- أبو بركة: أداؤها متخبط ومرتبك.. وقراراتها خارج اختصاصها

- عوض: مبارك لا يزال يدير الانتخابات.. و"العسكري" متقاعس

- د. السقا: قراراتها اجتهادات.. ومستقبل مصر ليس حقل تجارب

 

تحقيق: الزهراء عامر

حالة من التخبط والارتباك والتراخي الشديد تشهدها اللجنة العليا للانتخابات، بشكل لا يليق بأول انتخابات برلمانية تشهدها مصر بعد الثورة، والتي ستحدد مستقبل مصر في الحقبة التاريخية المقبلة من عمرها السياسي، خاصة أن برلمان الثورة يقع على عاتقه صياغة دستور مصر وعقدها الاجتماعي الجديد.

 

تجاوزات قانونية عدة وقعت فيها اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات البرلمانية المقبلة؛ مثل: "تجريمها لشعارات دستورية أقرها القانون وصدر بحقها أحكام قضائية تؤيدها، وعدم تسليم كشوف الناخبين الكاملة للمرشحين، وشطب بعض المرشحين، وتغيير صفات البعض الآخر، وهو ما خالفته أحكام قضائية أبطلت قرارات اللجنة".

 

أزمة كشوف الناخبين تشير بأصابع الاتهام نحو مهندس تزوير الانتخابات اللواء محمد رفعت قمصان، عضو الأمانة العامة للجنة العليا للانتخابات ومدير إدارة الانتخابات بوزارة الداخلية، خاصةً أن قواعد البيانات الكاملة للناخبين موجودة لدى مديريات الأمن.

 

اختارت اللجنة مجموعة غريبة جدًّا من الرموز الانتخابية غير المنطقية مثل: "ماكينة الحلاقة، خرطوم المطافئ، فرشة الأسنان" إلى جانب الرموز التي أطلق عليها المرشحون "سوق الخضار"؛ مثل: "البصلة، المانجو، الجزر، الموز" كما لم تترك اللجنة العليا للانتخابات "الدولاب" دون الخروج منه ببعض الرموز مثل: "الفستان، قميص البدلة"!، وليس هذا فحسب؛ بل تشابهت الرموز مع بعض؛ مما يصعب على المواطن العادي وخاصة الأميين تمييزها في البطاقة الانتخابية مثل تشابه "كرة السلة وكرة القدم"، و"السمكة، الحوت، الدرفيل"، و"النسر، الصقر"، و"العود، الكمان، الجيتار"، و"المانجو، التفاحة، البرتقالة، ثمرة الزيتون".

 

(إخوان أون لاين) يناقش التجاوزات القانونية للجنة العليا للانتخابات في سطور التحقيق الآتي:

 

 الصورة غير متاحة

 د. أحمد أبو بركة

بداية، يؤكد أحمد أبو بركة، المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة، أن أداء اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات مرتبك ومتخبط، ويعاني من قصور شديد، مرجعًا ذلك إلى جهلها بأهمية المهمة الموكلة إليها، فضلاً عن إصدارها العديد من القرارات خارج اختصاصها.

 

ويضيف أن اللجنة العليا للانتخابات لم تسلم المرشحين نسخة من قاعدة بيانات الناخبين بدوائرهم, ‏ولكنها قامت بتوزيع‏ "سي ‏دي‏"‏ مدمج به بيان بأسماء الناخبين فقط، دون ذكر توزيع هؤلاء الناخبين في النطاق الجغرافي المقيدين به، وأرقام اللجان الانتخابية محل التصويت، موضحًا أن هذا يخالف بما ألزم به القانون بوجوب إعطاء المرشح بيانًا كاملاً عن الناخبين ولجانهم الانتخابية ومقار سكنهم.

 

ويوضح أن الحزب تقدم بـ136 دعوى قضائية ضد اللجنة العليا للانتخابات؛ بسبب استبعادها عددًا من مرشحيه بحجة أنهم غير مستوفين للشروط، وكذلك عدم تسليم كشوف الناخبين للمرشحين، مؤكدًا أن بعض القانونيين يدرسون إعادة هيكلة اللجنة المشرفة على الانتخابات مستقبلاً.

 

تقاعس "العسكري"

ويرى المستشار محمد عوض، رئيس محكمة استئناف الإسكندرية، أن حالة التخبط التي تشهدها اللجنة العليا للانتخابات هي نتاج طبيعي لحالة التخبط التي تشهدها مصر، والتي ترجع إلى تقاعس المجلس العسكري وعدم قيامه بدوره في تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات بإلغاء حالة الطوارئ، وعدم تنفيذ وعوده بإلغاء قانون الطوارئ، وتأخره في إصدار قانون العزل السياسي الذي ولد مشوهًا، ولا يرقى إلى ما كان يأمله الشعب المصري.

 

وينتقد تأخر تسليم الكشوف النهائية للمرشحين، متسائلاً: "هل توجد دولة في العالم تصدر الكشوف النهائية للمرشحين في الانتخابات النيابية قبل الانتخابات بأسبوع واحد؟!"، موضحًا أن الأصل هو إتاحة الكشوف النهائية قبل الانتخابات بـ45 يومًا على الأقل حتى تتمكن الأحزاب والمرشحون من الإعلان عن برامجهم، مؤكدًا أن هذه التجاوزات تدل على أننا ما زلنا نحكم بنظام حسني مبارك، وأن سيناريو انتخابات 2010 يعيد نفسه من جديد.

