كتب - محمد آدم:
 
بعد ساعات من موافقة برلمان العسكر على صياغات التعديلات الدستورية الجديدة التي توسع من سلطات الخائن المنقلب عبدالفتاح السيسي، والجيش، وتمدد سلطاتهما الانقلابية حتى سنة 2030 على الأقل، كشفت صحيفة "التايمز" البريطانية عن أن السيسي وظّف أبناءه الثلاثة بمناصب عسكرية ومدنية مرموقة؛ لمساعدته في البقاء بمنصبه حتى سنة 2030، في الوقت الذي يواصل فيه تعزيز قبضته على السلطة.

https://www.thetimes.co.uk/article/president-sisi-recruits-sons-to-help-him-stay-in-office-until-2034-9hsn6snkq

وسبق لصحيفة "إيسبريسو" الإيطالية أن قالت في تقرير سابق: "إن السيسي لا يستفيد فقط من تعيين أبنائه في مناصب مهمة بالأجهزة السيادية لدعم بقائه في السلطة مدى الحياة، بل يسعى أيضًا لتوريث الحكم لهم على غرار تجربة آل كيندي في أمريكا، مع فارق اللعب في التشريعات في مصر وغياب أي انتخابات حرة".

http://m.espresso.repubblica.it/internazionale/2016/07/07/news/regenileaks-giulio-regeni-arab-egypt-al-sisi-1.276682?refresh_ce

إمبراطورية أبناء السيسي للتوريث

وتتمثل إمبراطورية أبناء السيسي عبر جناحين: (أولهما) في جهاز المخابرات العامة.. الذي سعى السيسي للسيطرة عليه، وأقال عشرات اللواءات منه لإفساح الطريق لنجله ومدير مكتبه عباس كامل؛ للسيطرة عليه، ويسيطر عليه عمليًّا "الرائد محمود السيسي" الذي ورَّثه السيسي العمل بالمخابرات العامة؛ حيث كان يعمل بالمخابرات الحربية، وانتقل للعمل بالمخابرات العامة في عهد مدير الجهاز الأسبق محمد فريد التهامي، أستاذ السيسي، الذي عيّنه السيسي إثر الانقلاب العسكري في 2013.

وبسبب أهمية قطاع "الأمن القومي" في جهاز المخابرات العامة، عيّن السيسي نجله "محمود" في هذا القطاع الذي يتولى مهمة قطاع الأمن الداخلي، ويجري تعيين لواء منه على رأس كل عدة محافظات وداخل الوزارات؛ لضمان السيطرة التامة على الأمن لصالح السلطة، وتسربت أنباء عن دوره في عقد لقاءات في الجهاز مع مسئولين للترتيب لما يسمى تعديلات دستورية قبل إعلانها رسميًّا.

وخلال حديثه عن أسرته ومناصب أبنائه في 13 أبريل 2016، زعم السيسي أنه لا يحبُّ الواسطة، وقال: "لا أحب الواسطة والمحسوبية"، زاعمًا أن نجله "حسن" تقدم للعمل مرتين بوزارة الخارجية، مرة عندما كان السيسي مديرًا للمخابرات العسكرية، والثانية وهو وزير الدفاع خلال عهد الرئيس الشرعي للبلاد الدكتور محمد مرسي.

ولكن السيسي لم يذكر أنه عوَّض نجله بتشغيله في شركة بترول كبرى (عكس ما فعلوا مع نجل الرئيس محمد مرسي) ثم عوّضه أكثر حين نقله مع نجله الثاني (محمود) إلى جهاز المخابرات العامة في إدارة الاتصالات، وهي إدارة حساسة بغرض سيطرة النجلين على الجهاز تمامًا، وتوريثهما مناصب سيادية تتيح لهما التحكم في مسارات البلاد، وحماية نظام السيسي نفسه.

