- الهضيبي رفض التخلص من مجلس قيادة الثورة

- أول قاضٍ يكسر التقاليد الملكية أمام فاروق

 

من غير جلبةٍ ولا ضجيج، وبكل تواضعٍ واستخفاء، عبْر كلماتٍ في زاويةٍ من جريدة الأهرام، وقعت العيون على نبأ وفاة المرشد العام للإخوان المسلمين، أخي وأستاذي في الله حسن إسماعيل الهضيبي رحمه الله.

 

وأشهد ما كدت أتلقَّى النعي الأليم حتى أضاءت ملء خاطري وتلألأت في كل ما حولي هذه الآية الكريمة من سورة الأحزاب ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِيْنَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيُلاً﴾ (الأحزاب: 23) كأنما تنزل الساعة، عليها جلال الوحي، رحمانية الجرس، ملائكية النبرات، عالية الترتيل، ذلك بأنَّ الراحلَ العزيز كان- فيما علمت وشهدت- تفسيرًا حيًّا لهذه الآية، وكانت سيرته واقعًا ملموسًا لما تحمل من شمائل، وما ترسم من مُثُلٍ ومحامد، وما تبشِّر به من مثوبةٍ ورضوانٍ.

 

في صباه الباكر، في شبابه الغضّ، في رجولته السوية، في كهولته الواعية، وفي شيخوخته الوقور، كان حسن الهضيبي الصادق الذي لا يكذب، العفّ الذي لا يترخَّص، المستقيم الذي لا يُداهن، الأبيَّ الذي لا يخنع، الشجاع الذي لا يدبر، الجَلد الذي لا يتذمر، بل كان- كما قال العربي من قبل- لا يملّ حتى يملّ النجم، ولا يهاب حتى يهاب السيل، ولا يظمأ حتى يظمأ البعير!!

 

وكان فوق ذلك جذوةً من الإيمانِ والجهاد لا تسكن إلى دعةٍ ولا تهادن على مبدأ، عنوانًا على الخلق والترفُّع لا يستنزله عنهما إسفافُ حاسدٍ أو سلاطةُ منابذ، جبلاً في الثباتِ على ما يؤمن به، أرعدت القواصم أم أبرقت المغانم، منهلاً للإيثار يمنع الري نفسه وأهله حتى يشبع منه ذوو الحاجة الأباعد، داعية لا تُخطئ في أحد ممن يدخل في ولايته سلطان دعوته الغالب، وتلك خصيصة لا يشتد بخير فيها أزر المصلح المجاهد، ولا يبلغها من قادة الدعوات إلا الصفوة القلائل، وحسبك أن يمتدح بها القرآن الكريم أكثر من نبي مثل قوله تعالى: ﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55)﴾ (مريم).

 

ويقودني الإلمام بهذه الخصيصة من شمائل المرشد الراحل إلى التحدث عنه- طيَّب الله ثراه- في إثنتين من أبرز النواحي التي تميزت بها شخصيته ومعالم سيرته ومنهاجه:

- أولاهما: الوحدة بين مبادئه وسلوكه متمثلة في نماذج من مواقفه وأخلاقه.

- والأخرى: سلطان دعوته على أهل بيته ومن تشملهم ولايته.

 

وقبل الإسترسال في عرض هاتين الناحيتين، تقتضيني الأمانة والإنصاف أن أسارع إلى القول بأن روائع الإيمان والألمعية التي يشرق بها تاريخ الهضيبي كانت لازمة له بارزة في نفسه وعمله، قبل التحاقه بدعوةِ الإخوان المسلمين، وبعد أن تولى قيادتها خلفًا لسلفه العظيم الشهيد حسن البنا عليهما رضوان الله، لا يخطئ هذه الروائع فيه عابر طريق، ولا معاشرٌ لصيق!.

 

حسن الهضيبي في مواقف وأعمال وأخلاق

أعترف أن المقادير لم تهيئ لي فرصة التعارف المباشر إلى الراحل الجليل إلا وقد تجاوز الخمسين من عمره، حينما كان مستشارًا بمحكمة النقض (التمييز) المصرية، ولم يجاوز تأثري به يومذاك شعور الإعجاب بألمعي من رجالِ القانون يبلغ هذه الدرجة من الفقه الصحيح للشريعة، والفرح برجلٍ في هذا المنصب الرفيع يتدفق إيمانًا برسالةِ الإسلام الخالدة، وقدرتها- دون سواها من المبادئ والدعوات- على علاج مشاكل العصر، والوفاء بكل ما يتطلبه بناء الدولة الحديثة على أفضل وجه، بل بما يكفل سعادة البشرية من كل لونٍ وجنس.

