اهتم كثير من الأدباء العرب بالألغاز الشعرية وعلم البديع، وانتشرت هذه الظاهرة في عصور انحطاط الأدب خاصةً، فوصل إلينا كثير من هذه النماذج النثرية والشعرية، أكثرها مغرق في التكلف والصنعة ولا يستسيغه الذوق السليم، بيد أن هذه الظاهرة خلَّفت لنا من بين ما خلَّفت آثارًا أدبية غاية في الطرافة والروعة.

 

سنعرض لبعض هذه النماذج، على أن تحاول المشاركة بالتفكير معنا في محاولة الوقوف على موضع البديع فيها.

 

هل استطعت أخي القارئ الكريم قراءة الأبيات التي نشرناها الحلقة الفائتة مقلوبة؛ أي من الخلف إلى الأمام؟ إذا كنت قد فعلت؛ فلا بد أنك لاحظت أن الشيخ "ناصيف اليازجي" استخدم (ما لا يستحيل بالانعكاس) بطريقة طريفة حولت المدح إلى ذم شنيع! فالأبيات معكوسة تقول:

                    دنسٌ مريدٌ قامر        كسب المحارم ِ لا يهابْ

                    دفرٌ مكرٌ معلمٌ        نغل مؤمل كل بابْ

 

إذا أتيت نوفلاً..

واليوم اقرأ الأبيات التالية:

إذا أتيتَ نَوْفَلَ بْنَ دَارِمِ               أَميرَ مخزومٍ وسيفَ هاشمِ

وجدْتَهُ أظلمَ كُلَّ ظالمِ                     على الدنانيرِ والدراهمِ

وأبخلَ الأعرابِ والأعاجمِ                 بعرضِهِ وسرِّهِ المُكاتمِ

لا يستحي من لومِ كلِّ لائمِ           إذا قضَى بالحقِّ في الجرائمِ

ولا يراعي جانبَ المكارمِ           في جانبِ الحقِّ وعدلِ الحاكمِ

 

حاول قراءة الأبيات السابقة واكتشاف السر البديعي الذي تحويه، مع العلم أنه لا علاقة له بالقلب أو ما لا يستحيل بالانعكاس، وإلا فعليك انتظارنا إلى الحلقة المقبلة؛ إن شاء الله تعالى.