من المضحكات العربية الأثيرة لدى صُنَّاع القرار في وطننا العربي؛ خاصة في مصرنا المحروسة، هو التغني ليل نهار بأن الإخوان- نعوذ بالله من كل محظور- همهم الأول والأخير من يوم نشأتهم عام 1928م إلى يومنا هذا هو الوصول للسلطة، والعمل بكل الأساليب المشروعة وغير المشروعة للوصول لسدة الحكم، والانقلاب على الشرعية والقانون والدستور!

 

يُضاف إلى ذلك مقولة أخرى، لا تقلُّ عن سابقتها لذاذة وطعامة؛ وهي أن هؤلاء المحظورين- لا قدر الله- تمكنوا من الوصول إلى غايتهم الشريرة، وتمكنوا من امتطاء صهوة جواد الحكم، فلن يتزحزحوا أبدًا، وسينقلبون على كل ما يتشدقون به من ديمقراطية أو شورى كاذبة، يتمسحون بها، ويتمسكنون بالدعوة لها أمام الجماهير الغافلة الساذجة التي تنطلي عليها مثل هذه الأحابيل الشيطانية الماكرة.

 

إن تكرار هذه المقولات الساقطة شرعًا وعقلاً وبطنًا ورِجْلاً، لم تعد في حاجة للرد عليها، غير أن المثير للشفقة أن تتردد هذه الترهات على ألسنة من يعتقد أنهم من أولي الفكر أو على الأقل من يتظاهرون بذلك.

 

إن العمل للوصول إلى الحكم ليس جريمة، بل إن النظم الديمقراطية غاية الأحزاب والسياسيين فيها هو الوصول إلى الحكم.

 

أما منطق الأشياء في مصرنا الحبيبة لا يحتاج إلى تنظير أو قوانين، فطريق السلطة والحكم ولجنة السياسات ورئاسة التحرير ورئاسة الشركات طريقها معروف معروف معروف... يا ولدي!

 

فالأمر لا يحتاج أن يضحي الرجال بسنيّ عمرهم في غيابات سجون الظلم والاستبداد، ولا يحتاج الأمر أن يضحي أحد برزقه وثروته وشقاء عمره بالمصادرة الفاجرة، كما لا يحتاج الأمر إلى أن يقضي الشباب الطاهر حياته بين أروقة أمن الدولة والمعتقلات والسجون.

 

فطريق الحكم في مصرنا معروف معروف معروف... كما سبق أن قلنا.

 

وإذا شئتم اسألوا الإخوة الماركسيين السابقين الذين عرفوا الطريق، فتسلموا مفاتيح حظيرة الثقافة كاملة التشطيب، يسبون من يشاءون من رموز الأمة أو حتى معتقداتها، ويرفعون من شاءوا، ويعطونه الجوائز بداية من التقديرية حتى الجوائز المهلبية، وفق مايتراءى لثقافتهم، ولا ضير إن كان المكرم مزورًا أو "قمني"!

 

إن إصرار بعض الأبواق الخاوية على ترديد مقولات زائفة أكل عليها الزمان، وشرب بعدها حاجة ساقعة، لا يعني إلا أنهم لا يجدون شيئًا ذا بال أو "سيكام" يتهمون به الإخوان، كما تأمرهم به الجهات العليا التي يأتمرون بأمرها.

 

أما كون الإخوان سينقلبون على قواعد اللعبة الديمقراطية إذا وصلوا- لا قدر الله- إلى الحكم فهي مقولة جد مضحكة مبهجة!

 

فلن نقول إن الإخوان قد وصلوا بالفعل إلى الحكم في أماكن كثيرة في العالم، ما رأى الناس انقلابًا ولا يحزنون، بل رأوا قمة التفاني والإخلاص والنزاهة.

 

ولكننا نقول لعل الإخوان هم الذين بهدلوا الدستور حتى لا يصل غيرهم إلى السلطة، أو لعلهم هم الذين يزورون الانتخابات منذ عقود وأساور وحلقان طويلة؛ ليحرموا المنافسين الشرفاء من حقهم الدستوري.

 

إذا عجز البعض أن يفتح فمه أمام ما يحاك جهارًا نهارًا لتأصيل الاستبداد والديكتاتورية والتخلف ونهب ثروات الدولة؛ فمن الأفضل أن يكفي على الخبر مأجورًا، كما يقال في أريافنا ونجوعنا، ولا يظهر شجاعة كاذبة على الإخوان الذين لا يملكون إلا العمل المخلص لوجه الله تعالى أمام سلطة غاشمة، تستخدم كل المحرمات في سبيل وقف مسيرتهم.

 

وإلى أن يُفتح باب السلطة والحكم؛ على جميع أهل المحروسة أن ينعموا بلجنة السياسات وما هو في مستقبلها آتٍ!