 

بيد أنه منذ تولى قيادة الإخوان المسلمين، بدأت تفد إليَّ أوفر الأنباء من رفاقِ عمره، أقطاب القانون والقضاء، عما خفي عليَّ من تاريخ حياته، وراح أريج سيرته يعطرِ الأسماع والقلوب في قصصٍ تُشبه الأساطير عمَّا ألزم به نفسه وذويه من مثاليةِ السلوك فيما يفعل وما يترك وما يقول.

 

الأنس بالقرآن

عُرف عن حسن الهضيبى ولوعه بكتابِ الله منذ حداثته، يُكثر القراءة فيه والغوص في معانيه ويزن عمله وسلوكه بأوامره ونواهيه، ويبادر إلى إلزام نفسه بما قد تغفل عنه من أحكامه وتوجيهاته، وكانت هذه الصحبة مع القرآن مصدر شمائله والأساس الذي لم تنفك عنه شخصيته طوال عهده بالدنيا، فلئن استظهر الكثير من أجزاءِ القرآن في صدره- كما تدل على ذلك كثرة استشهاده بآياته- فقد شارف الغاية من استيعابه حقائق من خلقه، وصراطًا لحياته، وكان يبلغ من غيرته على القرآن وإعظامه لمسئولية حامله وتاليه أن يشتد نكيره على مثل إذاعاتِ لندن وموسكو والصهاينة وباريس حين تستهل مناهجها بتلاوة القرآن- وهي لا تؤمن به- فتنزل بقدره إلى رتبةِ الأغنية أو الأنشودة التي تتملق بها مشاعر السامعين، وفي ذلك كل الاستخفاف بالمسلمين، مع ما للقرآن من حرمة، تفترض في مذيعه والمنصت إليه، أن يكون جنديًّا صادعًا بأمره، مقلعًا عن كل ما ينهى عنه.

 

الورع عمَّا يستبيحه الكافة

انفرد الأستاذ الهضيبي أو كاد برتبةٍ عاليةٍ في الورع عمَّا تعارف عليه الناس على إباحته من توافه الأشياءِ التي تضعها الدوائر الحكومية والمؤسسات التجارية في خدمةِ موظفيها كالأوراق والأقلام وغيرها من المهملات إذ كان يُحرِّم على نفسه وذويه استعمال شيء منها في شأنٍ خاصٍّ، وكان يعود من المحكمة- وهو قاض أو محقق- وفي حقيبته أكداس من ورقة التسويد الرخيصة (الخرطوش) ليخطط عليها مشروعات القرارات والأحكام القضائية، فلا يسمح لنفسه قط باستعمال ورقة منها ولو كانت دون الأصبع في أمر يخصه أو يخص واحدًا من أهله، فإذا رآها واحد من أولاده في غرفته وطلب ورقة منها لبعض حاجته أنكر عليه أبوه وأعطاه قرشًا يشتري به ما يحتاج إليه من الورق ثم لقنه أمام إخوته الدرس الذي لم ينسوه بأن أوراق الحكومة ملك لها لا يحل لأحد أن يستخدمها في شأن خاص به.

 

مع خلطائه المسيحيين

وكانت باكورة ولايته القضاء في مدينة جرجا في صعيد مصر، حيث تعلو في الطبقة المثقفة نسبة المسيحيين، الذين تهيئ لهم مراكزهم وثقافتهم الاختلاط بقاضي المدينة، ونظرائه من كبار الموظفين، فلفت نظر هؤلاء الأخوة عزوف القاضي الجديد عن مشاركة أنداده غشيان مواطن اللهو المباح، فضلاً عن الحرام، وراعهم منه- خلافًا لأمثاله- لا يحلف ولا يعمد إلى تثبيت قوله ورأيه بيمين؛ استنادًا إلى أنَّ من لا يصدق بلسانه لا يصدق بيمينه، بالإضافةِ إلى إيثاره الجد في غير تزمت والبشاشة في غير تبذل، فإذا بهم يلتفون حوله، ويُحيطونه بفيض من مشاعر الحب والتقدير، ويعلنون أنهم يحسدون عليه إخوانهم المسلمين، ويتمنون لو كان في طائفتهم مثله ليقيموا له النصب والتماثيل.

 

الجبين المرفوع.. أمام الملك فاروق

دثني "باشا" مصري من أعلام القضاء- كان يليه مباشرةً في ترتيب القضاة والمستشارين- أن الهضيبي كان أول مَن كسر تقاليد الانحناء بين يدي الملك، عند حلفه اليمين القانونية التي يؤديها أمامه قبل تولي مناصب المستشارين، إذ كانت دفعته حوالي عشرة، سبقه منهم خمسة لم يترددوا في الانحناء عند حلف اليمين رغم تهامسهم بالتذمر من هذا التقليد المهين، حتى إذا جاء دور الهضيبي، الواهن البنية الصامت اللسان، فاجأ الجميع بأن مدَّ يده لمصافحةِ الملك وأقسم اليمين منتصب القامة مرفوع الجبين، بصورةٍ أنعشت الإباء فيمن بعده- وأولهم محدثي الباشا (س. ر)- فأدى يمينه قائمًا عالي الرأس، وهو يقول لنفسه: "إذا شنقوا الهضيبي فليشنقوني معه"، وتبعهما سائر المستشارين فصافحوا الملك وأقسموا اليمين دون تخاضع أو انحناء.

