هذه هي الرسالة الثالثة التي نعرض فيها فكر الدكتور محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين، ليعبر عن نفسه وعن جماعته بقلمه، لنثبت أن كل ما يثار حوله وحولها إنما هو محض افتراء يقول فضيلته في مقال بعنوان (رسالة إلى مؤتمر القمة الإسلامية) نشر في 6/2/2013: «كما أن هذه القمة تنعقد وقد طرأت على مصر تغيرات كبيرة وأحداث جسام، تمثلت في إعلاء الشعب لإرادته بإسقاط نظام ديكتاتوري بغيض، وبداية تأسيس دولة ديمقراطية دستورية حديثة قائمة على أساس المواطنة وسيادة القانون والحرية والمساواة والتعددية، والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، واحترام حقوق الإنسان وحرياته السياسية، بلا تمييز على أساس العرق أو اللون أو الدين».

 

ويقول: «إن أحوج ما تحتاجه أمتنا الآن هو السعي الحثيث والجاد نحو وحدة حقيقية تنتظم أمتنا، عملا بقوله تعالى ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾، وتتوج هذه الوحدة بالتكامل الاقتصادي الذي يرعى مصالح الشعوب، ويزيد من فرص الاستثمار المشترك، وتشغيل الأيدي العاملة، وتوفير الوظائف للعمالة المدربة، والاستفادة من الموارد الطبيعية لكل الدول، وتبادل الخبرات فيما بينها، بما يعود بالنفع والخير العميم على أمتنا كلها».

 

ويوجه حديثه إلى الحكام فيقول: «كما أن الالتحام بالشعوب وعدم الانعزال عنها والسعي في حل مشاكلها وبذل غاية الجهد في رقيها وتقدمها ونيل رضاها أكبر ضمانة على تقدم البلاد وسلامتها ووأد الفتن في مهدها، فلن يكون هناك حاجز بين الحاكم والمحكوم، ولا بين الغني والفقير، ولا بين الأغلبية والأقلية، فالكل يتعبد إلى الله بإرضاء الآخر والسعي في حاجته».

 

وكتب في 9/7/2013 مقالا بعنوان (رسالة من المرشد العام للإخوان المسلمين بمناسبة شهر رمضان المبارك) يقول فيه: «الحمد لله الذي ذهب بشعبان وجاء برمضان ليكون شهر خير وبر وإحسان، بعد أن ذاقت الأمة مرارة الظلم والطغيان، وودعت ثلة من خيرة شهدائها أمام الحرس الجمهوري، دفاعا عن الحرية والكرامة للشعوب والأوطان».

 

«شعبنا الكريم، أناشدك وجميع إخواننا في كل أنحاء الأرض ونذكركم بأن من الثلاثة الذين يستجاب دعاؤهم الصائم حتى يفطر، فأقبلوا على الله بالإلحاح في الدعاء في هذا الشهر، وليكن نصيب الأمة من دعائكم عظيما، ليرفع الله هذا البلاء الذي نزل بها على يد فئة من أبنائها، لم يمنعهم دينهم ولا وطنيتهم ولا إنسانيتهم من الاعتداء الغاشم على إخوانهم وهم في صلاة الفجر، فقتلوا العشرات وأصابوا المئات، ليزيدوا من معاناة الأمة بهذه الجريمة المنكرة، وبدلا من أن تستقبل الأمة الشهر الكريم بوحدة جامعة وأخوة صادقة ومصالحة شاملة، فإنها تستقبله بدماء تنزف ظلما، وأرواح تزهق بغير حق، نسأل الله أن يتقبلهم في الشهداء، وأن يلهم ذويهم الصبر والاحتساب، وندعوكم أيها المسلمون للقنوت في كل الصلوات المفروضة والنوافل قنوت النوازل».

 

«إن رمضان فرصة عظيمة لمراجعة النفس والاعتراف بالذنب واستدراك الأخطاء، فإن الرجوع للحق أفضل من التمادي في الباطل، ومحاسبة المجرمين الذين ارتكبوا هذه الجريمة الشنيعة، وتقديم الصالح العام ومصالح الوطن على المصالح الشخصية والحزبية الضيقة، وتلك مسؤولية الجميع في مصر، ويبدأ هذا من عودة الرئيس المنتخب ليمارس مهامه، ويجمع أطياف المجتمع للدخول في مصالحة وطنية شاملة ترضي الله وتحفظ الحقوق وتنهض بالأمة نحو مستقبل كريم، وإلا فإن هذه السابقة تهدد مستقبل مصر فهي سنة سيئة على من ارتكبها وزرُها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة».

 

فها هو مع فداحة المصيبة وعمق الجراح لم يدع الناس إلى ثأر ولا عنف ولا تخريب، وإنما يدعوهم إلى اللجوء إلى الله بالقنوت والدعاء، ويدعو المجرمين إلى التوبة وتقبل الحساب، ويدعو المصريين إلى المصالحة الشاملة، فهل هذا محرض على القتل؟ سبحانك هذا بهتان عظيم!. 

 

وكتب مقالا آخر بعنوان (دماء جديدة في مذبحة رابعة) نشر بتاريخ 28/7/2013 إبان مجزرة المنصة، يقول فيه: «إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أْجُرنا وأْجُر مصر وأهلها في مصيبتنا، واخلفنا خيرا منها، وأْجُر أهل الشهداء والمصابين، واجعل هذه الدماء الزكية التي أريقت على مدار ثورتنا المباركة من 25 يناير 2011 حتى الآن أقساطا للحرية الغالية لكل الشعب المصري، وثمنا لكرامته وعزته، ونصرة لدين الله عز وجل، وإعلاء لكلمته وللحق وللعدل اللذين ما أرسل الله الرسل وأنزل الكتب إلا من أجلهما، وليقوم الناس جميعا بهما».

 

«أعتقد أن المشهد الذي حدث بالأمس وفجر اليوم من انتهاك لكل الحرمات وتخطي لكل الحدود يفوق كل الألفاظ والأوصاف، والمسؤولية فيه جسيمة، ليست فقط على من ارتكبوا هذه المجازر التي لم نر مثلها إلا على يد الصهاينة وأيضا على يد عملائهم الخونة، وإنما تقع المسؤولية أيضا على من شارك في غطائها من تيارات سياسية وشخصيات مصرية أعماها كرهها للتيار الإسلامي، حتى غطى على مصلحة الوطن وأهداف الثورة وما كانوا يطالبون به من الديمقراطية وآلياتها...».

 

«إن المعركة باتت واضحة، إما حكم الحرية والديمقراطية والكرامة التي تحملنا فيها لمدة سنة كاملة اتهامات باطلة وبذاءات وحرق وتدمير ممتلكات وتضليلا إعلاميا أساء استخدام حريته ولم يُسْجَن أحد منهم، ولم يدافع عنا واحد، وإما البديل الآن قتل ودماء وصوت واحد وتكميم أفواه وإغلاق قنوات وتلفيق تهم وسجن واعتقال لقيادات إسلامية وسياسية...».

 

وفي وسط هذه المآسي والمظالم يخرج المرشد المفترى عليه ليسمع العالم كله منهجه وطريقه وطريق جماعته وطريق أنصار الشرعية: «ثورتنا سلمية، وستظل سلمية، سلميتنا أقوى من الرصاص»

 

فهل يفيق الغافلون؟ وهل يفيء الظالمون؟ ألا هل بلغنا؟ اللهم فاشهد.