يعيش سكّان مخيّم سرمدا في محافظة إدلب شمال سورية، تحت تهديد القصف المكثّف الّذي تشنّه قوات نظام بشار الأسد وروسيا على مناطق مختلفة في إدلب، وفي ظلّ ظروف البرد وانعدام مواد التدفئة، بينما بدأ الجوع والمرض يفتك بالقاطنين فيه.

واحتضنت بلدة سرمدا السورية، آلاف العائلات المشرّدة، التي تواجه أوقاتا عصيبة في خيام لا تقاوم المطر والبرد، بعد أن أجبرها القصف على ترك منازلها، في الوقت الذي يقف فيه السوريون، وبخاصة الأمهات، عاجزين تمامًا عن تأمين الطعام والدفء لأطفالهم وفي ظل معاناة إنسانية مروعة تحت وطأة البرد والجوع.

ومع تزايد انخفاض درجات الحرارة مع حلول فصل الشتاء وانعدام مواد التدفئة في المخيم، بدأ الجوع والبرد والمرض يفتك بالسكان الذين يواجهون أوقاتا عصيبة في خيام لا تقاوم المطر والبرد.

يشعلون أكياس النايلون للتدفئة 

ونقلت وكالة أنباء "الأناضول" عن أم نجوى (63 عاما)، التي لجأت إلى المنطقة من ريف حماة الشمالي (وسط سورية)، إنها وعائلتها المكونة من 3 أبناء وزوج مقعد، رحلت عن بلدتها مع تزايد قصف جيش النظام والطائرات الحربية على المنطقة

وأوضحت أم نجوى، أن مخيم سرمدا أشبه بأن يكون "بركة من الطين"، وأن البرد يزيد بشكل مأساوي من معاناة الأسر المشردة، خاصة وأن الخيام التي تمتلكها هذه الأسر غير مؤهلة للحماية من برد الشتاء.

وذكرت أن الأسر التي استقرت في مخيم سرمدا تعاني جدا من نقص مواد التدفئة والفرق الطبية، وأن محاولات السكان حرق أكياس النايلون من أجل الحصول على القليل من الدفئ، أدى إلى إصابة العديد منهم بمشاكل في التنفس وأمراض أخرى.

وأشارت أم نجوى إلى أن مخيم سرمدا يعاني من عدم قدرة السكان على تلبية احتياجاتهم الأساسية مثل التدفئة والمياه الصالحة للشرب والطعام.

وقالت: "لقد أتيت قبل أسابيع برفقة أبنائي الثلاثة وزوجي المقعد إلى مخيم سرمدا المقام حديثا غرب بلدة سرمدا.. خلال الحرب الأهلية فقدت أحد أبنائي الذي قتل تحت التعذيب في سجون الأسد".

وتابعت: "تم إجبارنا على مغادرة ريف حماة بسبب الهجمات وعمليات القصف التي يشنها نظام الأسد وروسيا". وشدّدت قائلة "نحن هنا نكافح من أجل البقاء في خيمة رثّة أقمناها في أحد الحقول، وحتى الآن، لا نملك مدفئة ونحاول تدفئة الخيام بما تيسر من الحطب وأكياس النايلون التي نحرقها في صفائح معدنية، منتظرين من أهل الخير مد يد العون لنا".

وأضافت أم نجوى أن "سكان المخيم يستيقظون كل صباح على يوم أكثر صعوبة من سابقه، لا سيما مع النقص الحاد في مياه الشرب والخبز ومواد التدفئة والمرافق الصحية، ما يجعل الحياة في مخيم سرمدا صعبا للغاية، بدون مساعدات إنسانية".

وبلسان العاجز توضح: "لا يمكننا العثور على الخبز.. إلى أين نذهب.. ليس لنا مكانا آخر نذهب إليه.. لا مدفئة ولا حطبًا لدينا.. لا نملك المال لشراء الاحتياجات الأساسية.. كثير من الأوقات نسعى للبحث عن لقمة عيش في مكبات النفايات التي لم تعد تسعفنا".

واستطردت في شرح المعاناة قائلة: "نعمل على جمع البلاستيك والملابس القديمة والورق المضغوط (الكرتون) لحرقها في صفيحة معدنية من أجل الحصول على القليل من الدفء. سكان المخيم في أعلى درجات اليأس وينتظرون عون أهل الخير".

وأشارت أم نجوى إلى أن "سكان المخيم باتوا يعانون من أمراض مختلفة، بسبب الدخان المتصاعد من الصفائح المعدنية، مع انعدام وجود الأطباء أو المراكز الصحية في المنطقة".

وشهدت الآونة الأخيرة موجة جديدة من هجمات النظام السوري وداعميه أسفرت عن نزوح أكثر من 264 ألف مدني من إدلب إلى مناطق قريبة من الحدود التركية منذ  نوفمبر 2019، حسب تقارير ميدانية.

وفي مايو 2017، أعلنت تركيا وروسيا وإيران توصلها إلى اتفاق "منطقة خفض التصعيد" بإدلب، في إطار اجتماعات أستانة المتعلقة بالشأن السوري.

إلا أن قوات النظام وداعميه تواصل شن هجماتها على المنطقة رغم التفاهم المبرم بين تركيا وروسيا في 17 سبتمبر 2018، بمدينة سوتشي الروسية، على تثبيت "خفض التصعيد".

وقتل أكثر من 1300 مدني جراء هجمات النظام وروسيا على منطقة خفض التصعيد، منذ 17  سبتمبر 2018، كما أسفرت الهجمات عن نزوح أكثر من مليون مدني إلى مناطق هادئة نسبيا أو قريبة من الحدود التركية.