أما (الجناح الثاني) لإمبراطورية أبناء السيسي فيقبع في (جهاز الرقابة الإدارية) الذي يلمع فيه إعلاميًّا المقدم مصطفى، الابن الأكبر للسيسي وخريج الأكاديمية العسكرية، والذي يجري تلميع الجهاز من أجله عبر بيانات إعلامية متلاحقة من الشئون المعنوية، عن ضرباته الأمنية لبؤر الفساد في الجهاز الحكومي، لتصبح الرقابة الإدارية الجهاز الرقابي الأول في البلاد، متخطيةً باقي الأجهزة الرقابية، خاصةً جهاز المحاسبات الذي بزغ نجمه في عهد رئيسه السابق هشام جنينة، فتم تلفيق اتهامات له وسجنه.

وظف أبناءه الثلاثة بمناصب مرموقة..

ويقول "ريتشارد سبنسر" مراسل "التايمز" في الشرق الأوسط في تقرير نشره اليوم الإثنين 15 أبريل 2019: إن "أبناء عبد الفتاح السيسي يشاركون بقوة في إدارته للبلاد خلال الفترة التي يسعى فيها إلى تمرير تعديلات دستورية تشدد قبضته على السلطة حتى العام 2030"، وإنه "إذا كانت ثورة يناير في مصر استهدفت منع حسني مبارك من توريث الحكم لابنه جمال، فإن محمود السيسي - وهو برتبة عميد في جهاز الاستخبارات - أشرف على لجنة غير حكومية مهمتها مراقبة عملية تمرير التعديلات الدستورية"، وإن "الابن الأكبر للسيسي، مصطفى، الذي عمل في وظيفة عليا في جهاز الرقابة الإدارية، يضطلع بدور أكبر في عهد السيسي ضمن محاولته تكريس سلطته الشخصية وسلطة الجيش على الجهاز الإداري في مصر".

ويضيف "سبنسر" أن "حسن، الابن الثالث للسيسي، كان يعمل مهندسًا في إحدى شركات البترول، وأنه التحق مؤخرًا بالخدمة في جهاز الاستخبارات، وأنه رغم زعْم حكومة الانقلاب أن التعديلات الدستورية اقترحها أعضاء في البرلمان وليس ثمة رابط بين السيسي أو أي من أولاده، فإن الترقيات التي تحصّل عليها أولاد السيسي جعلت هناك نوعًا من عدم الارتياح حتى بين أنصار السيسي".

ويقول سبنسر: "إن العديد من المنتقدين توقعوا أن يسعى السيسي لإجراء تعديلات دستورية عقب سيطرته على السلطة بانقلاب عسكري على الرئيس المنتخب ديمقراطيًّا محمد مرسي عام 2013.

ويشير "سبنسر" إلى أن "بعض أعضاء البرلمان المصري وقطاعًا من المجتمع المدني يرفضون هذه التعديلات ويعتبرون أنها ستكون المسمار الأخير في نعش ثورة الخامس والعشرين من يناير التي استهدفت إنهاء الحكم شبه المستمر للجيش"، مضيفًا أن "السيسي بحلول العام 2030 سيبلغ من العمر 76 عامًا".

ومن المتوقع أن يصوّت أعضاء برلمان الانقلاب العسكري غدًا الثلاثاء على التعديلات الدستورية لتمديد فترتي المهلة الرئاسية إلى 12 سنة، كل واحدة منها ست سنوات بدلاً من المدة الحالية وهي أربع سنوات، لتسمح للسيسي بتمديد فترته الحالية لمدة عامين آخرين حتى عام 2024، ثم الترشح لفترة ستة أعوام إضافية فيبقى حتى عام 2030.

وأثار علي عبد العال، رئيس برلمان الانقلاب، التساؤلات، حين قال في جلسة أمس: إنه سيجري وضع دستور جديد في غضون 10 سنوات؛ ما يعني توقع تمديد آخر للسيسي بعد 2030 أو إلغاء أي قيود لبقائه في السلطة مدى الحياة.

