في أول يوم من أيام الانتقال السلمي للسلطة من الجيش إلى المدنيين من أبناء مصر، شاهدنا عرسًا ديمقراطيًّا بمعنى الكلمة، وشاهدنا نماذج رائعة من شعب مصر شبابًا وشيوخًا ونساءً، حيث أصرَّ الشعب على رسم مستقبل مصرنا الحبيبة من خلال المشاركة الفعالة في الانتخابات والنزول للإدلاء بصوته واختيار من يمثله في برلمان الثورة، رغم كل محاولات الإعلاميين الذين ظهروا على شاشات الفضائيات يخوفون الشعب من النزول إلى الشارع، ويصورون هذا اليوم كأنه يوم من أيام حرب داحس والغبراء، وأنه سوف تحدث حرب أهلية وأعمال شغب وبلطجة.. إلى غير ذلك مما سمعناه ورأيناه، ولا أعلم لماذا هذا التهويل الإعلامي؟ ولصالح مَن؟

 

ولكن رغم كل ذلك فقد ردَّ الشعب المصري العظيم على هذه المزاعم بقوة ونزل إلى الشارع مشاركًا في العملية الانتخابية، وقدَّم نماذج رائعة في الحرص على أمن بلده، فرأينا الشباب مشاركين في اللجان الشعبية لتأمين الناخبين واللجان، ورأينا رجالاً من الجيش يحملون سيدة مسنة لتدلي بصوتها، ورأينا الشيخ الكبير الطاعن في السن يحرص كل الحرص على الإدلاء بصوته، وهو يعلم أن صوته هذه المرة لن يذهب هدرًا، ولن تزيف إرادته كما زُيفت من قبل.

 

كما رأينا وعيًا كبيرًا وضميرًا يقظًا لأبناء هذا الشعب الذي حاول البعض بشراء صوته مقابل حفنة من المال كما كان يحدث في العهد البائد، إلا أن الشعب رفض هذه الرشى بقوة وأبلغ عن ذلك الشرطة؛ حيث رفض أهالي الدرب الأحمر رشى الفلول، وأبلغوا عنهم قوات الأمن التي طردتهم من المنطقة، وأكدوا أنهم لن يسمحوا لأي فردٍ أن يسلب إرادتهم أو يعكّر صفو العملية الانتخابية.

 

كما أشادت الصحف الأجنبية بالانتخابات المصرية؛ حيث وصفت وكالة (صوت أمريكا) الأمريكية الانتخابات البرلمانية المصرية التي بدأت يوم الإثنين الماضي بالعلامة الفارقة بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بحكم الرئيس المخلوع حسني مبارك.

 

حقًّا لقد أثبت الشعب المصري أنه جديرٌ بالديمقراطية والحرية والعدالة، وأنه لا صوتَ يعلو فوق صوت الشعب، وأن القرار لن يكون بعد ذلك إلا للشعب، ومهما حاول أعداء الشعب إفشال الديمقراطية في مصر فسوف تذهب محاولاتهم أدراج الرياح أمام إرادة شعب مصر العظيم.

 

ولن ننسى أولاً وأخيرًا توفيق الله لشعب مصر، وحفظ الله للثورة المباركة من بدايتها إلى نهايتها، وإحباط كيد المتآمرين عليها، فلله الفضل والمنة، وله الحمد في الأولى والآخرة.

 

----------
* كاتب صحفي مصري-
[email protected]