 

لا زلفى لجبار.. ولا شماتة بمنهار

أ - أمام الجبارين:

ومنذ برز اسم الهضيبي في القمةِ بين زعماء مصر ودعاه الملكُ إلى الاجتماعِ به دون طلب- خلافًا لكل السوابق المألوفة يومذاك- راحت التعليقات والتكهنات تتكاثر وتتضارب حول الثمن الذي سيتكلفه الإمام الهضيبي وجماعته- فيما توهم الناس- لهذه البادرة التكريمية التي خصَّ بها مليك البلاد المرشدَ العام للإخوان المسلمين!.

 

أما الهضيبي المؤمن الصديق، الموصول أبدًا بملك الملك، فلم يزد على أن نقل سلام الملك الذي حمله إياه إلى إخوانه في الجماعة، ثم استأنف طريقه في الدعوةِ محرر الإباء من كل ما يمت بسببٍ إلى هذه المقابلة، بل معتصمًا بحكمته وإيمانه من أن تلحق بمثاليةِ الجماعة منها أية شبهة! وإليك، مما وقفت عليه بنفسي هذه الأمثلة الثلاثة:

 

1- اتصل به كبيران من أعوانِ الملك يسألانه موعدًا لزيارته، فما حدد لهم الموعد- وكان بعد ثلاثة أيام- حتى أخبراه بأنهما سيحضران معهما صورة الملك لتعليقها في دار الإخوان، وقبل الموعد ببعض ساعة هتف إليَّ من داره يكلفني بصرفِ الرجلين إذا سألاني عنه، ولما ذكرته بأن رد مثلهما بهذه البساطة سيورطني في أزمةٍ صارحني- وكنتُ لا أعلم سبب الزيارة- بألا مفرَّ من ردهما بأيةِ وسيلة لأنهما سيطلبان منه تعليق صورة الملك بالمركزِ العام، وهذا، لا يفعله ولو قُطعت يمينه!.

 

وألهمني الله أن أقول له سأرسلهما إليك بالمنزل ولا حاجةَ لهذا الجفاء، وما عليك إلا أن تعتذر لهما بأن الإخوان قوم متزمتون يُحرِّمون التصوير، وسأبادر الآن إلى رفع صورة الإمام الشهيد من غرفةِ المركز العام، حتى يستقيم الاعتذار وما هو إلا أن سمعها حتى قال: "يرحم الله أباك، افعل وأنا في الانتظار"!!.

 

2- بعد أن اعتمد مكتب الإرشاد العام الصياغة التي أعدت بها مذكرتنا التقليدية لوزارة الدكتور علي ماهر بعد حريق القاهرة سنة 1952م وكلفني بطبعها وتوقيعها من المرشد العام دعاني إليه وأقبل على آخر سطرٍ منها يتضمن أماني التوفيق (في ظل جلالة الملك العظيم) فضرب بقلمه على عبارةِ (في ظل جلالة الملك العظيم) غير ملتفتٍ لتنبيهي بأن مكتب الإرشاد قد اعتمدها، ولا إلى كون هذه العبارة تقليدية، ولا إلى أن خلو الكتاب منها يُثير نقمةً في القصر الملكي، مجيبًا عليَّ كل ذلك بقوله: "احذفها على مسئوليتي، وحسبنا والملك والوزارة أن تكون في ظل الله وحده".

 

3- وفي ربيع العام نفسه، إذ كان طفلي هشام يُعالَج بمستشفى الدكتور عبد الوهاب مورو (باشا) قدم المرشد العام مشكورًا لزيارته، ولما همَّ بالانصرافِ بعد جلسةٍ طويلةٍ غمر فيها هذا الطفل ببره وعطفه، أشرتُ عليه بزيارة رئيس الديوان الملكي، وكان يعالج بنفس المستشفى، فلمَّا فُوجئت بإعراضه عن الفكرةِ وشرعت أعدد له محاسنها ومحاذير تركها، ولا سيما انه رؤى في نفس المستشفى، لأنه لا تكاد تمر لحظة دون أن يغص صالون رئيس الديوان بمجموعات من الأمراء ورؤساء الوزارات والشيوخ والنواب وكبار العلماء والوزراء ورجال الصحافة والأعمال، ورحتُ أقنعه بأن زيارة الرجل مجاملةً للملك، وهي عيادة مريض على كلَّ حال، إذا به يُصافحني مودعًا وهو يقول: "لقد قصدتُ اللَّهَ تعالى بعيادةِ ولدنا هشام، ولم أقصد الملك بزيارةِ رئيس الديوان"!!.

