أكد المربي علاء أحمد كامل أحد دعاة جماعة الإخوان المسلمين بمحافظة أسوان, أهمية السيرة النبوية في تنشأة الفرد المسلم, وأن من فتح الله قلبه إلي سيرة النبي صلي الله عليه وسلم, وتلقاها علي أنها سيرة حبيب وسيرة محب وإقتداءاً بسيد المرسلين فذلك خير كثير, لما لا وقد كان الناس في الجاهلية كانوا يتلذذون بسير محبيهم ومعشوقيهم, فما بالنا بحبيبنا صلي الله عليه وسلم, وهو حبيب الله, فنري في سيرته تعبد لله عز وجل, يقول تعالي : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً .

 

وقال كامل, إن الناس في دنياهم يتفاخرون بأن فلاناً يحفظ تواريخ الكرة وتاريخ الصناعات, وأحداث السياسة... إلخ, فما بالنا لا نحرص علي أن نحفظ سيرة خير البشر النبي محمد صلي الله عليه وسلم, وأن نتعرف علي سيرته تعرف قلوب ومحبة وأفئدة رقيقة وما حدث في حياته من دروس وأحداث سوف نستفيد منها بكل يقين .

 

وأوضح, خلال اللقاء الأسبوعي للإخوان المسلمين بأسوان بمسجد عبد الرحيم تحت عنوان " رجب أحداث ووقائع ", أن شهر رجب من الأشهر العظيمة والمباركة، وهو شهر العبادة والتوجه إلى الله، وهو الشهر الذي يشكل مقدمة لشهري شعبان ورمضان, وأن من جرب الأنس مع ربه في رجب فسوف يتهيأ لشعبان ورمضان, و لقد كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يدعوا ويفرح بقدوم شهر رجب وشهر شعبان وشهر رمضان ويقول: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان" .

 

  وتطرق كامل, إلي أهم الأحداث والوقائع الكبري والمهمة التي حدثت في شهر رجب, ذكر منها لي سبيل المثال: نشوب معركة اليرموك بين المسلمين بقيادة "خالد بن الوليد" وجموع الروم في وادي اليرموك، وغزوة تبوك التي تعتبر آخر غزوة غزاها الرسول صلوات الله عليه, وذلك بسبب الظروف والملابسات التي ألمت بالنبي والمسلمين في هذه الغزوة, ومعركة حمص بين المسلمين بقيادة المنصور قلاوون سلطان مصر والتتار بقيادة منكوتمر، وقد انتصر المسلمون في هذه المعركة انتصاراً هائلاً، وقد أثمر هذا النصر عن ردع المغول وانحصار دولتهم, وكذلك حدث في رجب ذكرى الإسراء والمعراج تلك الرحلة المباركة التي ما زلنا نستلهم من ذكراها الدروس والعبر والعظات، ففي هذه الليلة انتقلت الريادة إلى أمة جديدة ونبوة جديدة عالمية خالدة لكل الناس, وكذلك الهجرة إلي الحبشة أمام التعذيب والإضطهاد وعدم مقدرة المسلمين على حماية أنفسهم, فأشار عليهم الرسول صلى الله وعليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة قائلا لهم: لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم مخرجاً مما أنتم فيه, وأيضاً إسترداد المسلمين لبيت المقدس بقيادة الناصر صلاح الدين الأيوبي, حيث دخل القدس الشريف، وأدى صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك بعد حوالي 88 عاماً من الإحتلال الصليبي لها، وكان دخول صلاح الدين للقدس بعد إنتصاره الباهر في حطين، ولم يفعل القائد المظفر بالصليبيين عند دخوله القدس ما فعل الصليبيون بالمسلمين من قتل ودموية، بل عفا عنهم، وأعطاهم الأمان، ثم الحرية, وأخيراً إلغاء قرار حل جماعة الإخوان المسلمين الذي أصدرته الحكومة المصرية بإيعاز من الإحتلال الإنجليزي، وذلك في 23 رجب 1370 هـ, الموافق 30 إبريل 1951م .

 

وشدد علي أن أعداء الإسلام لا يلعبون ولا ينامون لأجل القضاء علي هذه الأمة المباركة وهذا الدين الخاتم, وكأنهم وجدوا هذا الشهر العظيم والذي فيه كل هذه الإنتصارات المتتالية والمتكررة, فأرادوا أن يجعلوا من يوم السابع والعشرين يوم حزن علي المسلمين, فكان إعلان المجرم مصطفى كمال أتاتورك، الذي أعلن نفسه رئيسًا للجمهورية التركية، وإسقاط الخلافة الإسلامية وطرد الخليفة العثماني وأسرته خارج البلاد، وإستبدال اللغة العربية باللغة التركية, وبذلك تنجح الجهود الغربية الإستعمارية في تدمير الرباط الروحي بين المسلمين بعد عشرات السنوات من التآمر والمكائد لإسقاط الخلافة . 

