مما رواه أديب العربية الكبير الجاحظ قوله: كان عندنا قاصٌّ يقال له أبو موسى كُوشُ، فأخذ يومًا في ذكر قِصَر الدنيا وطول أيام الآخرة، وتصغير شأن الدنيا وتعظيم شأن الآخرة، فقال: هذا الذي عاش خمسين سنة لم يعشْ شيئًا، وعليه فضل سنتين!

 

قالوا: وكيف ذلك؟

قال: خمس وعشرون سنة ليل، هو فيها لا يعقل قليلاً ولا كثيرًا، وخمس سنين قائلة، وعشرون سنة إما أن يكون صبيًّا، وإما أن يكون معه سُكْر الشباب، فهو لا يعقل، ولا بد من صبحة بالغداة، ونعسة بين المغرب والعشاء، وكالغَشْي الذي يصيب الإنسان مرارًا في دهره، وغير ذلك من الآفات، فإذا حصَّلنا ذلك فقد صح أن الذي عاش خمسين سنة لم يعش شيئًا، وعليه فضل سنتين!