 

ب- لا شماتةَ بالمدبرين:

ويتمم هذه العظمة في خُلق الرجل أنه كان مثال النيل والترفع في مواقفه إزاء من أدبر عنهم السلطان، وانقلبت أحوالهم من عزٍّ إلى هوان، ولو كان فيهم مَن أسلف إليه أو إلى جماعته البغي والعدوان، والأمثلة التالية أصدق شاهد وبرهان.

 

1- محنة الملك المخلوع:

على الرغمِ من مواقف الإباء التي التزمها الهضيبي تجاه الملك فاروق في أوج سطوته وسلطانه، وحين كانت أعلى الهامات تتفاخر بالانحناءِ بين يديه، وأمضى الأقلام تتبارى في نسبةِ القداسة والعبقريات إليه، رأينا هؤلاء جميعًا لا يلبثون عندما تحل نكبة الخلع والإبعاد به أن ينقلبوا في مثل لمحِ البصر إلى هجائين حداد الألسنة، شتامين مقذعي البذاءة، يصبون كل ذلك في غير حياءٍ من ماضيهم القريب ماضي اليوم والساعة على ذلك المخلوع الذي أصبح لا يملك حولاً ولا طولاً، ولا يستطيع لأحدٍ نفعًا ولا ضرًّا.

 

أما الهضيبي الذي رأينا مناعته في وجهِ الملك ومطالب حاشيته فقد ارتفعت به أصالة خلقه عن أن يتأثر بهذا التيار، ومَلَكَهُ سلطان التعفف والترفع فلم ينزلق ولا سمح لإخوانه أو صحفه بالانزلاقِ لحظةً إلى مهاجمةِ رجل جرى القضاء على سلطانه بالزوال، وليس وراء ملاحقته بالسباب إلا ما تأباه المروءة، وما نهى عنه الهدي النبوي، من إتباع المدبر والإجهاز على الجريح!.

 

2 - محنة الزعماء المعتقلين:

ومن معين هذا الخلق الأصيل حرص الأستاذ الهضيبي على مواساةِ الزعماء الذين اعتقلتهم الثورة بعد قيامها بأسابيع، وأصبح الاتصال بهم مجلبة ضرر ونقمة حملت أقرب الناس إليهم على التنصل من كلِّ صلةٍ بهم، بينما حرص الهضيبي على تفقدهم بمجرَّد أن سُمِحَ لهم باستقبال الزوار، فزار- وكنت في معيته- السادة أحمد نجيب الهلالي باشا، وأحمد عبد الغفار باشا، وآخرين لا أذكرهم الآن ممن كانت قيادة الثورة الحاكمة تعتبر زيارتهم ومواساتهم من كبائر السيئات وما كان أحب إلى المرشدِ في تلك الأيام أن يتفادى غضب رجال الثورة، ولكنه الوفاء الأصيل يأبى أن يُفارق صاحبه ولو كلَّفه ما لا يُطاق!.

 

سلطان الخلق مع الأولياء والأعداء

لا يسعني أن أنفض يدي من هذه العجالةِ الخاطفةِ عن مواقفِ الرجل الكريم وأخلاقه دون أن أورد أنموذجًا من منزلةِ الخلق عنده حين يبدو التمسك به وكأنه إضاعة للمصلحة أو خدمة لأعداء الدعوة.

 

قامت ثورة مصر وبينها وبين الدعوة وقيادتها أسباب ليس هذا مجال الإفاضة فيها، وأخلص الهضيبي في نصحه للثورةِ ومنحها أنفع التأييدَ فيما يتفق ومبادئه الإسلامية، فلما اشتعلت أعاصير الخلاف بينها وبين جماعة الإخوان، وراحت الثورة تصبُّ على الجماعةِ أبشع ضروب البطش والاضطهاد، سارع أحد خلصاءِ الهضيبي إلى مقرِّ قيادةِ الثورة- وكان لا يزال موضع ثقتها الكاملة- للإجهازِ على رجالها، انتصارًا للدعوةِ وكفًّا للأذى عن الجماعة، فاكفهر وجه المرشد غضبًا وقال: "لأن يهلك الإخوان عن آخرهم- وللدعوة رب يحميها- خيرٌ من أن نبلغ قمة النصر عن طريقِ الغدر والخيانة، إننا مسلمون قبل كل شيء، ولو ملكنا الدنيا بإهدارِ الخلقِ الإسلامي فنحن الخاسرون".

