- جمعة أمين: البلاء مقترن بالإيمان ونحن على الطريق الصحيح

- الغزالي: المحكوم عليهم ساهموا في تقدّم مصر الاقتصادي

- العريان: النظام المصري يحتضر وسنستمر في نهجنا الإصلاحي

- عبد المقصود: لا أمل في محاكمة عادلة وسنواصل نضالنا القانوني

 

تحقيق- أحمد رمضان

15 أبريل 2008م.. سيظل يومًا محفورًا في ذاكرة الأمة، بعد أن ضرب النظام المصري بكل الأعراف والقوانين ومبادئ حقوق الإنسان عرض الحائط، وأصدرت المحكمة العسكرية أحكامًا بالسجن على 25 من قيادات الجماعة؛ وعلى رأسهم م. خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام للإخوان المسلمين؛ تتراوح ما بين 3 سنوات إلى 10 سنوات؛ فهو بالفعل يوم بكت فيه مصر على حريتها المسلوبة وقانونها الغائب، حتى أصبحت غابةً من المستبدِّين السلطويين الوصوليين.

 

قيادات الإخوان استقبلوا قرارَ المحكمة بحزنٍ شديدٍ على ما آلت إليه مصر، وخوفٍ على مستقبلها، خاصةً في الجانب الاقتصادي بعد قرار المحكمة بمصادرة أنصبة ممتلكات بعض المعتقلين الإخوان، وقد رصدنا في هذا التحقيق ردود فعل قيادات الإخوان حول الأحكام التي أصدرها القضاء العسكري بحق 40 من قيادات الإخوان:

 

 الصورة غير متاحة

الأستاذ جمعة أمين

 في البداية أشار الأستاذ جمعة أمين عضو مكتب الإرشاد إلى أن ما حدث اليوم أمرٌ لا يتصوره عقل إنسان؛ ذلك لأن الظلم بَيّن، والظلم ظلمات يوم القيامة، معربًا عن تعجُّبه من الذين يُصدرون هذا الحكم ولا يخافون الله سبحانه وتعالى، وهم مقتنعون في نفس الوقت أن الإخوة الأفاضل ليس عليهم أي جريرة وأن المحاكم المدنية برَّأتهم!.

 

وتساءل: كيف تقول لإنسان يريد أن يقطع الطريق ويمنع السائر فيه من التصرف في أمواله؟ هل تقول إنه عاقل؟! هذا أمرٌ فاق كل تصوُّر، ولكن ما يهوِّن الأمر علينا أن طريق الله دائمًا يعترضه الظالمون، ومن أجل ذلك قال الله تعالى: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42)﴾ (إبراهيم)، مؤكدًا أن هذا اليوم آتٍ؛ يوم تقتص الشاة الجلحاء من الشاة القرناء كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويوم يقول الله: ﴿.. لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17)﴾ (غافر)، موجِّهًا حديثه إلى من أصدروا الأحكام قائلاً: الدنيا لا تساوي شيئًا.

 

وضرب عضو المكتب عدة أمثلة للظالمين، متسائلاً: أين صلاح نصر وشمس بدران وحمزة بسيوني؟! يقول الله تعالي: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105)﴾ (يوسف)، مشدِّدًا على أنه لا يفتَّ في عضدنا تلك الأحكام؛ لأن الذين صدرت ضدهم هذه الأحكام يعرفون طبيعة الطريق وهم كالجبال شوامخ.

 

وأكد أن الدعوة لا تهتزُّ بما يحدث لهم، قائلاً: انظر إلى إخوانك في حماس بغزة، والمؤامرات التي تحاك ضدهم؛ ليس فقط من الصهاينة ولكن من بعض الحكام العرب، موضحًا أن البلاء قرين الإيمان، ونحن نعرف طبيعة الطريق الذي نسير فيه، فليس بأحكام الظالمين نبتعد عن الطريق، ثم تلا قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)﴾ (البقرة).

 

ووجَّه الأستاذ جمعة كلمةً للإخوان قال فيها: اثبتوا وتوكَّلوا على الله، والله معكم ولن يتركم أعمالكم، وسيكتب النصر للمؤمنين، وأوصيكم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما معناه: "أيها المؤمنون.. شمروا فإن الأمر جدّ، وتأهبوا فإن الرحيل قريب، وتزوَّدوا فإن السفر بعيد، وخفّفوا أثقالكم؛ فإن وراءكم عقبة كؤودًا لا يقطعها إلا المخففون، أيها الناس.. إن وراء الساعة أهوالاً شدادًا، وأمورًا عظامًا، وزمانًا يتحكم فيه الفسقة، ويتصدر فيه الظلمة، فأعدوا لذلك الإيمان، عضُّوا عليه بالنواجذ، وأكثروا من العمل الصالح واصبروا على الضراء تفضوا إلى النعيم المقيم"؛ ونقول للظالمين: صبرًا وسترون ما يلحق بكم في دنياكم قبل آخرتكم في أولادكم وأسركم ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ (الشعراء: من الآية 227).

