- د. حمدي حسن: الحكومة حوَّلت عرس الديمقراطية إلى مأتم!

- مجدي عبد الحميد: توثيق الجرائم دليل يدين الحزب الحاكم

- جمال تاج: قوانين معاقبة البلطجية معطل لمصلحة الوطني

- حافظ أبو سعدة: بلطجية انتخابات الشعب 2010م الأكثر عنفًا

 

تحقيق: مي جابر

سيطرت مشاهد العنف والدماء من جانب بلطجية الحزب الوطني على مشهد العملية الانتخابية في انتخابات مجلس الشعب 2010م، والتي وصفها المراقبون بالأشد عنفًا في تاريخ الانتخابات البرلمانية؛ حيث سقط خلالها 16 قتيلاً، بالإضافة إلى أكثر من 100 مصاب في الجولة الأولى من الانتخابات بعددٍ من المحافظات منها: القاهرة، وحلوان، والإسكندرية، وكفر الشيخ، والمنوفية، والشرقية، وشمال سيناء، وأسيوط.

 

وتعرض كلٌّ من النائب صبحي صالح مرشح الجماعة عن دائرة الرمل بمحافظة الإسكندرية، والدكتور سعد الكتاتني عضو مكتب الإرشاد ورئيس الكتلة البرلمانية السابق ومرشح الجماعة عن دائرة بندر المنيا بمحافظة المنيا لمحاولة اغتيال فاشلة على أيدي أنصار الحزب الوطني.

 

ورصد مركز دراسات الوحدة العربية أعمال العنف والبلطجة خلال الانتخابات المصرية في السنوات الماضية، فقدرت ضحايا البلطجة والعنف الانتخابي بمصر في ربع قرن بـ124 قتيلاً، منهم 14 في انتخابات 2005م.

 

ومن الملفت للنظر أن البلطجية تظهر في حِمَى رجال الشرطة، حتى أصبحت الشرطة في خدمة البلطجية وليس الشعب، وربما يمارس رجال الشرطة أعمال البلطجة بأنفسهم، فيقومون بالاعتداء على المدنيين الأبرياء بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي والمطاط لصالح مرشحي الحزب الحاكم.

 

(إخوان أون لاين) استطلع آراء الخبراء والمتخصصين حول هذه الظاهرة.. فإلى التفاصيل:

 

مأتم الانتخابات

 الصورة غير متاحة

د. حمدي حسن

يقول الدكتور حمدي حسن المتحدث الرسمي للكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين سابقًا: إن الحزب الحاكم فشل في التواصل مع المواطنين والحصول على الأغلبية، فلجأ إلى إرهاب المواطنين باستخدام القوة المفرطة في غير محلها؛ لتزوير الانتخابات وتزييف إرادة الناخبين، موضحًا أن ذلك يتم من خلال قوات الشرطة أو البلطجية الذين يستأجرهم مرشحو الحزب.

 

ويضيف أن انتخابات مجلس الشعب الماضية شهدت سقوط 16 شهيدًا بأسلحة بلطجية النظام، بالإضافة إلى العديد من الإصابات، مشيرًا إلى ضحية الانتخابات الشهير طارق غنام الذي سقط شهيدًا بانتخابات 2005م؛ بسبب الغازات المسيلة للدموع التي استخدمتها الشرطة في مواجهة لها مع أنصار مرشحي المعارضة.

 

ويتابع قائلاً: "اعتادت الشرطة تحويل الانتخابات إلى مأتم باستخدام القنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي والمطاط بكثافةٍ في الانتخابات، بالرغم من أنه عرس سياسي الأسلحة الوحيدة المشروعة فيه هو تبادل الآراء وتقبل وجهات النظر ومواجهة الحجة بالحجة".

 

ويصف أنواع البلطجة بأنها وجهان لعملة واحدة؛ حيث إن هناك نوعين من البلطجة؛ يظهر النوع الأول من خلال البلطجية الذين يحتمون في رجال الشرطة، فينتقلون بسياراتها ويرتكبون جرائمهم في ظلِّ حمايتهم، أما النوع الثاني فهو بلطجة رجال الشرطة سواء بزيهم المدني أم الرسمي، مشيرًا إلى أنهم يفتعلون المعارك والمشاجرات بين المواطنين.

