- سرقة الغاز المصري في "المتوسط" واللص معروف


- الصهاينة يدعمون "سد النهضة".. والعسكر صامتون


- إبراهيم يسري: الانقلابيون يبيعون مصر لإرضاء الصهاينة


تحقيق: محمد إبراهيم


أزمات عديدة أظهرت فشل الانقلاب الذريع في التعامل معها، بعد أن استخدمتها الآلة الإعلامية للدولة العميقة في حربها ضد الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، مثل قضية "سد النهضة" الإثيوبي، التي أعلنت حكومة الانقلاب السابقة أنها ستساعد في بنائه.


أزمة "الغاز" التي أطلت بقوة هي الأخرى خلال الفترة الماضية، كشفت فشل الانقلاب الذريع في التعامل معها، بل إن حكومة الانقلاب التابعة للكيان الصهيوني هرولت إلى أسيادهم اليهود لاستيراد الغاز الذي صدرته الأنظمة الفاسدة لسنوات، بل تركت حقول الغاز المصرية في البحر المتوسط ليسطو عليها الكيان الصهيوني وقبرص!!.


أحدث ما يحاول الكيان الصهيوني تقديمه لحكومة الانقلاب هو ما جاء على لسان وزير الطاقة والمياه الصهيوني سيلفان شالوم، الذي أعلن أنهم يدرسون تصدير الغاز الطبيعي لمصر، ونقلت إذاعة جيش الاحتلال عن شالوم قوله إن مصر تعاني أزمة حقيقية في الغاز، وأن حكومة الانقلاب في مصر طلبت شراء الغاز الصهيوني، مشيرًا إلى أنه لا يرى أي سبب في رفض الطلب المصري.


وأضاف شالوم- خلال "برنامج صباح الخير يا إسرائيل"- أن الطلب المصري يدرس حاليًا في تل أبيب، بعد أن أبدت القاهرة رغبة أكيدة في شراء الغاز الصهيوني، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يدعم السلام بين البلدين.


وأوضحت الإذاعة العسكرية أن كلاً من رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير ماليته رحبا بقرار تصدير الغاز الصهيوني لدول العالم ومن بينها مصر.


المثير في الأمر هو ما كشفه الكاتب الصحفي فهمي هويدي الذي علق على هذا الأمر بكشف بعض الحقائق ومنها أن هناك سطوًا من الكيان الصهيوني على الغاز المصري في ظل سكوت تام من مسئولي الانقلاب في مصر، رغم أن الكيان الصهيوني كان هو من يستورد الغاز من مصر، معيدًا للأذهان قضية سرقة الصهاينة للغاز المصري في البحر المتوسط بالتعاون مع قبرص وعدم وجود تحرك سريع من الحكومة المصرية.


وقال هويدي- في مقاله له بجريدة الشروق-: "إنني آنذاك تلقيت تلك التفاصيل من أحد الخبراء المصريين المرموقين، ولأنها تحدثت عن مختلف الجوانب الفنية للموضوع، فإنني انتهزت أول فرصة أتيحت لي وسلمت الملف إلى اثنين من أعضاء المجلس العسكري آنذاك (يتوليان الآن منصبين رفيعين في الحكومة)، ثم وجدت أن بعض الصحف بدأت الحديث على المخطط الصهيوني للسطو على غاز شرق المتوسط استنادًا إلى دراسة موثقة أعدها أحد الخبراء المصريين المقيمين في الولايات المتحدة، وهو الدكتور نائل الشافعي وأثير الموضوع في بعض البرامج الحوارية التليفزيونية المصرية، وكان له صداه في مجلس الشورى الذي كان قائمًا آنذاك، فكلف المجلس الدكتور خالد عبد القادر عودة- أحد كبار علماء الجيولوجيا المصريين- بدراسة ملف التنقيب، فأعد تقريرًا أثبت فيه عملية السطو الصهيوني، وانتقد تقاعس السلطات المصرية في الدفاع عن حقوق البلد وحماية ثروته الطبيعية".