 

الثبات عند البلاء

"لا تتمنوا لقاء العدو، فإذا لقيتموه فاثبتوا" حديث شريف..

مارس الهضيبي قيادة الدعوة، على هدي النبوة، مؤثرًا للعافية في غيرِ وهن، راغبًا عمَّا يسوقه الاصطدام بالحكوماتِ من شهرة وذكر، متقبلاً البلاء إذا فرض عليه بعد ذلك بأمثلِ ما يتلقاه المؤمن من ثباتٍ وجلد، رافضًا كل ما يؤثره به إخوانه- رعاية لسنه ومقامه- من وسائل التخفيف والإيثار، ليظفر من مثوبة البلاء وليكون تلاميذه وأتباعه نعم الأسوة والمثل، يفعل كل ذلك رحمه الله دون إثارة ضجة أو لفت نظر.

 

كان أشد ما أفزعني من حملةِ الاعتقالاتِ التي واجهناها في 13 من يناير 1954م أن رأيت بين المعتقلين ثلاثة رجال: حسن الهضيبي، ومنير الدله عليهما رضوان الله، وأسامة حسن الهضيبي سلَّمه الله، لخشيتي أن يكونوا ثغرة في جدارِ المقاومة التي عرف بها رجال الدعوة في الأزمات، لأن أولهم شيخ جاوز الستين مثقل بطوائف من العلل والأسقام، فضلاً عن أنه قضى حياته، حتى ذلك اليوم، في دعة وخفض بين عمله وبيته يأمر فيطاع، ويهيب فيجاب، ولأن الثاني ربيب نعمة وابن باشا واسع اليسار، فضلاً عن كونه مستشارًا في مجلس الدولة، يتسابق الناس في طلبِ مودته، والتقرب إليه، فتملكني الوهم أن تكون مفاجأتهما بحياةِ الاعتقال على هذه الصورة التعسفية الجافية زلزالاً ينتهي بهم إلى الحطمة والانهيار، خلافًا لأمثالنا من حلفاءِ التخشن، الذين سبق لهم التدرج في منازل الاعتقال منذ كانت في مستوى الفنادق الراقية، حتى أصبحت.. كما يواجهها هؤلاء المترفون لأول مرة، مخابئ نكال وهلكة، أما ثالثهما أسامة الهضيبي سلَّمه الله، فقد كان- من دون ذرية الهضيبي كلها- منصرفًا إلى عمله ومقاولاته الهندسية معتزلاً كل ما يتعلق بالدعوةِ والجماعة، لا يعرف عنَّا ولا نعرف عنه شيئًا لولا أن يرانا ونراه في بيتِ أبيه قَدَرًا!

 

غير أن تجربة الشدائد- وهي ميزان الرجال- قد كشفت من جوهرِ هؤلاء الثلاثة، ما رأيتني بالقياسِ إليه صغيرًا ضئيلاً، أحتاج منهم إلى التشجيعِ والمواساة.. فالهرم العجوز المثقل بالأمراضِ حسن الهضيبي، فقد أثبتت هذه المحنة أنه إمام في احتمالِ البلاء، قدوة في الصبر على الضراء، وإليك طائفة من نماذج إبائه وجلده في أشدِّ مواطن البأساء:

 

- مداواة الروماتيزم المزمن بزمهرير البرد في زنزانة الاعتقال:

كرثتني وطأة الزمهرير الذي واجهته ساعة أغلق عليَّ باب الزنزانة، رغم ما كنت أشعر به من فضلِ قوةٍ وشباب، وما كنت متجهزًا به من فرشٍ وأغطيةٍ وثياب، وما طال ألفي له من خشونة السجون والمعتقلات، فرأيتُ مشاعري كلها مشدودةً إلى الأستاذِ المرشد يستبد بها الهلع على حياتِهِ الغالية، لما أعلم من معاناته من مرضِ الرزماتيزم الحادِّ المزمن الذي يحوج أجلد الفتيان إلى مضاعفةِ الدفء في وقتِ الشتاء، فعمدتُ إلى فروةٍ من جهازي ذات وبرٍ كثيف طويل ودفعتُ بها مع حارسِ الزنزانة ليسلمها لقاء أجرٍ أغراه- إلى الأستاذِ الهضيبي في زنزانته التي عرفتُ رقمها بعد مجهود، وقلتُ في نفسي إنه جهد المقل ولكنها ستقيه الكثيرَ من وطأةِ الزمهرير، غير أنَّ الحارسَ لم يلبث أن عادَ إليَّ والفروة بيده ليبلغني أن نزيل تلك الزنزانة أمره بإعادتها إليَّ، وخشيتُ أن يكون الحارس قد أخطأ المقصود فرددته بكلمةٍ رمزيةٍ وألزمته تسليم الفروة، والتأكد ممن أرسلتها إليه بجوابِ تلك الكلمة، ولكنه سرعان ما عاد إليَّ بالجوابِ الرمزي، ومعه الرفض الحاسم بدعوى أنه لا يشعر بأي برد يحوجه إلى الفراء.