 

ويؤكد أن استخدام العنف في الانتخابات يصبُّ بشكلٍ أساسي في مصلحة الحزب الوطني؛ لتستمر العصابات التي تنهب ثروات الوطن في الحكم، ويسيطر الفساد على مجلس الشعب الذي دَوْرُه محاربة هذا الفساد، معتبرًا البرلمان الذي يأتي بعد أعمال العنف والبلطجة برلمانًا غير شرعي.

 

وينصح المواطنين بالتعامل بحذر وحيطة يوم التصويت، فيذهب الناخبون للجان التصويت في جماعات كبيرة العدد وليس فرادى، حتى لا يستطيع البلطجية الاعتداء عليهم، فالكثرة تغلب الشجاعة، مؤكدًا أن ميليشيات الحكومة لا تستطيع إرهاب المواطنين إذا كثرت أعدادهم.

 

ويشدد على أهمية استخدام الآلة الإعلامية في فضح جرائم البلطجة؛ لتوصيل أي مخالفة تحدث في العملية الانتخابية من خلال أجهزة الإعلام سواء التقليدية أو الحديثة مثل (الفيس بوك) و(التويتر) وغيرها.

 

ويطالب المواطنين باحتساب كل أشكال الأذى التي يواجهونها من قِبَل أجهزة النظام البلطجية، في سبيل محاربة الفساد وإحداث الإصلاح والتغيير، فكما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير الشهداء حمزة بن عبد المطلب, ورجل قام في وجه سلطان جائر, فأمره ونهاه فقتله"، موضحًا أن ضريبة الإصلاح ليست رخيصةً أو سهلة.

 

مجموعة منتفعين

 الصورة غير متاحة

د. مجدي عبد الحميد

يشير مجدي عبد الحميد رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، إلى خطورة مثل هذه الأعمال على سير العملية الانتخابية، مرجعًا ظهور مثل هذه الحوادث إلى غياب الديمقراطية والمناخ السياسي السليم والشفافية، بالإضافة إلى سيطرة مجموعةٍ من المنتفعين الذين يسعون لانتزاع حقوق ليست لهم بالقوة.

 

ويوضح أن الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني قامت بتوثيق كل أعمال البلطجة التي حدثت خلال العملية الانتخابية؛ لعرضها على الرأي العام المحلي والعالمي، مؤكدًا أن هذا التوثيق يعمل على فضح وسائل التزوير والضغط على النظام الحاكم من خلاله، فمنظمات المجتمع المدني المعنية بمراقبة العملية الانتخابية تمتلك مصداقية كبيرة في الرأي العام العالمي والمحلي؛ حيث يؤخذ برأيها بمحمل الجد.

 

ويضيف أن عددًا كبيرًا من الشباب المصري قام بتوثيق أعمال الشغب والبلطجة بالصوت والصورة، ونشرها على شبكة (الإنترنت)، فكان لها صدى قوي في كل أنحاء العالم.

 

ويقول: "اشتهرت انتخابات مجلس الشعب لعام 2005م بصورة البلطجي الذي يشهر "سنجة" كبيرة أمام لجنة انتخابية مهددًا جموع الناخبين بعدم دخولهم للإدلاء بأصواتهم، وكانت لهذه الصورة تأثير كبير على الرأي العام العالمي".

 

ويطالب ضحايا بلطجية الانتخابات باللجوء إلى منظمات المجتمع المدني الدفاعية لاسترداد حقوقهم التي تم انتهاكها على أيدي رجال "الوطني".

 

ويؤكد أن أعمال البلطجة تقوم على طرفين أحدهما يريد أن يمارس حقوقه ويأخذها بشكل سلمي، والآخر يرفض تحقيق ذلك مستخدمًا كل الوسائل غير المشروعة لإزالة الطرف الأول من طريقه، موضحًا أن البلطجة لن تزول إلا بانسحاب الطرف الأول لتقليل عدد الضحايا، ولكن في هذا الوقت ستكون العملية الديمقراطية هي الضحية الرئيسية.