وكشف هويدي- في مقاله- أن هناك ما يسمى بالجبل الغاطس تحت البحر المتوسط داخل الحدود المائية المصرية، والذي اكتشف قبل الميلاد بـ200 عام عن طريق العالم "إراتوستينيس" أحد علماء مكتبة الإسكندرية والذي سمى الجبل الغاطس باسمه، واكتشف أن هذا الجبل يمتلك احتياطيًّا هائلاً من الغاز الطبيعي.


وأشار هويدي: "كانت تلك المنطقة تدخل ضمن امتياز شركة شمال المتوسط المصرية المعروفة باسم "نيميد" وكان ذلك الامتياز قد منح لشركة شل في عام 1999م، التي أعلنت في عام 2004 عن اكتشاف احتياطات للغاز الطبيعي في بئرين على عمق كبير في شمال شرق البحر المتوسط، وأوضح البيان أن الشركة ستبدأ المرحلة الثانية من عملية الاستكشاف التي تستمر أربعة أعوام، إلا أن مفاجأة وقعت في شهر مارس عام 2011؛ حيث أعلنت الشركة انسحابها من المشروع، الأمر الذي ترتب عليه انقطاع أخبار حفريات الغاز في شمال شرق المتوسط".


وأضاف هويدي: "لم يمض وقت طويل حتى أعلن الصهاينة وقبرص عن اكتشافات للغاز الطبيعي في السفح الجنوبي للجبل العملاق، تجاوزت احتياطاتها 1.22 تريليون متر مكعب قدرت قيمتها بنحو 220 مليار دولار، كما أعلن الكيان الصهيوني في عام 2010 عن اكتشاف بئر أطلقت عليها اسم (لفياثان) وتحدث الصهاينة في العام التالي عن اكتشاف بئر أخرى حمل اسم (أفوديت)، والاثنتان تقعان في المياه المصرية الاقتصادية الخالصة؛ إذ تقعان على بعد 190 كيلو مترًا فقط من مدينة دمياط المصرية، بينما تبعدان بمسافة 235 كيلو مترًا عن حيفا في فلسطين المحتلة و180 كيلو مترًا عن ليماسول المحتلة، والبئران تقعان في السفح الجنوبي للجبل المصري الغاطس" إراتوستينيس".


على الجانب الآخر نرى التعامل من الانقلاب العسكري في قضة "سد النهضة" والخطر الشديد الذي يتربص بالمصريين المعرضين للموت عطشًا في حال بناء هذا السد والذي أثبتت الدراسات خطورته على مصر.


إعلام الانقلاب خلال العام الأول للرئيس مرسي صدعنا بأن الجيش والمخلوع كانا ينتويان توجيه ضربة عسكرية للسد في حال الشروع في بنائه، لإيهام المواطنين بأن المسار التفاوضي الذي اتخذه الرئيس مرسي سيفشل ولن يجدي.


وبالرغم من أن إثيوبيا بدأت في بناء سدها منذ العام 2008 أي قبل خلع مبارك بـ3 سنوات، واستمر حتى عام 2012 دون أن يحرك أحد سكنًا لا المخلوع مبارك، ولا خلفاؤه في المجلس العسكري.


الآن يلهث قائد الانقلاب وحكومته وراء المسار التفاوضي الذي فشلوا فيه أيضًا، بل فشلوا على كل المستويات، وذلك يرجع إلى أن الكيان الصهيوني الراعي الرسمي للانقلاب هو أيضًا المتكفل ببناء سد النهضة وحمايته، فهل يجرؤ الانقلابيون على الاقتراب من سيدهم.


أمريكا


ورأت مجموعة من الخبراء والمختصين الفلسطينيين في الشأن المائي، خلال ندوة عقدت في مدينة رام الله، أن خطر سد النهضة الإثيوبي لن يقتصر على مصر، بل سيمتد إلى قضايا عدة في المنطقة.


استعرض مدير عام مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين وخبير المياه العربي عبد الرحمن التميمي، مراحل إنشاء السد، والذي أعلنت الحكومة الإثيوبية في الثاني من أبريل 2011 تدشين إنشاء مشروع السد، لتوليد الطاقة الكهرومائية (5250 ميجاوات) على النيل الأزرق بولاية (جوبا- بني شنقول- قماز)، غربي إثيوبيا وعلى بعد نحو 20-40 كيلومترًا من حدود إثيوبيا مع السودان بتكلفة تبلغ نحو 4.8 مليارات دولار.


