لعله يوسف هذا العصر، ذلك الرجل الذي صابر وثابر وابتلاه الله عزَّ وجلَّ بالمحن طوال حياته من سجن واعتقال ومصادرة أمواله حتى قبيل ثورة مصر في 25 يناير في سجون الظالم المستبد، ولكنَّ الله أراد له الحياة الكريمة وخبَّأه لأمرٍ عظيم؛ ليقود نهضة مصر القادمة، وبخاصة في اقتصادها لتتصدر الدول العربية والعالمية، ولترجع إلى مكانتها العظيمة مثلما كانت من قبل.

 

أعلن الإخوان المسلمون يوم 10 فبراير 2011م ليلة تنحي الرئيس المخلوع أمام القوى الوطنية أنهم لن يرشحوا أحدًا من الإخوان للرئاسة، وأمس الحادي والثلاثين من مارس 2012م أعلن فضيلة الدكتور محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين في مؤتمره الصحفي ترشيح المهندس خيرت الشاطر لرئاسة مصر، وقبول استقالته من مكتب الإرشاد، كما رشَّح حزب الحرية والعدالة "الجناح السياسي للإخوان المسلمين" الشاطر رئيسًا لمصر.

 

ومن لحظة الإعلان بدأت الحملة الشعواء والمكيدة للإخوان المسلمين بالاتهام الصريح بـ"الكذابين" و"المتناقضين" حتى على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي "الفيس بوك"، سواء من الإعلام المرئي أو المسموع.

 

فهل حقًّا الإخوان المسلمون يغيرون مبادئهم ويتناقضون مع أنفسهم؟!.

 

هذا ما أجاب عليه الدكتور محمود حسين الأمين العام للجماعة، قائلاً: "لقد كان قرار الشورى بعدم ترشيح مرشحٍ من الإخوان على مدار مجلسيه السابقين، مبنيًّا على مبررات داخلية وخارجية، لضمان نجاح الثورة، لكن أمام تلك التحديات، وجدت الجماعة أن هناك تهديدًا حقيقيًّا للثورة، ولعملية التحول الديمقراطي وانتقال السلطة".

 

وقال: "منذ أن قام الشعب العظيم بثورته التي أسقطت رأس النظام السابق، وتنسمت مصر نسيم الحرية، بدأت بعض المحاولات لعرقلة مسيرة السلطة، وبدأت بمعارضة الاستفتاء الدستوري، ثم معركة الدستور أولاً، ومن بعدها المبادئ الحاكمة، فضلاً عن الجدل القائم حول طريقة الانتخابات سواء بالقوائم أو الفردي، وانتهت بالتوافق بين جميع الأطياف السياسية".

 

وتابع "أنه بعد ذلك بدأت محاولات تعويق أداء مجلس الشعب، ومن ثَمَّ معركة الجمعية التأسيسية، والتي قادتها حملة إعلامية غير عادية، وانسحاب البعض رغم أنهم أبدوا ترحيبهم في البداية، وهو ما تعتبره الجماعة تعويقًا للمسار الديمقراطي".

 

وأكد أن جماعة الإخوان المسلمين حاولت بشتى الطرق الوصول مع كل الجهات إلى توافق حتى تتحمل كل الأطياف مسئولية الوصول إلى برِّ الأمان، فضلاً عن التوافق مع الجميع من أجل الاستقرار الأمني، وتشكيل حكومة توافق وطني، من الأغلبية البرلمانية بمشاركة بقية الأحزاب، دون أي استجابة"!.

 

وقال: إنهم وجدوا تهديدًا بحلِّ مجلسي الشعب والشورى، والإصرار على الحكومة، والدفع بعددٍ من المرشحين الذين ينتمون للنظام البائد، وتعويق عمل الجمعية التأسيسية، ومنه حرص الإخوان من منطلق استشعار المسئولية على الالتزام بما أعلنوه من قبل، وقاموا بالتواصل مع أكثر من شخصية عامة، ولكنهم رفضوا جميعًا وأبدوا اعتذارًا وفقًا لتقديراتهم، وأمام هذه التحديات وبعد دراسة كاملِ الموقف، قرروا الدفع بمرشح منهم.

 

أما الدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة فقال: "إننا من موقع مسئوليتنا وجدنا أهمية أن نتحرك خطوةً للأمام بعد عرقلة محاولاتنا في تكوين حكومة حقيقية لا تصدِّر الأزمات إلى مصر، كما يحدث من حكومة د. كمال الجنزوري، وهو ما استدعانا للترشح للرئاسة في هذه المرحلة من تاريخ مصر".

 

وقال: "إن هذا ليس فيه تغيير للمبادئ وإنما آليات العمل هي ما تتغير طبقًا للمستجدات الكثيرة، موضحًا أن الإخوان كانوا جادين في موقفهم السابق، إلا أن المستجدات وما يحدث على الساحة الإقليمية والسياسية الداخلية والخارجية، دفعتنا إلى تقديم المرشح الرئاسي"، وقال: "إن مصلحة الوطن تعلو على الجميع".

 

إذن مصلحة الوطن هي التي تقتضي ترشيح الإخوان لواحد منهم بعدما رُشحت قيادات فلول الحزب الوطني المنحل للرئاسة، فمِن الأولى ترشيح الأفضل ليقود مصر إلى برِّ الأمان ويستكمل أهداف الثورة المباركة.

 

ابتلاء الرخاء

بدأت الابتلاءات من الله على الصف في الرخاء وهو أشد المحن على الحركة الإسلامية، ففيها يتعرض الصف إلى الفتنة، فمن يشكك في القرار بترشيح الشاطر للرئاسة، ومن يتهم الجماعة بالخيانة والكذب، ومن قدَّم استقالته على الهواء في أحد البرامج الفضائية ومن ومن.......!.

 

أقول لهم أتتذكرون بعد حادث مجلس الوزراء وشارع محمد محمود؟ لقد كانت نفس الفتنة عندما ثار الشباب من الإخوان على قرار الجماعة بعدم النزول إلى الميدان تجنبًا للصدام، وبعدها صدق حدس الإخوان.

 

فلا تستعجلوا أيها الشباب وبخاصة المتحمس منكم القرار، فلنثق في قرار الجماعة، فهم ينظرون إلى المواقف من منظار أوسع مما نرى منه، والأمر لا يُبت فيه إلاّ بعد دراسة متأنية داخل المؤسسات الإخوانية المعنية بالأمر.

 

يا شاطر

إنه ابتلاء من الله للجماعة أولاً ولك خاصة، فلتصبر عليه، وأعانك الله عليه فإنها الأمانة الكبرى على عاتقك، والمصريون كلهم أمامك سواء، كن معهم كما كان سيدنا عمر بن الخطاب مع رعيته.