في جولة هي الأولى له بعد انتخابه رئيسا لحركة حماس، بدأ إسماعيل هنية جولة زيارات خارجية، بدءا من القاهرة، مرورا بتركيا فدول أخرى ضمن جولة يتوقع لها أن تمتد لعدة أشهر.

وتأتي الجولة بعد موافقة سلطات الانقلاب على إجرائها؛ حيث سبق أن تقدم هنية بعدة طلبات مماثلة، إلا أن الأخيرة كانت ترفضها تحت مسوغات عدة، لم يتم الإفصاح عنها في حينها.

واستهل هنية جولته الخارجية، التي بدأها فجر الأحد، بزيارة إلى تركيا، يعقبها زيارات أخرى لعدة دول بينها ماليزيا وقطر.

ووفق مصدر فلسطيني، فإن جولة هنية تشمل مشاركته في منتدى "كوالالمبور" الذي سيعقد في العاصمة الماليزية على هامش القمة الإسلامية المقرر عقدها في الـ18 ديسمبر الجاري، وتجمع زعماء 5 دول: ماليزيا وتركيا وباكستان وإندونيسيا وقطر.

وعن هذه الجولة ودلالاتها وملفاتها وموقف الاحتلال منها والتوقعات المرجوّة منها صرح حسام الدجني؛ الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الفلسطيني والشرق أوسطي وأستاذ للعلوم السياسية.

وفيما يلي نص المقابلة:

* كيف تقرأ جولة إسماعيل هنية سياسيًا على صعيد العلاقات الخارجية؟

** السيد هنية منذ توليه رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس قال خطابه الشهير آنذاك والذي تحدث فيه عن استراتيجية في العلاقات الدولية تقوم على الانفتاح على كل مكونات الأمة وكافة الدول باستثناء دولة الاحتلال.

ومن هنا تنطلق هذه الزيارة الأولى في تطبيق الاستراتيجية بشكل مباشر من قبل شخص هنية، الذي يتمتع بمكانة في الوعي الجمعي العربي والإسلامي، وكذلك لدى أحرار العالم.

وبالتالي من الممكن أن يحدث اختراقات بشبكة العلاقات الدولية لحركة حماس وتعزيز حضورها السياسي إقليميًا ودوليًا واستعادة هذه العلاقات بعد فترة ركود، خاصة بعد انتقال مركز الثقل لحركة حماس من الخارج إلى داخل قطاع غزة بعد الانتخابات الداخلية الأخيرة التي ترأس من خلالها هنية المكتب السياسي للحركة.

لذلك سيعمل هنية على استعادة وترميم هذه العلاقات لصالح القضية الفلسطينية في ظل التحديات والمشاريع التي تستهدفها كصفقة القرن والاستيطان والتهويد وأيضًا علاقات حماس الدولية والأزمة المالية التي تمر بها حماس، كل هذه الملفات بالتأكيد ستكون على أجندة إسماعيل هنية.

* وكيف يقرؤها الشارع الفلسطيني؟

** الشعب الفلسطيني ربما يكون جزء كبير منه غير مكترث بهذه الزيارة بقدر ما تهمه النتائج التي يلمسها ويعاينها في واقعه خاصة في هذا التوقيت.

ونحن كمراقبين نعلم أن تعقيدات المشهد الفلسطيني ربما تكون سببا في وصول الشعب الفلسطيني إلى هذه النتيجة ،وربما هو يتطلع لنتائج هذه الزيارة وإمكانيتها في أن تحدث اختراقًا وتغييرًا يمكن أن يخفف من الضغط الاقتصادي عن كاهل المواطن الفلسطيني، وتعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية وللمشروع الوطني في ظل حالة التردي وما تشهده المنطقة من تسارع عملية التطبيع مع الاحتلال ومحاولات الاحتلال الدؤوبة لتوقيع اتفاقيات هنا وهناك في منطقتنا العربية والخليجية بما يضمن للاحتلال حضورا أمنيا وعسكريا وسياسيا واقتصاديا مهما في الشرق الأوسط، ولا شك أن هذا التواجد يضر بالقضية الفلسطينية ويشكل انقلابًا على مبادرة السلام العربية. ومن هنا يأتي الشارع الفلسطيني وما ينتظره من هذه الزيارة من نتائج على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

* هل يمكن وضع خارطة ذهنية للملفات التي سيحملها هنية معه في جولته الخارجية؟ وما أهم تلك الملفات؟

** أنا أميل إلى أن أكثر من 4 ملفات ستكون حاضرة في هذه الجولة الخارجية، وأعتقد أن ملف القضية الفلسطينية والهم الوطني الفلسطيني سيكون على رأسها، أيضًا ملف أزمة حماس المالية ودعم المقاومة ورفع الحصار عن قطاع غزة سيكون من الملفات الرئيسية.