وأشار التميمي في الدراسة التي حصلت "إرم" الإخبارية على نسخة منها، إلى أن السد يأتي نتاج الدراسة التي قامت بها الحكومة الأمريكية استجابة للطلب الإثيوبي، حول حوض النيل الأزرق في عام 1964، خاصة بعد عزم مصر إنشاء السد العالي في ذلك الوقت، حيث جرى التوقيع على اتفاق رسمي بين الحكومتين في أغسطس 1957، وما يتم الآن هو نتاج تلك الدراسة.


وتظهر الدراسة التي استعرضها التميمي، أن المكتب الأمريكي حدد 26 موقعًا لإنشاء السدود أهمها، أربعة سدود على النيل الأزرق الرئيسي، وهي: " كارادوبي، مابيل، مانديا، وسد الحدود (النهضة)"، بإجمالي قدرة تخزين 81 مليار م³، وهو ما يعادل جملة الإيراد السنوي للنيل الأزرق مرة ونصف تقريبًا.


وأشار إلى أن بعض الدراسات الحديثة زادت من السعة التخزينية لسد "ماندايا" من 15.9 مليار م³ إلى 49.2 مليار م³، وسد "النهضة" من 11.1 مليار م³ إلى 13.3 مليار م³، وألغت سد "مابيل" واقترحت سد "باكو أبو" بدلاً منه.


يذكر أن إثيوبيا أعلنت في فبراير 2011، عن عزمها إنشاء سد "بودر" على النيل الأزرق، والذي يعرف أيضًا بسد "حداسه"، على بعد 20-40 كم من الحدود السودانية بسعة تخزينية تقدر بحوالي 16.5 مليار م³، وإسناده إلى شركة ساليني الإيطالية بالأمر المباشر، وأطلق عليه مشروع "إكس"، وسرعان ما تغير الاسم إلى سد الألفية الكبير، ووضع حجر الأساس في 2 أبريل 2011، ثم تغير الاسم للمرة الثالثة في نفس الشهر ليصبح سد النهضة الإثيوبي الكبير. وهو أحد السدود الأربعة التي اقترحتها الدراسة الأمريكية عام 1964.


الصهاينة


أجمع المراقبون والمختصون، على أن دولة الاحتلال تلعب دورًا هائلاً في بناء مصالح لها في إفريقيا، في ظل الغياب العربي، وتراجع النفوذ المصري في القارة السمراء، التي تعد منجماً غنيًّا بالمواد الخام.


وفي السياق ذاته، استعرض التميمي النفوذ الصهيوني في القارة السمراء، ومساعيها في السيطرة على منابع نهر النيل في منطقة الهضبة الإثيوپية، والتي ترفد نهر النيل بحوالي 85% من مياهه.


وبين أن الكيان الصهيوني قدم دراسات تفصيلية إلى الكونغو ورواندا لبناء ثلاثة سدود، كجزء من برنامج شامل لإحكام السيطرة على مياه البحيرات العظمى.


كما تعد العلاقات التجارية بين الكيان الصهيوني ودول الحوض، أحد أهم المؤشرات على تنامي المصالح الاقتصادية الصهيونية في المنطقة، حيث تظهر الأرقام تضاعف الصادرات الصهيونية إلى إثيوبيا منها أكثر من ثلاثين مرة خلال السنوات القليلة الماضية.


وتشهد العلاقات الصهيونية تطورًا متزايدًا خاصة في إثيوبيا والكونغو الديمقراطية، والتي شهدت في السنوات الأخيرة انتعاشًا في إقامة الغرف التجارية المشتركة، والمنح في مجالات الصحة والتعليم والتدريب، هذا وخصصت الحكومة الصهيونية أحد المراكز المتخصصة بوزارة الخارجية، لتقتصر مهامه على تعميم وتطبيق التعاون الصهيوني- الإفريقي.


