جدد وزراء الخارجية العرب المجتمعين في القاهرة وعلى رأسهم "أحمد ماهر" رفضهم الاعتراف بمجلس الحكم العراقي على أساس أنه لم يتم انتخابه من الشعب العراقي.

وكانت واشنطن قد عبرت على لسان مساعد وزير الخارجية "وليام بيرنز" عن رغبتها في أن يتمكن المجلس الوزاري من ممارسة سلطات واسعة، مؤكدةً على أهمية مساعدة العراقيين لتولي أمورهم بأنفسهم في أسرع وقت ممكن والاستفادة من الخطوة الأولى المهمة التي تحققت بتشكيل مجلس الحكم الانتقالي للتحرك سريعًا نحو حكومة ذات سيادة كاملة.

وقد طالبت واشنطن دول المنطقة بمعاونة مجلس الحكم الانتقالي باعتباره خطوة مهمة على الطريق الصحيح، إضافةً إلى تشجيع الوزراء الذين يتم تعيينهم ومنحهم الدعم السياسي المطلوب.
ولكن على الرغم من الضغط الأمريكي على كل من مصر والسعودية وجامعة الدول العربية من أجل الاعتراف بمجلس الحكم العراقي، جددت القاهرة والرياض أثناء القمة السعودية المصرية رفضها الاعتراف بمجلس الحكم الانتقالي في بغداد، على أساس أنه لا يمثل حقيقة الشعب العراقي.

ومن ثم طالبت القاهرة على لسان وزير خارجيتها "أحمد ماهر" بضرورة أن يتولى الشعب العراقي المسئولية كاملةً في ما يتعلق بممارسة سياسته وأن يكون حرًا ومستقلاً، وأن يكون الخيار هو خيار الشعب العراقي، مؤكدةً أهمية أن تساهم الأمم المتحدة بدور فعال في تحقيق ذلك.
والمشكلة التي يواجهها مجلس الحكم في العراق بالإضافة إلى عدم شرعيته، وعدم ديمقراطيته، هي نظرة الشك التي ينظر بها إلى أعضائه المعينين من قبل الحاكم الأمريكي للعراق، الأمر الذي بما يعني أن ولاءهم الأول لن يكون للشعب العراقي، وإنما سيكون للمحتل فضلاً عن أنهم سيعملون على تنفيذ سياساته التي تحدم مصالحه بأكثر مما تحدم مصالح الشعب العراقي.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فلكي يتم الاعتراف بهذا المجلس لا بد ألا يكون معينًا من قبل الولايات المتحدة باعتبارها دولة محتلة، وإنما من قبل الأمم المتحدة، وهذا ما تطالب به الدول العربية، حتى يكون الاعتراف به منطلقًا من أرضية لها منطقيتها وتحت اسم وعنوان الشرعية الدولية، خصوصًا وأن هناك الآن انقسامًا في مجلس الأمن على شرعية مجلس الحكم.

وإذا استمر هذا الوضع على ما هو عليه فإن بقاء مجلس الحكم في العراق قد يكون معرضًا للانهيار لعدم حصوله على الشرعية، وإذا لم تصعد الولايات المتحدة الضغط على الدول العربية مثلما هو حادث الآن من أجل إعطاء الشرعية لمجلس الحكم عن طريق الاعتراف به، ودعمه.
ومن ثم سيكون على الشعب العراقي وحده مسؤولية رفض هذا المجلس باعتباره يمثل مصالح المحتل، والعمل بكل قوة من أجل انتخاب حكومة عراقية ديمقراطية تمثل الشعب العراقي وتحمي مصالحه.

إلا أنه يضعف من الموقف العربي.. التشرذم والتراجع الذي يحول دون اعتماد موقف واحد واضح وصريح يلتزم صالح الشعب العراقي والعالم العربي كله، وهو الأمر الذي يجعل فريقًا من المراقبين يقولون إنه ليس من المستبعد- في ظل الوضع العربي الراهن والضغوط الأمريكية المتصاعدة على العواصم العربية- أن يكون هناك تعديل أو تغيير في الموقف العربي الرسمي من المجلس الانتقالي في العراق وأيضًا من إرسال قوات عربية للعراق.