لم يكن الجاحظ أبو الفكاهة والسخرية العربية فقط؛ ولكنه أحد كبار الساخرين في العالم، وكان كتابه "البخلاء" أول كتاب يُخصص للحديث عن هذه الظاهرة الاجتماعية في الأدب العالمي، ولعل من أهم مظاهر سخريته عدم تحرجه من رواية ما يضحك؛ حتى لو كان عن نفسه، مثل هذه الرواية:

 

كان (الجاحظ) واقفًا أمام بيته، فمرَّت قربه امرأة حسناء، فابتسمت له، وقالت: لي إليك حاجة.

 

فقال الجاحظ: وما حاجتك؟

 

قالت: أريدك أن تذهب معي.

 

قال: إلى أين؟

 

قالت: اتبعني دون سؤال.

 

فتبعها الجاحظ إلى أن وصلا إلى دكان صائغ، وهناك قالت المرأة للصائغ: مثل هذا، وانصرفت.

 

عندئذٍ سأل الجاحظ الصائغ عن معنى ما قالته المرأة، فقال له: لا مؤاخذة يا سيدي! لقد أتتني المرأة بخاتم، وطلبت مني أن أنقش عليه صورة شيطان، فقلت لها: ما رأيت شيطانًا في حياتي، فأتت بك إلى هنا لظنها أنك تشبهه!.