذا نفت حركة "حسم" - في بيان لها - مسؤوليتها عن انفجار "معهد الأورام" بالمنيل، وقالت: "إن نهجها صيانة دماء المصريين وتجنب استهداف المدنيين".

لماذا لصق التهمة بالإخوان؟

شماعة الإخوان دائمًا جاهزة لدى داخلية الانقلاب وقائده لتبرير فشلهم وتلفيق القضايا للأبرياء، بينما هم المجرمون الذين قتلوا آلاف المصريين بالرصاص الحي والتعذيب والإهمال الطبي، ويمكن رصد أهم أسباب كذب السلطة الانقلابية باتهام الإخوان على النحو التالي:

  1. السيسي ربما يسعي للاستفادة من الحادث سياسياً؛ ليغطي على فشله ويزيد في القمع أو تبرير صدور أحكام جديدة ضد الإخوان.
  2. لأنه نظام مهترئ، ولا يفلح سوى في تصفية خصومه من معتقلين ومختفين قسريًّا، يستغل هذه التفجيرات في تصفية مختفين قسريًا، فلا يستبعد أن تقتل داخلية الانقلاب العشرات خلال الساعات القادمة لتستفيد من التفجير وتحاول تلميع نفسها وتبرير فشلها.