 

أحكام إجرامية

 الصورة غير متاحة

د. عبد الحميد الغزالي

أما د. عبد الحميد الغزالي المستشار السياسي للمرشد العام للإخوان المسلمين والأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة فأوضح أن تلك الأحكام الظالمة الجائرة والإجرامية تشكِّل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان في مصر وللحرية والمواطنة؛ حيث طالت 25 من أشرف وأخلص مواطني هذا البلد؛ الذين كانوا يعملون بجدٍ وإخلاص في سبيل تقدمه الاقتصادي من خلال مشروعاتهم الإنتاجية التي حازت على كافة الموافقات الرسمية عن إنشائها وتخضع لكافة الأجهزة الرقابية.

 

وأكد د. الغزالي أن هذه الأحكام تعدُّ مؤشرًا على الخوف الحقيقي للنظام من هذا التيار المتجذر في الشارع المصري، وأن تلك الأحكام لا يمكن أن تخدم النظام أو الوطن في حاضره ومستقبله، مضيفًا أن الإخوان رغم ذلك يقدمون التضحيات في سبيل هذا الوطن، محتسبين ذلك عند الخالق تبارك وتعالى، وقال: لا بد في النهاية أن يكون النصر مع الصبر والفرج مع الكرب، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

 

المسلك السلمي

وعن آليات الجماعة في الفترة المقبلة وكيفية تعاملها مع النظام على خلفية تلك الأحكام اختصر د. عصام العريان القيادي بالجماعة كلَّ المسافات بتأكيده أن الجماعة لن تسلك غير المسلك السلمي والقانوني؛ اتساقًا مع نهج الإخوان منذ أن نشأت جماعتهم.

 

موضحًا أن النظام المصري في آخر مراحله، وأن مصر تمر بمرحلة انتقالية؛ بسبب ممارسات النظام القمعية ضد كل أبناء وطوائف الشعب المصري؛ مشدِّدًا في النهاية على أن الإخوان لن يتخلوا عن مسيرة الإصلاح مهما كلفهم ذلك، وأن الأحكام العسكرية الأخيرة ليست بجديدة على قيادات وكوادر الإخوان، خاصةً أنها المحكمة العسكرية السابعة في تاريخ الجماعة.

 

أين العدالة؟

 الصورة غير متاحة

عبد المنعم عبد المقصود

من جانبه أوضح عبد المنعم عبد المقصود المنسق العام لهيئة الدفاع عن الإخوان أن الأحكام القاسية التي صدرت اليوم جاءت لتؤكد من جديد أنه لا أمل مطلقًا في محاكمة عادلة إلا أمام القاضي الطبيعي، وأنه لا ضمان للحرية ولا لحرمة الملكية الخاصة إلا بالتزام حكم الدستور والقانون ومبادئ العدالة التي أكدتها المواثيق الدولية كافة، مضيفًا أن هذه الأحكام الصادرة تعكس أسوأ صور العدوان على المشروعية، في محاكمة استثنائية تنتهك الدستور وسيادة القانون، وتكشف للعالم منهجًا يرتكز على الاستبداد ويعتمد الإقصاء وينتهج الانفراد.

 

وحول خطة تحرُّك هيئة الدفاع في المرحلة المقبلة قال عبد المقصود: إننا نؤكد تصميمنا على مواصلة نضالنا القانوني سالكين كل وسيلة قانونية ممكنة ومتاحة في إقرار حكم العدالة والتأسيس لمستقبل يخضع فيه الجميع لحكم القانون، وهيئة الدفاع ستظل مساندةً لهذه الكوكبة ومناصرةً لها ومدافعة عنها، مبدعين في وسائل جديدة نجعل من خلالها كل مستبد خاضعًا لحكم القانون والعدل.

 

وأضاف عبد المقصود أن هيئة الدفاع تبحث عما إذا كانت ستطعن على هذا الحكم أم لا؛ لأن هذه المحكمة التي استحدثت بالمادة 43 من قانون القضاء العسكري عليها نفس الملاحظات وتحيط بها كل القيود وتثار حولها نفس الدفوع التي أبديناها أمام المحكمة التي أصدرت الحكم، والتي تؤكد عدم استقلالها وخضوعها للسلطة التنفيذية ممثلةً في وزير الدفاع.