الملف الثالث الذي أعتقد أن يحمله السيد هنية هو ملف المفقودين في تركيا، نحن نتحدث عن 8 شباب من غزة لا يعرف ذووهم إن كانوا مفقودين أو معتقلين، وربما يطلب إسماعيل هنية رسميا من الدولة التركية بحث مصير هؤلاء.

أيضًا من الملفات التي من الممكن أن يناقشها هنية، مستقبل صفقة التبادل بلقاء اللجنة التنفيذية للحركة في الداخل والخارج لبحث صفقة التبادل وأين وصلت، كون هذا الملف من الممكن أن يساهم في دفع موضوع التهدئة ورفع الحصار عن قطاع غزة، ويعيد الاعتبار لملف الأسرى والمعتقلين في السجون "اليهودية".

كذلك ملف الانتخابات الفلسطينية سيكون حاضرًا بقوة بكل لقاءات هنية لنقل تصور حماس للانتخابات وموقف الحركة من المشاركة في الانتخابات سواء في الرئاسة أو التشريعي.

ملف المصالحة سيكون هناك نقاش لإحداث اختراق في هذا الملف في ظل ما يعانيه مشروعنا الوطني من تهويد واستيطان وانحياز كامل من قبل الإدارة الأمريكية للاحتلال .

* هل ستشمل جولة هنية زيارة موسكو، التي كان من المفترض أن تكون بداية العام بدعوة روسية؟ وكيف تنظر "دولة الاحتلال" لهذه الزيارة؟

** هناك دعوة روسية قديمة وبالتأكيد لو جددت هذه الدعوة الآن فلن يتردد هنية في تلبيتها، لأن روسيا دولة مهمة.

وأعتقد أن موسكو لا يمكن أن تفوت فرصة زيارة هنية لأراضيها، لا سيما مع تراجع الدور الأمريكي وملء الروس للفراغ في المنطقة، وفي حال تمت هذه الزيارة ربما يكون ملف الانفتاح على الصين وهي الدولة المهمة والواعدة والتي ربما يكون لها مصالح في الشرق الأوسط.

والصين تعلم جيدًا أهمية حماس، وهي لا تصنفها كحركة إرهابية، ولذلك مسألة الانفتاح على الصين من الممكن أن تكون حاضرة ضمن هذه الجولة وأعتقد أن الصين يجب أن تلتفت لهذه الزيارة، وتقدم دعوة رسمية للسيد إسماعيل هنية كمدخل مهم لأن الجميع اليوم بات يدرك أن حماس هي جزء من الحل وليست هي المشكلة.

* كيف تنظر "دولة الاحتلال" لهذه الزيارة إلى موسكو إن تمت؟

** لا شك أن دولة الاحتلال ستكون منزعجة جدًا، الاحتلال يريد أن تبقى حماس معزولة في غزة، وعلى قوائم الإرهاب، لا تريد لدبلوماسية حماس أن تنشط في العالم الخارجي.

تريد أن يتم تقويض هذه الحركة لأن وجودها في الوعي العربي الجمعي يعطل مشروع التطبيع ويعطل طموحات "دولة الاحتلال" في التقدم والسيطرة على منطقة الشرق الأوسط من البوابة الاقتصادية والأمنية ومن تعزيز قوة إيران في المنطقة كعنصر ردع في ظل الحديث عن تحالف عربي إسرائيلي ضد إيران كما حدث في مؤتمر وارسو مؤخرًا.

* ما سقف التوقعات التي يمكن جنيها من هذه الجولة سياسيًا وخدماتيًا "إن جاز التعبير" مقارنة مع الواقع الذي يعيشه القطاع اليوم؟

** سقف التوقعات من جولة هنية هي بالتأكيد مرتهنة بطبيعة الجولة ولا يمكن توقع هذا السقف قبل أن تبدأ الجولة، ولكن ما يتمناه المواطن الفلسطيني ويأمله هو أن تثمر هذه الجولة عن إحداث تغيير إيجابي وأن يرفع الحصار وأن يكون هناك جهود حقيقية لرفع الظلم عن الشعب الفلسطيني وأن يتوحد الشعب وأن يعاد الاعتبار للمشروع الوطني، وأن يكون هناك حضور لحماس ولكل فصائل العمل الوطني في المحافل الإقليمية والدولية، وأن يكون هناك رفض دولي لرفض صفقة القرن وخطوات الإدارة الأمريكية في القدس وكافة الأراضي الفلسطينية.