أنا فتاة في الخامسة عشرة من عمري، وأحب الإنشاد الإسلامي، فما حكم إنشاد المرأة؟

 

 يجيب عن السؤال فضيلة الشيخ سعد الدسوقي- من علماء الأزهر الشريف:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..

من اللهو الذي تستريح إليه النفوس وتطرب له القلوب وتنعم به الآذان الغناء، وهو أداة عاتية من أدوات الإثارة والهدم والإلهاء للأمة عن غايتها الجليلة وقضاياها الكبيرة وواجباتها الجسيمة، وآفة هذا اللون من اللهو أنه ارتبط بالترف ومجالس الشرب، وغدا جزءًا أساسيًّا من حياة اللاهيين المتحللين من فضائل الجد والعفاف كما اخترفه- على مدى التاريخ - فئات اتسم أكثرها بالميوعة والخلاعة والبعد عن أحكام الدين وأخلاق المتقين.

 

ولهذا غلب على الحسِّ الديني النفور والتنفير منه، ووقف علماء الإسلام منه- في مختلف الأزمنة- مواقف مختلفة ما بين محرم وكاره ومبيح.

 

ولا ريب أن هناك أنواعًا من الغناء اتفقوا على تحريمها، وأخرى اتفقوا على إباحتها، وثالثة هي موضع الاجتهاد والنظر.

 

فأما ما اتفقوا على تحريمه فهو الغناء المشتمل على معصية أو دعا إليها، وأما المباح باتفاق فهو الغناء الفطري الذي يترنَّم به الإنسان لنفسه أو المرأة لزوجها، ومنه حداء الإبل، ومثله غناء النساء المعتاد في الأعراس في مجتمعهن النسائي الخاص، ونحو ذلك.

 

والذي نراه أن الغناء في ذاته لا حرج فيه وهو داخل في جملة الطيبات أو المسندات التي أباحها الإسلام، وأن الإثم إنما هو فيما يشتمل عليه أو يقترن به من العوارض التي تنقله من دائرة الحل إلى الحرمة أو الكراهة التحريمية.

 

وهو يستحب في المناسبات السارَّة إشاعةً للسرور وترويحًا للنفوس، وذلك كأيام العيد، والعرس، وقدوم الغائب، وفي وقت الوليمة، والعقيقة، وعند ولادة المولود.

 

فعن عائشة رضي الله عنها: أنها زفَّت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة ما كان معهم من لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو" (رواه البخاري).

 

وعن عائشة أن أبا بكر رضي الله عنه دخل عليها وعندها جاريتان في أيام عيد الأضحى تغنيان وتضربان والنبي صلى الله عليه وسلم متغشٍّ بثوبه فانتهرهما أبو بكر فكشف النبي صلى الله عليه وسلم وجهه وقال: "دعهما يا أبا بكر؛ فإنها أيام عيد" (متفق عليه).

 

وللأخت السائلة نقول:

إذا كانت هذه الأناشيد ذات معانٍ إسلامية وليس معها مخالفات شرعية، كالغلو ونحوه، فلا بأس بها، وشرط آخر وهو ألا تتخذ ديدنًا؛ إذ ذلك يصرف سامعيها عن قضايا الأمة وواجباتها الجسيمة، وألا تصرف عن العلم النافع والدعوة إلى الله سبحانه.

 

أما استعمال الدفوف مع الأناشيد فجائز؛ بشرط أن تكون بين النساء وفي العيد والنكاح وعقيقة وولادة وقدوم غائب ووليمة فقط، والله تعالى أعلم.