ونسبت "التايمز" إلى رئيس تحرير صحيفة سابق - طلب عدم الكشف عن اسمه - القول إن الخائن عبدالفتاح السيسي انقلب على السلطة الشرعية ليبقى فيها هو "لستُ متفاجئًا".

واختتمت تقريرها بالقول: إن السيسي يتمتع بمساندة الرئيس الأمريكي ترامب وزعماء أوروبيين آخرين له؛ ما شكَّل دعمًا قويًّا له، ويعتبره المصريون ضوءًا أخضر لتمرير التعديلات والبقاء في السلطة مدى الحياة.

إيسبرسو: السيسي يسعى لتوريث السلطة لأبنائه

وفي تقرير سابق نشرته صحيفة "إيسبريسو" الإيطالية في 7 يوليه 2016، قالت: إن السيسي يسعى لتوريث السلطة لأبنائه على غرار عائلة كينيدي، لكنْ "ديكتاتوريا" لا "ديمقراطيا".

وكان التقرير يستعرض قائمة بأسماء المسئولين المتهمين المصريين الذين تتهمهم إيطاليا في قضية قتل الطالب ريجيني، ولكنه تناول أيضًا قصة توريث الحكم في مصر وأورد تفاصيل مهمة عن سعي السيسي لما أسماه "غرز أولاده" في المناصب الأكثر حساسية كي تصبح عائلة السيسي مثل عائلة كينيدي، لكن دكتاتوريًّا.

وسخرت الصحيفة الإيطالية من قول السيسي - وهو يتحدث عن أبنائه، على شاشة التلفزيون خلال حملة الترشيح "الرئاسية" الأولى -: "لديَّ ثلاثة أبناء وابنة: محمود، وهو الأكبر، يشتغل في المخابرات العامة، مصطفى يشتغل في الرقابة الإدارية" وزعمه بعد ذلك: "أنا أقول لكم أني لا أحب الواسطة والمحسوبية"، مدللاً على أن ابنه الثالث "حسن" تقدم مرتين لوزارة الشئون الخارجية وتم رفضه عندما كان مديرًا للمخابرات العسكرية، ثم وزيرًا للدفاع، ولكنه لاحقًا عيّنه في وظيفة مدنية مرموقة، ثم نقله للعمل في المخابرات مع نجله "محمود".

وتقول الصحيفة الإيطالية إن" "الواقع أكثر تعقيدًا، وإن وظائف أسرة السيسي نتاج تحالفات شخصية، صداقات طويلة الأمد وتعيينات خاصة، والقضية الأكثر لفتًا تتعلق بنجله محمود، الذي سيرث سلطة الأب"، مؤكدة أن "الطريق الذي سلكه حتى الآن لا يدع مجالاً للشك وقفزه لهذا المنصب".

وأشارت إلى أنها "فقط مسألة وقت قبل أن يصل محمود السيسي إلى أعلى منصب في سلسلة القيادة في جهاز المخابرات العامة، فقد كان الأب (السيسي) في الماضي مدير المخابرات العسكرية، ثم وزيرًا للدفاع ثم (رئيسًا) عقب انقلابه على الرئيس محمد مرسي"، مشيرةً إلى ضلوع نجل السيسي في قتل ريجيني.

وتقول الصحيفة الإيطالية: إن الابن الثاني للسيسي، مصطفى، الذي يعمل بهيئة الرقابة الإدارية، لا يقل عن أخيه خريج الأكاديمية العسكرية، وكلاهما، بحسب المصادر، يحضر اجتماعات السيسي في الرئاسة، و"لهما دور في القرارات التي يتم اتخاذها".

ودور "محمود" يختص فيما يتعلق بالأمن القومي، وبالقضايا الأكثر حساسية، أما "مصطفى" فدوره يتعلق أكثر بالإدارة المالية، أما الابن الثالث، حسن، الذي لم يتمكن من الالتحاق بالخارجية - بحسب زعم السيسي - فكان مهندسً في شركة نفط، والان في المخابرات!!.