 

ويضيف أن ضيق المدة بين إعلان الكشوف النهائية ومرحلة الاقتراع تنتج نوعًا من العشوائية في اختيار الناخب للمرشح، لعدم استطاعة الأحزاب المؤثرة عرض برامجها بالشكل المطلوب، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يؤدي إلى أمرين خطيرين، وهما: "إما أن الناخب سيتخذ قرارًا بعدم التصويت لأي حزب، أو أنه سيذهب ولا يعرف من الذي سيصوت له، وبالتالي من الممكن توجيهه والسيطرة على صوته، وبالتالي سيؤثر على مصداقية الانتخابات وسيسمح للفلول باختراق البرلمان".

 

ويوضح أن عدم إعطاء المرشحين كشوف الناخبين انتهاك واضح للمواد 10 و11 و19 و20 من قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 56 والمعدل بالمرسومين 46 و110 لسنة 2011، التي تؤكد ضرورة نشر نسخ إلكترونية للناخبين على مدار العام للكافة، بموقع اللجنة العليا وموقع الحكومة الإلكتروني والحاسب الآلي بالمحافظات، وأن يشتمل ذلك على بيانات كاملة من الناخبين من الاسم ثلاثيًّا على الأقل والنوع والرقم والعنوان والدوائر والمقار واللجان الانتخابية في وقت الانتخابات.

 

ويضيف متهكمًا: "غاب عن اللجنة العليا أن هناك 40% من الشعب المصري أمي، وأن المجتمع المصري مجتمع متعدد يحتوي على نوبيين وعرب في الصحراء ليس لديهم إنترنت ولا يستطيعون معرفة أماكن لجانهم الانتخابية بسهولة".

 

وحول إلغاء الإشراف القضائي على تصويت المصريين بالخارج، وتكليف السفراء والقناصل بهذا الأمر، يؤكد أنه ليس لديه الثقة الكاملة في أن عملية التصويت ستكون عملية سليمة 100%؛ لأن السفراء والقناصل الذين سيتولون مهمة الإشراف على عملية التصويت تابعين للنظام السابق، رافضًا إدخال أصوات لا أحد يعرف مصدرها وإضافتها لعملية الفرز، خاصة أنه لا توجد آلية أو قانون ينظم عملية التصويت الخارجي، محملاً القضاة المشرفين على الانتخابات مسئولية هذه الأصوات التي يشك في صحتها.

 

غموض

 الصورة غير متاحة

د. محمود السقا

من جانبه يتساءل الدكتور محمود السقا، أستاذ القانون بجامعة القاهرة ومستشار رئيس حزب الوفد، عن أساس تصدر اللجنة العليا للانتخابات قراراتها بشطب مرشحين أو تغيير صفتهم أو الامتناع عن إعطائهم رموزًا انتخابية؟ وهل هناك قواعد معينة تعطي لها الحق في اتخاذ هذه القرارات؟، مؤكدًا أن كل قرارات اللجنة ما هي إلا اجتهادات "مرة تصيب ومرة تخيب"، ومعظم قراراتها يكتنفها الغموض، مشددًا على ضرورة إعلان اللجنة عن أسباب وملابسات اتخاذ قراراتها.

 

ويؤكد أن المرحلة الحالية ومستقبل العمل التشريعي ليس حقل تجارب، لذا لا بد من وضع قواعد معينة تسير عليها اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات وتحدد اختصاصها.

 

ويشير إلى أن هناك عدم طمأنينة تجاه هذه اللجنة، وهناك تساؤلات عدة تدور حولها تتعلق بتقسيم الدوائر الذي لم نره في أي دولة من دول العالم، واحتواء الدائرة على أكثر من 7 دوائر في الحالات الطبيعية، وكذلك الكشوف التي تأخرت في إعلانها، ومحاولة عرقلة الاتصال بالجماهير، فضلاً عن مواعيد الانتخابات وتحديدها على ثلاث مراحل، بجانب النظام الانتخابي غير واضح المعالم، بالإضافة إلى أن  قراراتها تنافي التقاليد الانتخابية.

 

تراخٍ وعرقلة

ويرجع الدكتور عاطف البنا، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة، أسباب تأخر اللجنة العليا في إعلان الكشوف النهائية للمرشحين إلى التزام اللجنة بتنفيذ أحكام القضاء التي صدرت والتي لم تصدر، والقانون حاليًّا يلزم المحكمة الإدارية العليا بالفصل في الدعوى وإصدار الأحكام سريعًا، فضلاً عن أنهم استغرقوا وقتًا طويلاً في إصدار القرارات، لأن بعض أعضاء اللجنة ليس لديهم الخبرة الكافية للإشراف على الانتخابات.

 

ويرى أن هناك نوعًا من التراخي في تعامل اللجنة المشرفة على العملية الانتخابية، منتقدًا عرقلة كشوف الناخبين وتوزيعها دون توضيح توزيعهم على اللجان الانتخابية، موضحًا أن هذه الطريقة لم تصعب مهمة المرشح في الاتصال بالجماهير فحسب، بل تجعل الناخبين أنفسهم يعانون صعوبة في معرفة اللجان التي سيصوتون فيها، مطالبًا بالإسراع في إكمال قواعد البيانات الخاصة بالناخبين وتسليمها للمرشحين.

 

وفيما يتعلق بوجود بعض مهندسي تزوير الانتخابات في عهد المخلوع، أمثال اللواء محمد رفعت قمصان وتأثير هؤلاء على أداء اللجنة، يقول البنا: إن الإشراف القضائي الكامل على اللجنة من الهيئات القضائية لا يعطى لعناصر النظام السابق أي سلطة أو رقابة على الانتخابات، إنما يقتصر دورهم على الشق الإداري وجمع البيانات فقط، موضحًا أنه في حالة محاولتهم عرقلة عملية الإشراف فمن حق اللجنة المطالبة باسترداده.