 

وبعد يومين هيأ لي القدرُ الاجتماع بأستاذي الأبيّ أمام دورةِ المياة فما أمهلني أن أتكلم حتى قال: "أدفئ نفسك بفروتك أو ادفعها إلى مَن يحتاج إليها من إخوانك"، فقلتُ له: "فدتك نفسي، مَن أحوج إليها منك وأنت مريض بالروماتيزم والدوسنتاريا و...؟ فإذا به يقاطعني في عزةٍ وبشاشةٍ: لقد شفيتُ والله، يا عبد الحكيم، ببردِ هذه الزنزانة من كلِّ ما أثقلني من الأمراضِ في غابر السنوات!!

 

وما كدتُ أسمع الجواب حتى غلبتني العبرات، وتضاءلتُ في نظر نفسي كأني حفنة من تراب وأنا أردد في خاطري "إن لله رجالاً..."!.

 

- رفض المدفأة الكهربائية من مدير السجن:

وكان مدير السجن الحربي- الذي أعتقلنا في صحراءِ الهايكستب- يتودد للأستاذ الهضيبي ويتظاهر بالأسفِ لاعتقاله والمسارعة فيما يسره، ومن ذلك أنه أبلغه يومًا عن مسعى يقوم به لتزويدِ غرفته بأدوات التدفئة والراحة تقديرًا لمقامه وسنه، فأجابه المرشد رحمه الله: "إني بأتمِّ الراحةِ والدفء، وإذا كان باستطاعتك أن تقدم هذه المزايا لجميع الإخوان المعتقلين فيسرني أن أكون آخرهم، وإلا وفِّر على نفسك المساعي وأنت مشكور!!".

 

غير أنَّ مدير السجن، الذي عرف إباءَ الرجل ومثالية إيثاره، اغتنم فرصةَ إخلائنا الغرف في لحظات (الفسحة) اليومية، فحمل مدفأةَ مكتبه الخاصة وتركها مشتعلة في زنزانة الهضيبي، الذي ما كان يدخل الزنزانة ويُفاجأ بنعمةِ الدفء، ثم يلمح المدفأةَ في زاويةٍ من زنزانته، حتى أقبل على بابِ الزنزانة من الداخلِ يُوسعه طرقًا بكلتا يديه، إلى أن سمع الحارس فأسرع يفتح باب الزنزانة، ليُفاجأ بنزيلها قد حمل المدفأة بيديه، وقذف بها إلى الخارج ثم أغلق الباب على نفسه دون ضوضاء!..، وجاء مدير السجن يعاتبه، بحجةِ أنه آثره على نفسه، وأن في هذا إهدارًا لكرامته، والمرشد لا يزيدُ على أن يدعوَ له، ويكرر أنه لن يقبل ميزةً ولا هديةً ولا كرامةً خاصة، إلا بعد أن تعمَّ كلَّ المعتقلين من إخوانه.

 

- إظهار القوة أمام خصوم الدعوة:

وأدرك زبانية الحكم أنَّ الشيخَ الذي حسبوه فانيًا سريعًا إلى الاستسلام إن هو إلا معين إباء وجلد، يسري جواره شممًا ومنعةً في نفوس الإخوان فيُثَبِّت الواهِن، ويضاعف من عزيمة الثابت.

 

وتفتقت مكايد الطغيان عن حيلة جديدة، نقلوا بها المرشد العام إلى زنزانة محلقة بمكاتب الإدارة، تفصله قرابة ميل عن مجمع زنزانات الإخوان، بحيث لا يرونه إلا في ساعةِ الفسحة من هذا البعد، لا يكلمهم ولا يكلمونه!

 

ولفت أنظارنا أن مرشدنا المتداعي البنية يقضي ساعة فسحته في الحديقة المواجهة لمكتب المدير ناشطًا في القيام بتمرينات رياضية وهو بملابس ناصعة الألوان لعله كان يتوقر عنها وهو في شرخ شبابه.

 

ولما كاشفته- في أول لقاء هيئ لي معه- بغرابة هذه الحركات الرياضية، وهذه الملابس الزاهية، على مقامه وسنه، ضرب في صدري بيده ضربة حنان وتنبيه، وهو يقول: "دعهم لا يرون منَّا إلا البشاشةَ وارتفاع الروح المعنوية، حتى يتحققوا أنَّ سهامَهم طاشت، ولم يبلغوا منا ما يريدون! ألم يبلغك قول رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- "رحم الله امرءًا أراهم من نفسه اليوم قوة".