وتؤكد الصحيفة أن السيسي ركّز السلطة في دائرة صغيرة تتكون أساسًا من الأسرة والمقربين والعلاقات العائلية كي يمكنه السيطرة المطلقة على أجهزة الاستخبارات العامة والعسكرية، وأنه يسعى من وراء ذلك لدرء وتلافي احتمالات قيام انقلاب ضده، وتفادي تكرار ما جرى منه ضد الرئيس محمد مرسي.

رجال السيسي

ويسرد التقرير الإيطالي تفاصيل حول المسئولين العسكريين المحيطين بالسيسي، ويسعى من خلالهم للسيطرة على الحياة السياسية في مصر، مؤكدًا أنه "ليس هناك قرار بشأن مصر لا يمر من مكاتبهم، فهم رجال السيسي والأصدقاء المقربون والجنرالات الأكثر ثقة، وكلهم أفراد القوات المسلحة".

وتشير إلى أن العديد منهم من المخابرات أو الأمن الوطني، وهم الآن في أعلى قيادة الدولة، والسيسي لا يخطو خطوة دون التشاور معهم، وأبرزهم:

اللواء عباس كامل

ويطلق عليه لقب "خازن أسرار السيسي"، وحتى عام 2013 كان وجوده مجهولاً، والمعلومات المتوفرة عنه هي في الغالب من التسريبات من مكتبه، ولكن دوره برز بعد انقلاب الجيش على الرئيس محمد مرسي، وتوليه إدارة المخابرات المصرية.

وقال التقرير إنه الساعد الأيمن للسيسي منذ أن كان هذا الأخير مديرًا للمخابرات العسكرية، وهو يعتبر الآن الرجل الثاني في دولة العسكر والصديق والمستشار المقرب من السيسي ويرافقه في الزيارات الرسمية إلى الخارج.

وكان الظهور الأول لاسم اللواء عباس كامل في أقدم تسريبات السيسي أثناء حديثه مع الصحفي ياسر رزق، حين أجاب عن سؤال حول عدد قتلى مجزرة فض "رابعة" فأجاب السيسي: "اسألوا عباس"، وظهر اسم عباس كامل أيضًا في رسائل نشرها موقع "ريجينيليكس" الإيطالي، تتهمه بأنه قد لعب دورًا مهمًّا في تعذيب الشاب الإيطالي "ريجيني" وقتله.

مدير المخابرات الحربية

الجناح المسلح الآخر للسيسي هو مدير المخابرات العسكرية، الذي كان اللواء محمد فرج الشحات يتولاَّه قبل أن يتخلص منه السيسي، ويأتي باللواء خالد مجاور، ضمن سعيه لتدوير المناصب؛ لعدم السماح لأحد من العسكريين بتشكيل مركز قوة ضده لاحقًا.

محمود شعراوي وزير الداخلية

وهو اسم آخر في قائمة الذين يستعين لهم السيسي، والذين اشتهروا بالتعذيب وسوء المعاملة.. هو محمود شعراوي، الذي عيّن المدير العام للأمن الوطني في ديسمبر 2016، ثم رقاه السيسي وزيرًا لداخليته، برغم اتهام الصحف الإيطالية إياه بأنه أحد المسئولين عن قتل "ريجيني".

وزادت بشكل كبير حالات الاختفاء القسري والتعذيب بعد تعيين اللواء شعراوي في أمن الدولة ثم داخلية الانقلاب.

وزير الدفاع

وهو منصب يحرص السيسي أيضًا على تدويره بين رجاله لبقاء الأكثر ولاءً له، وكان يشغله الفريق أول صدقي صبحي، ثم استغنى عنه السيسي، وأعطى المنصب لأحد الموالين له، وهو من قام باعتقال الرئيس الشرعي للبلاد الدكتور محمد مرسي، ولعب دورًا كبيرًا في الانقلاب عليه، وهو الفريق أول محمد أحمد زكي وزير دفاع السيسي.