اهتمَّ كثيرٌ من الأدباء العرب بالألغاز الشعرية وعلم البديع، وانتشرت هذه الظاهرة في عصور انحطاط الأدب خاصةً، فوصل إلينا كثيرٌ من هذه النماذج النثرية والشعرية؛ أكثرها مُغرَق في التكلُّف والصنعة، ولا يستسيغه الذوق السليم، بيد أن هذه الظاهرة خلَّفت لنا بين ما خلفت آثارًا أدبية غاية في الطرافة والروعة، سنعرض لبعض هذه النماذج، على أن تحاول المشاركة بالتفكير معنا في محاولة الوقوف على موضع البديع فيها.

 

هل لاحظت- أخي القارئ الكريم- أن جميع حروف الأبيات التي نشرناها الحلقة الفائتة منقوطة

بشجيٍّ يبيت في شجنِ         فِتَنٌ يَنْتَشِبْنَ في فِتَنِ

شَيِّقٌ تَيِّقٌ تُجُنِّب في           نفقٍ ضيقٍ بقي فَفَنِي

شَغَفٌ شَفَّنِي بذِي ثِقةٍ      نَجِبٍ شَنَّ جَيْشَ ذِي يَزِنِ

شَيْبِةٌ في شَبِيبَةٍ خُضِبَتْ     بشَقِيقٍ غَضٍّ يَنِضُّ جَنِي

هذه القصيدة المنقوطة يُطلق عليها علماء البديع اسم القصيدة الحَالِيَةِ، أي المزدانة بالنقط فوق جميع حروفها بلا استثناء!.

 

ومعنا اليوم أبيات جديدة تلاعب فيها الشاعر بالحروف المنقوطة وغير المنقوطة بطريقة جديدة:

أسمر

أَسْمَرُ كالرمْحِ لَهُ عاملٌ   يُغْضِي فَيَقْضِي نَخِبٌ شَيِّقُ

مِسْكُ لَمَاهُ عَاطِرٌ ساطعٌ   في جَنَّةٍ تَشْفِي شَجٍ يَنْشَقُ

أكحلُ ما مارَسَ كُحلاً لهُ   جَفْنٌ غَضِيضٌ غَنِجٌ ضَيِّقُ

دُرُّ دُمُوعٍ حَوْلَهُ كَاسِدٌ       في جَنْبِ زَيْفٍ بَيِّنٍ يَنْفُقُ

حاول أن تكتشف السرَّ البديعي الذي تنطوي عليه الأبيات السابقة، وإلا فعليك انتظارنا إلى الحلقة التالية، إن شاء الله تعالى.