 

كما شدد كامل, علي أن الخلافة الإسلامية سوف تعود مرة أخري, وأن الأمل دائماً قائماً في الله رب العالمين, وأن علي أبناء الصحوة الإسلامية أن يقوموا بإيقاظ الغافلين والنائمين من غفوتهم ومن نومهم الذي دام سنين عدداً, خاصة بعد تلك الثورة التي بهرت العالم أجمع، وأحيت الأمة الإسلامية بعد موات، وبرغم إرجاف المرجفين، وتخذيل المنافقين، سوف تنهض الأمة وسوف تعود من جديد وأن كلمات الإمام حسن البنا تحققت بالفعل على أرض الواقع الآن من خلال الحكومة الإسلامية.

 

وحث كامل الحضور علي الصدق والإخلاص مع الله والمبادرة إلي فعل الخيرات, مقدماً المثل لجهود أحد شباب الصحوة من رجال الإخوان المسلمين في حرصه علي المشاركة والمبادرة في أعمال الخير, من خلال منظومة الصف الإسلامي, متنقلاً بين سوريا والصومال وغزة وليبيا كالفارس علي جواده ينتظر الهيعة سائلاً الله حسن الخاتمة في إشارة إلي الأخ الدكتور أسامة فتوح..

 

وقال, إن المتأمل في قول الله تعالي :سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ, يجد أن لحادثة الاسراء والمعراج والربط بينها وبين ما حولها من أحداث يفهم لماذا كانت ليلاً وللنبى خاصة, وذلك لأن هذا الوقت تحديداً كان من الشدة والضيق برسول الله أكثر منه فى أى وقت مضى فان فى هذه الفترة مات عمه أبو طالب الذى كان يمثل حائط الدفاع أمام المشركين, وما كاد يلقى الصدمة الأولى بوفاة عمه حتى جائته الصدمة الكبرى وهى موت خديجة رضى الله عنها وكانت أشد صدمه على نفسه, لأنها كانت من أهم دعائم الثبات والتفريج عن نفس النبى, صلى الله عليه وسلم‏ الذي قال عنها : ‏آمنت بى حين كفر بى الناس، وصدقتنى حين كذبني الناس، وأشركتنى في مالها حين حرمنى الناس، ورزقنى الله ولدها وحرم ولد غيرها .

 

وأضاف, أن في الإسراء والمعراج دروس يجب ألا تغيب عن ذهن الشباب العامل في ميادين الدعوة الإسلامية, فقد نال النبي صلى الله عليه وسلم بهذه المعجزة العالية منزلة لم و لن يحظى بمثلها أحد من أهل السموات والأرض, فما تغير من أدبه شئ, وما تغير تفانيه في الوفاء لرسالته, ومن تواضعه في مخاطبة الناس, لذا فينبغي علي شبابنا العامل للإسلام أن يتعلم وأن يتخلق من أخلاق النبي صلي الله عليه وسلم, وهو يسير في طريق دعوته, و إننا لن نستطيع أن نسع الناس بأموالنا ولا جاهنا ولا عشيرتنا ولا منطقنا وأدلتنا, وإنما نسعهم بحسن الخلق, وبالكلمة الطيبة, وبالبسمة الوادعة, وبالصحبة الوفية, والألفة الحانية, فإن الحرص على كسب القلوب والإيثار صدقة .

 

واوضح  أن أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم في كل زمان ومكان, هم من يستميلوا القلوب إلى جانبهم, وينشروا دعوة ورسالة نبيهم, وأن يرى المحيطين بهم من أهليهم وزملائهم وأساتذتهم صورة حية جذابة للدعوة التي يعيشون فيها ويعملون لأجلها, فلا يحبونهم وحدهم, بل يسارعون إلى الدعوة التي يدعون إليها, فإن التعالي وإستجهال الناس والغلظة كلها مثبطات ومعوقات ومنفرات .

 

ونوه إلي أهمية الصلاة في حياة الفرد المسلم، فللصلاة منزلتها الكبيرة في الإسلام، ومما زادها أهمية وفضلاً، أنها فرضت في ليلة الإسراء والمعراج، وفي هذا إعتناء بها، وزيادة في تشريفها، ومن ثم كانت من آخر ما أوصى به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل موته  .

 

واختتم كامل المحاضرة, بالدعاء بأن يبارك الله لنا في هذه الأيام، وفي هذه الليالي وأن يجعلها فاتحة خير على الإسلام والمسلمين، وأن يرفع رب العالمين عنا هذه الظلمات، وأن يكشف الله عنا البلاء، وأن يفرِج عن إخواننا، وأن يربط على قلوب أهلهم وذويهم وأن يبارك في حياتهم وأرزاقهم، وأن يرزقهم الصبر الجميل، ,أن يحبب إلينا الإيمان وأن يزينه في قلوبنا، وأن يكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، وأن يجعلنا من الراشدين، فضلاً منك ونعمة، اللهم آمين.