صدر كتاب "الرواية التاريخية في أدبنا الحديث.. دراسة تطبيقية" للناقد والمفكر الكبير الدكتور حلمي القاعود؛ يرد فيه على الأفكار والرؤى التي تحبِّذ الانفصال عن الماضي، وترفض التراث جملةً وتفصيلاً، وتلهث- عمدًا أو تضليلاً- وراء كل ما تقذفه نوافذ الغرب الثقافية، ولو كان نفاية موضعها صناديق القمامة.

 

يقول المؤلف: إن كتَّاب الرواية في عصرنا الحديث استوعبوا الدرس جيدًا لإيقاظ أمتهم بالفن، على تفاوت فيما بينهم، فأخذوا يحاولون ويبذلون جهودًا حثيثةً، أثمرت تراثًا هائلاً، يمكن أن نضعه تحت عنوان "الرواية التاريخية"، يحتاج إلى قراءة عميقة تغوص في أعماقه وتكشف مكنوناته.

 

وتوصَّل البحث إلى أن نصوص الرواية التاريخية منذ نشأتها حتى عام 1989م يمكن أن تندرج تحت ثلاثة أقسام من حيث المستوى الفني؛ الأول لا يملك الأسس والمفاهيم الفنية المتكاملة، والثاني يمثل رواية النضج التي استوت على يد روَّاد الحرفة الروائية الذين استوعبوا المقاييس الفنية للرواية، والقسم الثالث والأخير فهو الذي يستفيد من التاريخ عن طريق الاستدعاء بوصفه إطارًا يتحرك من داخله الكاتب ولا يلتزم به حرفيًّا مستعينًا بالخيال الروائي الفضفاض ليعالج قضايا معاصرة وملحَّة.

 

وقد راجع البحث قرابة تسعين روايةً تاريخيةً ركَّز على عدد منها، يبدأ بجرجي زيدان وينتهي بمحمد جبريل، عبر عشرات الأسماء، أمثال محمد فريد أبو حديد، ومحمد عبد الحليم عبدا لله، ونجيب محفوظ، وعبد الحميد جودة السحار، ونجيب الكيلاني، وسعيد العريان.. إلخ.

 

وقد حرصت الدراسة على مراعاة الوضوح والبساطة غير المخلة، والبعد عن الثرثرة واللغو والترهُّل، والابتعاد عن الأساليب الرديئة المتقعرة التي سادت لغة فريق من النقاد المعاصرين.