اهتم كثير من الأدباء العرب بالألغاز الشعرية وعلم البديع، وانتشرت هذه الظاهرة في عصور انحطاط الأدب خاصةً؛ فوصل إلينا كثير من هذه النماذج النثرية والشعرية؛ أكثرها مغرقٌ في التكلف والصنعة ولا يستسيغه الذوق السليم؛ بيد أن هذه الظاهرة خلَّفت لنا بين ما خلَّفت آثارًا أدبية، غاية في الطرافة والروعة.

 

سنعرض لبعض هذه النماذج، على أن تحاول المشاركة بالتفكير معنا في محاولة الوقوف على موضع البديع فيها:

ليت شعري!

ليتَ شِعْرِي لكَ عِلمٌ               من سِقامِي يا شَقائي

لك عِلمٌ منْ زفيرِي               ونحولي وضنائي

من سقامي ونحولي             داوني إذْ أنت دائي

يا شقائي وضنائي                أنت دائي ودوائي

 

الأبيات السابقة كتبها صفي الدين الحلي، مبتدعًا فيها طريقة طريفةً، هل التفت إليها؟!
هل لاحظت أخي القارئ الكريم أن هذه الأبيات تُقرأ أفقيًّا ورأسيًّا ولا يتغيَّر منها شيء! حاول قراءتها الآن مسترشدًا بالأرقام الموضحة معها:

ليت شعري!

1                 2               3             4  

   1  ليتَ شِعْرِي     لكَ عِلمٌ        من سِقامِي       يا شَقائي

  لك عِلمٌ        منْ زفيرِي     ونحولي         وضنائي

3   من سقامي     ونحولي       داوني إذْ         أنت دائي

4     يا شقائي       وضنائي       أنت دائي         ودوائي

 

والآن اقرأ الأبيات التالية وتمعَّنها جيدًا:

حَلُمُوا فَمَا سَاءَت لَهُمْ شِيَمٌ        سَمَحُوا فَمَا شَحَّتْ لَهُمْ مِنَنُ

سَلِمُوا فَمَا زَلَّتْ لَهُمْ قَدَمٌ         رَشَدُوا فَلا ضَلَّتْ لَهُمْ سُنَنُ

 

الأبيات السابقة كتبها صاحبها في المدح، غير أن فيها سرًّا طريفًا، حاوِل أن تصل إليه، أو انتظر معرفته في الغد، إن شاء الله تعالى.