 

- النهي عن البكاء من خشيةِ الله على مسامع الظالمين:

واعتاد الإخوان أن يجدوا في السجون أسعد الفرص للخلوة بالله سبحانه، حيث تشغلهم أعباء العمل للدعوة أوقات الحرية عن التفرغ لما يحبون من مناجاته، وكان هناك أخ بين المعتقلين من أرقَّهم قلبًا وأغزرهم دمعًا وأعلاهم نشيجًا في مناجاةِ الله إذا حلك الظلام وسكنت الحركة بين المعتقلين والحراس.

 

واستطاع الإمام الهضيبي أن يتبين من هذا النشيج شخصية صاحبه، فما وقعت عليه عينه في ساحةِ الفسحة العامة، حتى أقبل عليه يقول له: "أنا أعلم أنك رقيق القلب تبكي من خشيةِ الله، وتلك رتبة نغبطك عليها جميعًا، ولكن جهلة الحراس إذا سمعوا بكاءك، وأنت مرموق المكان في الدعوة، أسرعوا إلى سادتهم الطغاة، فأفهموهم أن قادةَ الإخوان قد أصابهم الهلع من الاعتقال، حتى إنهم ليبكون بكاءَ الأطفال".

 

وراع المرشد والحاضرين من الإخوةِ أن يسمعوا جواب أخيهم: "يا فضيلةَ المرشد، أنا أهون شأنًا من أن يكون نشيجي بكاءً من خشيةِ الله، ولكني أستعرضُ ذنوبي- إذا جنَّ الليل- فيخيل إليَّ من كثرتها أنَّ الله تعالى قد أخذ الجماعةَ كلها بأن يكون فيها مذنب مثلي"..! فيبارك المرشد هذا الشعورَ ويكرر التشديدَ على صاحبه أن يكبت أناته بحيث لا يسمعها إلا الله!.

 

- رفض الإفراج قبل التحقق من بطلان الإتهامات:

﴿فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ﴾ (سورة يوسف: 50).

 

اتسعت موجة النقمة على الحكم العسكري بعد اعتقال الإخوان في 13 يناير 1954م، ودب الشقاق إلى صفوف رجاله البارزين، حتى أضطروا إلى إتخاذ قرار بالإفراج عن الإخوان المعتقلين في حوالى 20 مارس 1952م، وخيل للقوم أنهم يستطيعون تقاضى الإخوان ثمنا جزلا عن هذا الإفراج، فأوفدوا إلينا إثنين من رجالهم يبشرانا بالإفراج، ويجسان النبض لمفاوضتنا على ما يمكن أن نقدمه لتأييد الثورة عندما تعود إلينا الحرية، والرجلان هما الأستاذ فؤاد جلال، والسيد محمد أحمد.

 

وبينما كانت بشائر الإفراج تسري مع موجة من السرورِ في أوساط عامة الإخوان، وكان مبعوثا السلطة يتوقعان لمفاوضاتهما أو لمساوماتهما باهر النجاح، سارع الأستاذ الهضيبي إلى إعلان أنه لن يقبل الإفراج- فضلاً عن أن يتعهد بأي شىء في مقابله- إلا بعد أن تُمحَّص الاتهامات الخرافية، التي برر بها اعتقال الإخوان، أو بعد أن تعلن قيادة الثورة بطلان التهم والاعتذار عن الاعتقال! وهذا ما ذكَّرني بموقفٍ نبي الله يوسف عليه السلام حين رد البشير الحرية التي آثره بها الملك حتى تُستعلن للملأ براءته، ويفتضح كيد امرأة العزيز.

 

وثبت الإخوان على هذا الموقف الأشم- بعد أن انفضَّ أول اجتماعٍ على غيرِ اتفاقٍ- حتى عاد المبعوثان بعد يومين ليفتحا بابَ السجن ويعتذرا للمعتقلين، وتتبع ذلك زيارة قائد الثورة للمرشد في بيته، وزيارة وزير الإرشاد لكاتبِ هذه السطور في دارِه، في مسعى لإزالةِ ما علق بالنفوس من مظالمِ الاعتقال.

 

- إيثار الكفاح على السلامةِ في أقسى أوقات المحنة:

شاءت الأقدار أن يكون الأستاذ الهضيبي في سوريا ولبنان في صيفِ عام 1954م بعد زيارة للمملكة العربية السعودية قام بها في أول ذلك الصيف إجابةً لدعوةٍ من الملكِ الأسبق سعود بن عبد العزيز رحمه الله.