وأشار التميمي، إلى أن حكومة الاحتلال وقعت اتفاقيتين، إحداهما مع جنوب السودان منذ شهرين تقريبًا وإثيوبيا، تتعلق بتوزيع الكهرباء التي سيتم إنتاجها من سد النهضة. وقد بدأت بإنشاء خط لنقل الكهرباء إلى كينيا، وخط آخر إلى جنوب السودان، موضحًا أن عقود توزيع الكهرباء تُظهر أن الكيان الصهيوني جزء أساسي من عمليات وسياسات التشغيل بسد النهضة.


ويهدف الكيان من خلال تغلغله في إفريقيا إلى استكمال خطة الطوق الإفريقي (جنوب السودان، كينيا، إرتيريا، إثيوبيا)، عبر آليات عدة منها شراء العدد الأكبر من السندات في سد النهضة، والتعامل مع مصر من خلال الطوق الإفريقي، وإيجاد آلية للتعاون مع الصين التي تملك الكثير من الشركات والمصالح، وإغراق مصر في المشكلة وابتزازها في المواقف السياسية.

 


سطو صهيوني


يؤكد السفير إبراهيم يسري رئيس جبهة الضمير ومساعد وزير الخارجية الأسبق ومنسق حملة "لا لبيع الغاز للكيان الصهيوني" أن أمر تصدير أو استيراد الغاز مع الكيان الصهيوني أمر مرفوض نهائيًّا أيًّا كانت العروض.


وأضاف أن مصر عقدت قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير صفقة مع قبرص بخصوص تصدير الغاز كانت تحديدًا عام 2008 وبعدها عقدت قبرص صفقة مع الكيان الصهيوني وهو ما يعني أن الكيان الصهيوني يستخرج الغاز من حقول البحر المتوسط الذي تطل عليه مصر؛ حيث يذكر أن بئري (تمار وليفياثان)، اللتين يستخرج منهما الكيان الصهيوني الغاز محفورتان فيما يعرف بالمياه الاقتصادية المصرية وعلى بُعد 90 كيلو مترًا من شواطئ (حيفا) في عمق البحر الأبيض المتوسط.


وحول خطورة تصريح وزير الطاقة والمياه الصهيوني ومدى جدية تنفيذه قال السفيرى يسرى: "إن مثل تلك التصريحات لا تطلق اعتباطًا ولا شك لها ترتيبات مع الجانب المصري مع قبل الانقلابيين؛ حيث إن الانقلابيين في مصر الآن يريدون أن يبيعوا في مصر ويشترونها كما يريدون من أجل إرضاء الصهاينة".


وجدد السفير يسري رفضه لأي محاولة للتطبيع مع الكيان لا سيما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير التي أطاحت بأحلام الصهاينة في كنزهم الإستراتيجي المخلوع مبارك ولكن جاء الانقلاب لكي يحقق لهم بعض مآربهم ولكن لن تتحقق بإذن الله.

 


ومن جانبه قال الدكتور مغاوري شحاتة دياب خبير المياه الدولي ورئيس الجمعية العربية للمياه، إن سد النهضة الإثيوبي قضية يجب التصدي لها بكل الوسائل السياسية والقانونية والفنية، على حد تعبيره.


وأشار إلى أن بعض المفاوضين المصريين في أزمة سد النهضة تم استدراجهم من الجانب الإثيوبي، موضحًا أن إثيوبيا تحاول تضييع الوقت باستمرار الاجتماعات والجلسات حول سد النهضة حتى يتم استكمال البناء، على حد قوله.


وأضاف أن الخبير الأجنبي أنصفنا في تقرير اللجنة الثلاثية عن تقييم سد النهضة وتأثيره على مصر، مشيرًا إلى أن إثيوبيا تصدر فكرة تعاونها الكامل مع مصر وأنها مظلومة، مضيفًا أن عدد السدود الإثيوبية المقامة حاليًّا تكفيها لتوليد الكهرباء دون الحاجة لسد النهضة، على حد قوله.


وأوضح مغاوري، أن إتمام مشروع سد النهضة الإثيوبي أثره كارثي على رقعة الأرض الزراعية في مصر.


وتابع: ليس صحيحًا أن سد النهضة الإثيوبي السبب في وقوع زلازل في المنطقة العربية، ولا يصح أن تخرج مثل هذه التصريحات من أي عالم، معتبرًا أن هذا يوقعنا في حرج وسيتم اتهامنا بالجهل العلمي.