 

وزارة "البلطجة"

 الصورة غير متاحة

جمال تاج الدين

ومن جانب آخر يؤكد جمال تاج الدين الأمين العام للجنة الحريات بنقابة المحامين أن مَن يمارس البلطجة ضد مرشحي الإخوان والمعارضة هي وزارة الداخلية، موضحًا أن قوات الأمن نظَّمت اجتماعًا قُبَيل الانتخابات بعدة أيام حشدت فيه 2000 بلطجي في نادي الصيد بالدقي لاستئجارهم؛ لمواجهة مرشحي الإخوان في مقابل 100 جنيه للفرد!.

 

ويستطرد قائلاً: "البلطجي يشهر أسلحته في وجه المواطنين الأبرياء وبجواره عساكر الداخلية التي تحميه وتدعمه وتتستر على جرائمه".

 

ويوضح أن هناك العديد من القوانين التي تعاقب على أعمال البلطجة والإجرام في حقِّ الأبرياء، ولكنها معطلة في ظلِّ نظامٍ نشأ على أكتاف البلطجية والمجرمين وأصحاب السوابق، مشيرًا إلى أن الفاسدين يستعينون بالفاسدين أمثالهم؛ لحماية مصالحهم ونفوذهم.

 

ويضيف أن إثبات أعمال البلطجة يتم من خلال إجراءات قانونية عديدة منها؛ تقديم بلاغ للنيابة وتقديم أدلة تدين المجرمين مثل تصوير الاعتداء والمجرمين وأسلحتهم، حتى يتسنى إثبات جرائم العنف التي تحدث في حقِّ المدنين الأبرياء، مشيرًا إلى إمكانية رفع دعوى ضد وزير الداخلية بصفته مسئولاً عما يمارسه رجال الشرطة من انتهاكات في حقِّ الوطن والأبرياء.

 

عصور الظلام

 الصورة غير متاحة

 حافظ أبو سعدة

وفي سياق متصل يرجع حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أسباب انتشار عمليات البلطجة في الانتخابات إلى أن مَن يقود ويدخل العملية الانتخابية ليسوا سياسيين، مؤكدًا أن هدفهم الوحيد هو تحقيق مصالحهم الخاصة، والحصول على الحصانة والوجاهة والأموال التي يجلبها المنصب لهم.

 

ويرجع سقوط عدد كبير من الضحايا في هذه الانتخابات إلى زيادة عدد المرشحين، والاحتقان بين مرشحي الحزب الوطني أنفسهم؛ بسبب نتائج المجمع الانتخابي، فضلاً عن المنافسة الشرسة بين مرشحي الحزب والمعارضة.

 

ويستنكر أبو سعدة انتشار أعمال البلطجة، واقتتال المرشحين على مقاعد البرلمان بالنهج الذي يعيد مصر إلى عصور الظلام مرةً أخرى، مشيرًا إلى عمليات التضييق التي يمارسها النظام ضد منظمات المجتمع المدني؛ لمراقبة العملية الانتخابية، ورصد أعمال البلطجة والعنف.

 

ويقول: "إن الجميع يرى هذه الانتخابات ظهرت في مشهدٍ مظلمٍ؛ حيث إنه سقط 16 شهيدًا حتى الآن، بالإضافة إلى مئات المصابين، وتعرض مرشحين للاغتيال".

 

ويشدد على أهمية الاستفادة من هذه الأحداث في المستقبل لقرب الانتخابات الرئاسية التي ستُجرى بعد شهور قليلة، مبينًا أن مصر تمرَّ بفترة حرجة الآن تحتاج إلى تضافر جميع الجهود لانتشالها من الفساد المنتشر بها.

 

ويستنكر أبو سعدة جميع أشكال العنف والبلطجة التي تمارسها وزارة الداخلية، منددًا بازدواجية رجالها في التعامل مع مرشحي المعارضة، وعدم العمل على حفاظ أمن الناخبين واللجان الانتخابية؛ حيث التزمت الحياد السلبي الذي يُساهم في احتقان الوضع الراهن.