ذُهل الرأي العام المحلي والعالمي بشراسة الأحكام الجائرة التي صدرت بحق 25 قياديًّا من جماعة الإخوان المسلمين الأبية الصامدة، وكان حجم الذهول أكبر بسبب تخبُّط النظام المصري وإعلانه العصيانَ العام ضد الشعب المصري.

 

فهو قد عادى كلَّ فئات الشعب دون استثناء؛ القضاة والمحامين، والأطباء والمهندسين، والصحفيين والعمال والفلاحين, حتى الطبقة الوسطى من أبناء الشعب المصري الذي طحنهم بالغلاء الفاحش, وبات الناس في حيرةٍ من هذا الظلم البيِّن والقمع البوليسي الشرس الذي يمارسه النظام ضد الشعب المصري، وأصبح النظام يرفع العصا و"الشوم" والبنادق والسجن والاعتقال للشعب المصري ويهدِّد بقمع دموي لكل مَن يخرج عن طوع وإرادة هذا النظام الغبي الذي ما لبث أن يُغرق الشعب في كارثةٍ حتى يأتيَ بكارثة أكبر منها.

 

واعتاد الناس على الاستيقاظ كل يومٍ على قرع طبول الحرب والقمع الذي تمارسه الآلة الأمنية للنظام المستبد، وانتاب الناس شعورٌ عامٌّ بأن شيئًا ما سيحدث في مصر، وأن إرادة التغيير باتت قاب قوسين أو أدنى.

 

يشاء الله العلي القدير أن تبرِّئ محكمة مدنية عضوًا بارزًا في الحزب الوطني ومَن معه من تهمة فسادٍ كبرى بما عُرف إعلاميًّا بقضية الدم الفاسد, في نفس الساعة التي أصدرت المحكمة العسكرية أحكامًا بالغة القسوة والشراسة على شرفاء الوطن وخير رجال الأمة بتهمة إصلاح الوطن وإيقاظ الأمة ونهضتها على أسس إسلامنا العظيم, وكأنَّ الله سبحانه وتعالى يريد أن يفضح ظلم الظالمين وغدر المعتدين في واحدةٍ من أسوأ ما اقترفته يد النظام المصري في حق نبلاء الأمة وقادتها.

 

خيرت الشاطر الصابر المحتسب المبتَلى بسبع سنوات في السجن ظلمًا.. لا تحزن؛ إن الله معنا.

 

حسن مالك الصابر المحتسب المبتَلى بسبع سنوات في السجن ظلمًا.. لا تحزن؛ إن الله معنا.
يوسف ندا الصابر المحتسب المبتَلى من المشروع الصهيوني الأمريكي وحكموا عليك غيابيًّا بعشر سنوات ظلمًا وعدوانًا، على الرغم من وجودك في الخارج أنت وإخوانك الخمسة، ولم تكن قضيتكم بها أحراز ولا دلائل ولا قرائن، حتى ولو كانت "مفبركة"، ولم يكن هناك أي شيء سوى مذكرة كيدية من ضابط مباحث أمن الدولة.. لا تحزن؛ إن الله معنا.

 

إخواننا وأحبتنا الصابرين المحتسبين المبتَلين بخمس سنوات وثلاث سنوات في السجن ظلمًا.. لا تحزنوا؛ إن الله معنا.

 

إخواننا وأحبتنا وفلذة أكبادنا الذين صودرت أموالهم وشُرِّدت أسرهم وقُمِعَت في هذا اليوم.. لا تحزنوا؛ إن الله معنا.

 

لم أتعجب من ظلم النظام المصري؛ فهو اعتاد الاستبداد وإذلال الشعب المصري، ووصل لدرجة التبجُّح التي يقال فيها: "إن لم تستحِ فافعل ما شئت", ولكن تعجُّبي الأكبر كان من الآلة الأمنية والعسكرية الباطشة التي تأتمر بأمر النظام، وهي شديدة الولاء في القمع والقهر، وتعمل على مدار الساعة بدون كللٍ أو مللٍ وكأنها لا تتعب من بطش وإذلال الشرفاء والأبرياء.

 

انظروا ماذا ارتكب النظام خلال عشرة أيام فقط (من 6- 15 أبريل).. قَمْع المعارضة الشعبية التي تحدَّت النظام في إضراب 6 أبريل وتسبَّب في حرق مدينة المحلة، وقتَل وأصابَ واعتقل المئات، وأقصى المعارضة الرئيسية التي تمثِّلها جماعة الإخوان المسلمين عن الترشُّح للمجالس المحلية وتزويرها بشكل بشعٍ واعتقال المئات من المرشَّحين والكوادر الميدانية في واحدةٍ من أسوأ سوءات النظام المصري الظالم المتبجِّح, وغيرها من الإجراءات القمعية التي شكَّلت وصمت عارٍ في جبين هذا النظام الظالم.

 

هذا في ظل احتقانٍ غير مسبوقٍ في الشارع المصري بسبب تردِّي الأحوال المعيشية وانهيارٍ كبيرٍ في كافة المرافق والخدمات لمؤسسات الدولة.

 

إلى أين يذهب بنا النظام؟!

إلى الهاوية لا محالةَ في الوقت الذي لا يمكن أن يتراجع فيه لتبنِّي الإصلاح الشامل الذي بات مستحيلاً في ظل الخطايا التي ارتكبها في حق الشعب المصري، والتي تُوجب محاكمته.
إن الشعب قد سئم الخنوع والسكوت على الذل والهوان.

 

الإخوان المسلمون، كما أعلنوا دائمًا، مصرُّون على الإصلاح مهما كان الثمن والتضحيات، ولن يكلُّوا ولن يملُّوا من الدعوة إليه، وأراهم في انتفاضةٍ جديدةٍ بعد هذه الأحكام الجائرة لمواصلة طريق الإصلاح بهمةٍ عاليةٍ وثبات على المواقف وجرأة في الحق وإيمان بالله صادق، وهذا أبلغ ردٍّ على هذه الأحكام السوداء.

 

وعلى الشعب المصري بكل فئاته، وبخاصةٍ البسطاء المطحونين من هذا الشعب، أن يعلنوا رفضهم للذل والهوان والفساد وسرقة خيرات الوطن وقوت الشعب.

 

لن يسكت الشعب بعد اليوم، وسيظل في انتفاضةٍ سلميةٍ مستمرةٍ حتى ينال حقوقه ويتحرَّر في وطنه.

 

لن نتنازل عن وطننا ولا خيراته بعد اليوم بعد أن بلغ الظلم مبلغًا غير مسبوق.
النظام فقد صوابه؛ فهو يتخبَّط ويذهب بنا إلى المجهول.