 

وفيما كان الهضيبي موضع الحفاوة والتكريم من جميع الأوساط الدينية والاجتماعية والسياسية في البلدين الكريمين، متنقلاً بين المدن والقرى في أحفالٍ عامة، منسجمًا في بعض المصايفِ؛ حيث تتهيأ له ومضاتٌ من الفراغِ والراحة، إذا بحملةِ استفزازٍ مسعورة يُطلقها حاكم مصر يومذاك على الإخوانِ المسلمين في مصر في مدينةٍ من محافظةِ الشرقية، وإذا الأنباء تتواتر عن إتباع ذلك بموجةٍ اضطهادٍ عارمة تنصبُّ على الجماعةِ فتغلق مراكزها التي شارفت الألفين، وتعتقل قادتها، وتشرد الموظفين من أعضائها وتصادر أموالها، وتلفق جديدًا وقديمًا من الاتهامات لأهدافِ الجماعة ومناهجها!.

 

وكان العزاء الوحيد لأصدقاء الدعوة وأحرار المنصفين في السعودية وسوريا ولبنان، أن المرشد العام بمنجاةٍ من هذه المحنة، وأنه لا شك سيبقى خارج مصر إن لم يكن إيثارًا للسلامةِ- وهو إليها في حاجةٍ- فحرصًا على استنفارِ الرأي العام في دنيا العرب والإسلام، للإنكارِ على حكامِ مصر، وحشد كل طاقة من طاقات الخير لشد أزرِ المجاهدين داخل الأسوار.

 

غير أنَّ الهضيبي- إمام الجهاد والصدق والثبات والصبر- ما كاد يسمع أنباء النكثة الجديدة للسلطاتِ المصرية، وما أدَّت إليه من تسجيرِ المحنة والبطش بأهل الدعوةِ في أرضِ الكنانة، حتى أمر بالتجهز للعودةِ إلى مصر، وراح يُفند نصائح أحبابه والغيورين عليه وعلى دعوته وجماعته، بالبقاء خارج (القفص) خدمةً للدعوة، وتزويدًا لها بقيادةٍ حرَّة، تملك من العمل والإعلانِ وتعبئة الرأي العام ما لا سبيلَ إلى شيء منه في مصر، بحكمِ البطش العسكري والرقابة الصحفية.

 

ذلك بأن الهضيبي الذي كان- عليه رضوان الله- دائم القول بأنَّ الدعوة لله يتكفل بنصرها دون حاجةٍ إلى عبادِه، كان ينادي بأنه لا يحل لمؤمن بالدعوةِ أن يدخر عنها جهدًا يستطيعه، أو مثلاً صالحًا يستطيع ضربه، مع الاطمئنانِ بعد ذلك إلى أنَّ نصرَ الله آتٍ لا محالةَ، ولو كانت هذه الجهود لا تبلغ قوة ريشة تتحرش بها عاصفة.

 

وبهذا المنطق الصافي سارع بالرحلةِ إلى مصر إعذارًا إلى الله بضربِ المثل واستنفاد الطاقة، وصيانةً للدعوةِ من أن يُشاع أنَّ المرشدَ العام يهش لقيادتها في الرخاءِ ويترك جنودها دونه يصطلون بنارِها في المحنةِ والبأساء.

 

- الإفراج الصحي عنه وإباء استمراره بعد الشفاء:

وفي عام 1957م على ما أذكر، قررت لجنة من خمسةِ أطباء مسيحيين- فيما بلغني- أن حالةَ الهضيبي تُنذر بالهلاك، وأنها لا تستطيع تحمل المسئوليةِ عن بقائه رهن الاعتقال، فصدر قرار بالإفراج الصحي عنه، نُقل على أثرِه إلى بيته؛ حيث توفَّرت له أسباب العلاج الذى أزاح الله به شبح الخطرِ عن حياةِ المرشد الصديق.

 

بيد أنَّ الهضيبي الذي يعي تبعاتِ القيادة تجاه الجنود، ما لبث أن أخذه الحنين إلى إخوانه وأبنائه المسجونين، ولم تطب نفسه بأن يكون في نظرِ الطغاة ذلك الواهن الضعيف الذي يتلقف مثل هذه الفرصة لينعم بحياةِ الدعة متميزًا على إخوةٍ له في الجهاد، هو أولاهم بأوفرِ حظٍّ في البلاء!.

 

لذلك ما كاد يتنسم أريج العافية حتى سارع بالكتابةِ إلى السلطاتِ يُبلغها أنه قد عُوفي بحمد الله من عارضِ المرض الذي أوجب الإفراج عنه، وأن باستطاعته العودة إلى السجن لقضاءِ باقي المدة المحكوم بها عليه!.

 

أما والله لقد كان حسن الهضيبي- على تواضعه وفراره من الأضواء- بقية السلف وواحد الزمن، والشاهد الناطق بمعنى الحديث النبوي الشريف: "الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة".