ما موقف الدين من التماثيل والأحجار الفرعونية والتحف ووضعها في حجرات المنزل؟

 

يجيب عن السؤال: فضيلة الشيخ/ سعد الدسوقي- من علماء الأزهر الشريف:

الحمد لله وكفى وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى وبعد..

روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم"، ورُوي أيضًا أنه رأى سترًا فيه تماثيل في بيت عائشة فأنكره، فقطعته وجعلته وسادة أو وسادتين، كما روي أنه قال: "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا تماثيل"، وفي رواية البخاري (صورة) بدل (تماثيل) إزاء هذه النصوص اختلف الفقهاء في حكم الصور والتماثيل، وهذا ملخص ما قيل:

أولاً: حكم اقتنائها: اتفق العلماء على حرمة اقتنائها إذا كان الغرض منها العبادة أو التقديس، كما في بعض الأديان؛ لأنها رجس يجب اجتنابه، قال تعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ (الحج: من الآية 30).

 

وإن لم يكن الغرض منها ما ذُكر فهو حرام إذا توافرت هذه الشروط:

1- أن تكون التماثيل تامة الأعضاء الظاهرة.

2- ألا تكون هناك مصلحة تدعو إلى اتخاذها.

3- أن تكون من مادة تبقى مدة طويلة.

 

وذلك للأحاديث السابقة، ولسد الذريعة إلى عبادة الأصنام، وعدم التشبه بمن يحرصون على تقديسها، كما مزَّق النبي صلى الله عليه وسلم ثوبًا فيه تصاليب، وبمقتضى هذه الشروط يُقال:

أ- لو كان التمثال نصفيًّا، أو نقص منه بعض الأعضاء التي لا يعيش بدونها لو كان حيًّا كالرأس أو البطن جاز اقتناؤه، وإن كان ذلك مكروهًا، ونُقل عن المالكية جواز اتخاذ التمثال التام إذا كان فيه ثقب تمتنع معه الحياة، ولو كان الثقب صغيرًا، واشترط غيرهم أن يكون الثقب كبيرًا حتى يجوز اقتناؤها، كثقب نافذ في الرأس أو العنق.

 

ب- ولو كانت هناك مصلحة في اتخاذ التمثال كلعب البنات جاز ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر وجودها عند عائشة كما ورد في الصحيحين، لأن فيها تمرينًا للبنات على مستقبلهن، وقاس بعضهم على اللعب المنصوص عليها جميع التماثيل التي تتخذ وسائل للإيضاح في التعليم.

 

وأجازها بعضهم لتخليد ذكرى العظماء وإن كان مكروهًا، فالأولى أن تخلد ذكراهم بمشروعات نافعة.

 

ج- ولو كانت التماثيل مصنوعة من حلوى أو عجين مثلاً، فقد أجاز أصبغ بن الفرج المالكي اتخاذها، وذكرها القرطبي جواز ذلك عند تفسير قوله تعالى: ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ﴾ (سبأ: من الآية 13).

 

ثانيًا: حكم صنعها:

اتفق العلماء على أن صنع التماثيل حرام، وهو من الكبائر إذا قُصد من عملها العبادة أو التعظيم على وجه يشعر بالشرك، وإذا لم يقصد كان صنعها حرامًا أيضًا إن كانت تامة دون غرض صحيح من صنعها وكانت مادتها صلبة.

 

هذا ونسأل الله تعالى أن يشغلنا بطاعته، وأن يستعملنا فيما يحب ويرضى.. وصلى الله عليه وسلم.

والله تعالى أعلم.